تستغرق زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس لمصر التي تبدأ اليوم الجمعة 27 ساعة، موزعة على يومين في 6 محطات بارزة بالعاصمة القاهرة ومحيطها، تحت حراسة مشددة وإجراءات أمنية غير مسبوقة بمشاركة 35 ألف عنصر أمن. وتأتي الزيارة بعد نحو 20 يوماً، على تفجيرين ضربا كنيستين شمالي البلاد في التاسع من أبريل الجاري، وأسفرا عن مقتل 46 شخصاً وإصابة العشرات. وحدد متحدث ديني مسيحي مسؤول عن الزيارة، ومفكر إسلامي 5 مكاسب للفاتيكان ومصر، من رحلة البابا، تتمثل في طمأنة مسحيي الشرق، وإعادة تفعيل حوار الأديان، وترسيخ دور الفاتيكان في المنطقة، في مقابل التأكيد على استقرار مصر، والمساعدة على تعزيز دورها في الشرق الأوسط، بحسب الأناضول. لكن قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بالقاهرة بدايات العام الماضي، قد تطرح بـ"أقصى قدر من التكتم" في الزيارة، وفق وصف المتحدث باسم الفاتيكان، غريغ بورك، في تصريحات صحفية منتصف الأسبوع المنقضي. وأبرز محاور زيارة البابا وفق رصد الأناضول للبيانات والتصريحات الرسمية كالتالي: **شعار الزيارة.. مصر والسلام والوحدة الوطنية -عبارة "بابا السلام فى مصر السلام"، باللغتين الإنجليزية والعربية، مع صورة البابا فرنسيس، وحمامة السلام والأهرامات المصرية والنيل والصليب والهلال. الشعار منتشر في لافتات ضخمة أعلى الجسور وبالميادين الكبرى في القاهرة. **27 ساعة .. من المطار وإليه يعود خلت زيارة البابا هذه المرة من التوجه لسيناء (شمال شرق) التي تشهد حاليا هجمات دامية لمسلحين، لاسيما ضد المقار الأمنية، وذلك بخلاف آخر زيارة لبابا الفاتيكان إلى مصر التي كانت في فبراير عام 2000 عندما زار البابا الراحل، يوحنا بولس الثاني مصر وتجول وقتها في القاهرة وسيناء. زيارة فرنسيس اليوم، التي تحفظ أكثر من متحدث كنسي في أحاديث منفصلة للأناضول على إضافة تفاصيل خاصة بمواعيدها التزاما بتعليمات أمنية، تستغرق 27 ساعة، في 6 محطات رئيسية موزعة على يومين أبرزها قداس يقام في استاد رياضي تابع للجيش: • الجمعة 28 أبريل 2017 (يوم المسؤولين) يصل البابا بعد ظهر اليوم إلى مطار القاهرة ومراسم استقبال رسمية، تليها 6 زيارات ومقابلات:
1- مقابلة البابا للرئيس عبد الفتاح السيسي، في القصر الرئاسي شرق القاهرة.
2- زيارة البابا لشيخ الأزهر، أحمد الطيّب بمقر المشيخة على أن يتوجّه البابا بعدها برفقة الطيب إلى المؤتمر العالمي للسلام (بقاعة المؤتمرات شرقي العاصمة) حيث يلقي كل منهما كلمة أمام المؤتمر.
3- لقاء البابا بممثلين عن السلطات المدنية وأعضاء السلك الدبلوماسي (لم يكشف عن أسمائهم بعد)، في أحد الفنادق وكلمة محتملة للبابا والرئيس عبد الفتاح السيسي.
4- زيارة إلى البابا تواضروس الثاني، رأس الكنيسة الأرثوذكسية، الممثلة للطائفة المسيحية الأكبر بمصر، وسيلقي كل منهما كلمة عقب اللقاء المشترك بمقر كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس شرقي القاهرة، فضلا عن زيارة الكنيسة البطرسية التي شهدت تفجيرا إرهابيا أواخر العام الماضي، الملاصقة للكاتدرائية. • السبت 29 أبريل (يوم كنسي) 5- الساعة الـ 10 صباحا بداية قداس يترأسه البابا ويليها تناول الغداء مع رجال دين مسيحي. رغم أنه كان مقررا له الصالة المغطاة لاستاد القاهرة، إلا أن الأب بطرس دانيال أحد منسقي اللقاء قال في تصريحات صحفية، مؤخرا إن القداس الذي سيمتد لأكثر من 3 ساعات سيقام باستاد الدفاع الجوي الذي يتبع الجيش المصري، شرقي العاصمة، الذي يضم مقاعد لنحو 30 ألف شخص، إلا أن دانيال لم يذكر عدد الأشخاص المقرر حضورهم. وكشف أنه من المقرر أن يتحدث البابا لأول مرة خلال القداس ببعض العبارات باللغة العربية بحضور خاص لأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين عادة ما يستحوذون على اهتمامات البابا في مناسبات عدة. 6- 3 عصرا لقاء البابا برموز دينية من الطائفة الكاثوليكية بمصر التي تتبع الفاتيكان. الـ 5 مساءً يغادر البابا مصر عبر مطار القاهرة. وبخلاف ذلك الجدول المعلن، ترددت أنباء أن فرنسيس ربما يزور بعض المناطق الأثرية ذات الطابع الديني بالقاهرة مثل منطقة مجمع الأديان وسط العاصمة، وسفارة الفاتيكان. **عربة مغلقة .. لا مكشوفة ولا مصفحة وسيلة تنقل بابا الفاتيكان في مصر، كانت من أهم المواضيع التي أثير حولها جدل، ما بين سيارة مصفحة، أم مكشوفة. والإثنين الماضي، قال مدير دار الصحافة الفاتيكانية (المتحدث باسم الفاتيكان)، غريغ بورك، إن البابا فرنسيس "لا يريد استخدام سيارة مصفحة (..) وسيستخدم سيارة مغلقة، وهذا وفقاً لإرادته". **تأمين مشدد و"غير مسبوق" إجراءات تأمين مشددة وغير مسبوقة للزيارة، يشرف عليها وزير الداخلية المصري اللواء مجدي عبد الغفار، بمشاركة 35 ألف جندي وضابط، وفق ما أوردته تقارير صحفية محلية. وحسب المصادر ذاتها تدفع الأجهزة الأمنية بقوات ضخمة لم تحدد أعدادها لتأمين المناطق التى سيتردد عليها "البابا" لدى زيارته، منذ وصوله للمطار وحتى مغادرته للقاهرة، خاصة بمحيط استاد الدفاع الجوى ومقر مشيخة الأزهر، فضلا عن مقر إقامته غير المعروف لأسباب أمنية. **ريجيني و"أقصى قدر من التكتم" وفيما يتعلق بإمكانية طرح قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، بالقاهرة قبل نحو عام، قال المتحدث باسم الفاتيكان، غريغ بورك الإثنين الماضي : "حكومة الفاتيكان عندما تستطيع أن تستجيب لقضايا إنسانية مثل هذه، فهي تفعل ذلك لكن مع أقصى قدر من التكتم". وأوضح أن حكومة الفاتيكان "تعمل بطريقة هادئة وفعالة، وعلى أي حال، البابا (فرنسيس) على علم بالقضية، وقد صلى له وهو يشارك العائلة في أحزانها". ومرارًا، اتهمت السلطات الإيطالية نظيرتها المصرية بعدم التعاون كما يجب في التحقيقات بشأن الحادث، ورغم نفي مصر، فقد استدعت روما سفيرها من القاهرة، في أبريل الماضي، للتشاور معه حول القضية، ولم ترسل سفيرا جديدا إلى مصر حتى الآن. **2 مقابل 3 و5 مكاسب هامة أمران نظرت لهما الحكومة المصرية من وراء زيارة البابا، هما أنها "رسالة قوية بأن مصر آمنة ومؤشر علي أهمية دورها في استقرار المنطقة"، وفق رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل في تصريحات صحفية مؤخرا. أما بابا الفاتيكان فرنسيس حدد في كلمة مصورة الثلاثاء الماضي، 3 ملامح تشكل الزيارة أولها "عناق تعزية وتشجيع لجميع مسيحيي الشرق الأوسط"، وثانيها "رسالة أخوة ومصالحة بين جميع أبناء إبراهيم، وبصفة خاصة، مع العالم الإسلامي الذي تحتل مصر فيه مكانة رفيعة"، وثالثها "تشكيل إسهام مفيد في حوار الأديان مع العالم الإسلامي". من منظور التحليل لا يختلف كثيرا كمال حبيب المفكر المصري، المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، عما سبق حيث قال للأناضول، إن 3 مكاسب هامة سيحصدها البابا من زيارته مصر، هي "طمأنة المسحيين وترسيخ أكثر لدور الفاتيكان بالمنطقة وبداية عودة لحوار الأديان والسلام مع مؤسسة الأزهر" ومكسبان تسعى لهما القاهرة، وفق المفكر المصري هما "التأكيد على أن مصر مستقرة، لم تؤثر التفجيرات على استقرارها، وثانيا التأكيد على دور مصر المحوري بالمنطقة". وقريب من هذا الطرح ، يحدد الأب رفيق جريش، المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية المصرية، وعضو اللجنة المنظمة للزيارة في تصريح للأناضول، 3 مكاسب من زيارة البابا هي: "إشارة للسلام، وبناء جسور مع الجميع، وشدّ انتباه العالم صوب مصر". ويعزز الأب إبراهيم إسحق، رأس الكنيسة الكاثوليكية المصرية، هذا الرأي في تصريحات متلفزة سابقة، بقوله إن زيارة البابا تؤكد على دور مصر الهام في العالم. وشهدت العلاقة بين الأزهر والفاتيكان، توترا لافتا، في عهد البابا السابق بنديكت السادس عشر، إثر اقتباس الأخير في محاضرة كان يلقيها، في سبتمبر 2006، لطلبة كلية دينية، في جامعة ألمانية، مقولة لأحد الفلاسفة يربط فيها بين الإسلام والعنف، ما أثار استياء الأزهر، في ذلك الوقت. وبسبب ذلك التصريح، قرر محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، تجميد الحوار مع الفاتيكان، عام 2006، لمدة عامين. وفي العام 2011، عاد الطيب، إلى تجميد الحوار، بعد تصريحات لـ"البابا بنديكت"، طالب فيها بحماية المسيحيين في مصر، عقب استهداف تفجير لكنيسة القديسين في الإسكندرية شمالي البلاد. غير أن الجليد ذاب في نوفمبر 2014، حين التقى السيسي، البابا فرنسيس، في زيارة هي الأولى من نوعها للرئيس المصري إلى الفاتيكان، بعد وصوله إلى السلطة، في يونيو 2014. وأكد السيسي تطلعه للترحيب بالبابا فرنسيس في مصر في ذكرى مرور 70 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين. وتلت زيارة السيسي، بعدها بعام أخرى من شيخ الأزهر لفرنسيس في مايو 2016، بحثا خلالها عدة قضايا بينها "السلام في العالم ونبذ العنف والإرهاب ووضع المسيحيين في الشرق الأوسط، في إطار النزاعات والتوتر بالمنطقة".