بعد تعديلات «النقض والشهود».. حقوقيون يتساءلون حول مصير العدالة

جانب من إحدى المحاكمات

أربعة قوانين منظمة لإجراء المحاكمات صدرت الخميس الماضي، تضمنت تعديلات تتعلق بإجراءات الطعن أمام النقض وسماع الشهود والأحكام الغيابية.

 

 

تعديلات النقض

المادة 39 جاءت لتنص على "إذا قدم الطعن أو أسبابه بعد الميعاد تقضى المحكمة بعدم قبوله شكلا، وإذا كان الطعن مقبولا وكان مبنيا على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون. وإذا كان الطعن مبنيا على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، تنقض المحكمة الحكم وتنظر موضوعه، ويتبع في ذلك الأصول المقررة قانونا عن الجريمة التي وقعت، ويكون الحكم الصادر في جميع الأحوال حضوريا".

 

 

ناصر أمين، المحامي الحقوقي، علق بأن تلك التعديلات ستخلق أزمة كبرى خاصة بتحويل محكمة النقض لمحكمة موضوع بعد أن كانت محكمة شكل خاصة إذا كان الطعن متعلقا ببعض الدفوع الخاصة بالمحامين.

 

 

وقال لـ"مصر العربية" إن الأمر سيحدث تضخما في عدد القضايا التي يمكن أن تنظرها محكمة النقض، وهي في غير استعداد فني وإداري، ويخرج محكمة النقض عن سياقها باعتبارها محكمة قانون وليس موضوع.

 

 

وأشار إلى أن إعادة القضايا للمحكمة المختصة كان يفرز كثير منها ولا يعاد لمحكمة النقض إلا القليل والنادر والذي يحتاج لتصدي محكمة النقض له.

 

 

عزت غنيم، مدير التنسيقية المصرية، يرى أن محكمة النقض ليس لها خبرة سابقة في الفصل بالدعاوي وتفاصيلها حتى يمكنها أن تتصدى لها من الدرجة الأولي، مؤكداً أن الأمر يعد إخلالا بدرجات التقاضي في المحاكمة.

 

 

من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها بعنوان :"التعديلات القمعية باسم مكافحة الإرهاب: مسمار آخر في نعش معايير المحاكمات العادلة في مصر"، إن التعديلات الخاصة بمرحلة النقض يعد "إلغاء لضمانة رئيسية من ضمانات المحاكمات العادلة بالنسبة للأشخاض الذين أدانتهم الدوائر الخاصة بالإرهاب في المحاكم الجنائية."

 

 

وأعلنت عن خشيتها أن تؤدي تلك المادة لـ"تسريع تنفيذ أحكام الإعدام وتعريض مئات الأشخاص لخطر الإعدام إثر إجراءات قضائية مستعجلة، بعد أن كانت إعادة المحاكمة بمثابة ضمانات فعالة وأسهمت في تقليص عدد من الأشخاص الذين حُكم عليهم بالإعدام في مصر."

 

 

تعديلات الشهود

المادة 277 من التعديلات نصت على: “وتقرر المحكمة ما تراه لازما لسماع من ترى لزوم سماع شهاداتهم"، الأمر الذي اعتبره "أمين" إخلال بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، التي يعد أحد معايرها تكافئ في أسلحة الدفاع ما بين النيابة العامة والدفاع والمدعين بالحق المدني، مما يشكل طعناً في عدالة المحاكمات التي ستطبق هذا النص.

 

 

أوضح أمين أن الاستعانة بالشهود يعد من أهم وسائل الدفاع للمتهمين خاصة في قضايا الجنايات، التي كان عدم سماع الشهود أو الخطـأ في سماعهم أحد أهم أسباب نقض تلك الأحكام، لكن هذا الخطأ أصبح مقننا، بحد وصفه.

 

 

أكد أن هذه الأحكام ستذهب للنقض الآن ولن تستطيع المحكمة وقفها أو التصدي لها، لأنها أصبحت قانونية ولن يستطيع المحامون الدفع بالإخلال بحق الدفاع.

 

 

ويرى أمين أن قانون الإجراءات الجنائية لم يكن في حاجة إلى تلك التعديلات، مشيرا إلى أنها لا تضمن سرعة الإجراءات وضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة.

 

 

وأضاف أن التعديلات التي كانت مطلوبة تتعلق أكثر بتسريع المحاكمات في الجزء الخاص بالهيئات المعاونة للمحكمة كالخبراء والطب الشرعي، مؤكدا  أن التعديلات كانت يجب أن تطال هذه القوانين المنظمة لعملهم لتكون المحاكمات أسهل وأسرع.

 

 

العفو الدولية أوضحت أن التعديلات على قانون الإجراءات الجنائية تقوض الحق في الدفاع.

 

 

وأضافت أن التعديلات أعطت صلاحيات تجاهل أو رفض السماع لكل الشهود أو بعضهم، معتبرة أنه يقوض الحق في الدفاع ومبدأ افتراض البراءة، خاصة وأن النظام الجنائي المصري له سجل مريع في الاستناد إلي شهود الشرطة فقط لإدانة المتهمين في محاكمات جماعية، بحسب التقرير.

 

 

وألغت التعديلات المادة 384 و 395 الخاصة بشرط حضور المتهم أو محاميه للمحكمة عند إصدار الحكم، ما اعتبره التقرير تقويضا للحق في إعادة المحاكمة أمام المحكمة نفسها وفي نفس درجة التقاضي.

 

 

أحمد فوزي، المحامي والأمين العام للحزب المصري الديمقراطي سابقا، وصف التعديلات بـ"الأخطر" على مرفق العدالة ومهنة المحاماة وحقوق المواطن في محاكمات عادلة منصفة .

 

 

وأضاف في تدوينه له اليوم أن مناقشة شهود الإثبات كان السند الرئيسي في كثير من القضايا، لكن الآن التعديلات جعلتها خاضعة لرغبة القاضي، معلقا:"التعديلات تقضي على ما تبقى من مهمة المحاماة وما تبقى من ضمان لحد أدنى من محاكمة عادلة ومنصفة".

مقالات متعلقة