ينتظر معتصم منذ يومين بفارغ الصبر قرارا فاصلا من المحكمة العمالية بالإسكندرية يبدد متاعب ثلاث سنوات قضاها بين أروقة المحكمة بعدما فصلته شركة لورد انترناشيونال في 2014 في أعقاب احتجاج عمالي رافض لقرار الشركة بخصم حوافز العاملين.
"لم استطع اليوم معرفة قرار المحكمة الذي انتظره منذ وقت طويل، بسبب مشكلة في الإجراءات"،يقول معتصم مدحت بنبرة قلقة على مستقبله،راجيا أن تكون المحكمة وضعت حدا لانتظاره الذي طال لسنوات تبدلت فيهم حياته من النقيض للنقيض.
ويضيف معتصم لـ"مصر العربية" أن الأزمة بدأت في أبريل 2014 عندما قررت الشركة -التي تقع بالمنطقة الحرة بالعامرية في الأسكندرية - خصم 10% من حوافز العاملين بعد ارتفاع أسعار الكهرباء، تعويضا لخسارتها.
قرار الشركة أثار حفيظة العمال الذين توقعوا أن ترفع الإدارة رواتبهم بسبب موجة الغلاء التي بدأت حينها، فاحتج عمال الإنتاج على القرار و تظاهروا، لكن إدارة الشركة هددتهم بإغلاق المصنع ، بحسب معتصم .
معتصم الشاب الثلاثيني -الذي كان يعمل أمين مخازن - قرر حينها بصفته أحد أعضاء اللجنة النقابية التي تأسست في 2011 التفاوض مع إدارة الشركة لتدارك الموقف ،لكن الإدارة حررت ضده محضر بالتحريض على الإضراب و التظاهر، بعدما وعدت العمال بتحقيق مطالبهم و عادوا للعمل في 1 مايو .
بعد عيد العمال بيومين فقط ،أحالت إدارة الشركة معتصم للتحقيق بتهمة نشر أخبار كاذبة و التحريض على الإضراب ، وكانت جلسة تحقيق واحدة كافية لأن تصدر إدارة الشركة قرارها في 22 مايو بفصل معتصم بعد خمس سنوات قضاها في الشركة.
انتظم العمال في صفوف يودعون زميلهم الشاب الثلاثيني، ممتنعين عن العمل تضامنا مع معتصم الذي أخرجه الأمن بالقوة حينها خارج أبواب الشركة ليبدأ معركته مع إدارة الشركة في ساحات القضاء.
اهتزت أركان حياة معتصم الذي تزوج قبل فصله بعامين ورزقه الله بطفل، معولا على راتبه الثابت، لكنه ذهب أدراج الرياح فانتقل من الحي الذي كان يعيش فيه إلى آخر أقل من حيث المستوى يستطيع دفع ثمن إيجار شقة فيه ، تناسب وضعه الجديد.
"بقت معايا وصمة عار،، أنا مفصول " يقول معتصم بنبرة أسى على الحال الذي وصل إليه، إذ وجد صعوبة كبيرة خلال السنوات الماضية في إيجاد عمل بسبب فصله فأًصبح متنقلا بين الوظائف المختلفة لا يلبث يعمل في واحدة حتى يتركها وينتقل إلى غيرها.
يسأل أرباب العمل دائما معتصم عن أسباب فصله متوجسين ،خشية أن يكون متهما بجرائم مخلة بالشرف نظرا لأنه كان يعمل أمين مخازن، لكن فور علمهم أن سبب الفصل نتيجة دفاعه عن حقوق العمال تكون المصيبة أعظم و بهذا لم يستطع أن يجد عملا ثابتا خلال السنوات الثلاثة ، بحسب معتصم .
"تمسكت باللجوء للمحكمة العمالية رغم بطء الإجراءات للمطالبة بالعودة للعمل " يقول معتصم، مضيفا أن إصراره على العودة حتى لا يخشى العمال بعد ذلك من المطالبة بحقوقهم المادية و تحسين شروط العمل خوفا من الفصل و التشريد.
يعتبر معتصم نفسه أفضل حالا من زملائه الذين ظلت قضاياهم داخل أروقة المحاكم العمالية لأكثر من أربع سنوات، ويرجع طوال أمد مدة التقاضي في قضيته إلى عدم حضور القاضي أحيانا أو عدم حضور ممثل الشركة و أحيانا أخرى دفع الشركة بكونها لا ينطبق عليها قانون العمل 12 لسنة 2003.
معتصم يرى أن قانون العمل الجديد الذي يناقشه مجلس النواب حاليا لابد أن ينص بشكل واضح على طرق المفاوضة الجماعية و إحكام الرقابة عليها حتى لا تستطيع إدارات الشركات رفضها أو التنصل منها.
يريد معتصم أن يكون هناك إشراف من المنظمة النقابية في أي شركة على التحقيق مع العمال لضمان نزاهته ، كما يأمل أن تخفض المحاكم العمالية المتخصصة التي نص عليها المشروع الجديد أمد التقاضي، حتى لا تتكر مأساته مع عمال آخرين في الفترة المقبلة .