توج فريق بايرن ميونخ، ببطولة الدوري للمرة الـ27 في تاريخه، والخامسة على التوالي، بعد فوزه على نظيره فولفسبورج بسداسية نظيفة، في الجولة الـ31، ضمن منافسات الدوري الألماني.
وفاز العملاق البافاري "كالعادة" ببطولة قبل انتهاء الموسم، ولكن هذه المرة متأخرة قليلًا، إذ توج بالبطولة قبل 3 جولات من انتهاء المسابقة.
ويُعد هذا الموسم ليس بالجيد لجماهير بايرن ميونخ، بعد الخسارة من الغريم التقليدي بروسيا دورتموند في نصف نهائي بطولة كأس ألمانيا، والخروج من ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، على يد فريق ريال مدريد الإسباني، بعد الفوز عليه ذهابًا وإيابًا، وهو ما أثار غضب الجمهور البافاري، لأنهم ينتظرون الكأس ذات الأذنين منذ 4 سنوات، إذ آخر تتويج للفريق بالبطولة الأكبر للفرق في أوروبا كان عام 2013، تحت قيادة المدرب يوب هاينكس.
ويرصد "ستاد مصر العربية" الأسباب والعوامل التي أدت إلى فوز بايرن ميونخ ببطولة الدوري فقط هذا الموسم، في التقرير التالي:
قبل الدخول في تفاصيل وأسباب فشل بايرن ميونخ ببطولة دوري أوروبا، وكأس ألمانيا، ووصف الموسم الحالي للبافاري، بغير الجيد، يجب إيضاح أن بطولة الدوري المحلي لأي فريق على مستوى العالم هي إنجاز كبير، إذ تظل جميع الفرق في منافسة لمدة عام كامل، للتويج بالبطولة الأكبر محليًا، وهناك العديد من الفرق تعاني من عدم الفوز ببطولة الدوري.
ولكن في وضع بايرن ميونخ، الأمر يختلف، فهو الفريق الميسطر على الكرة الألمانية، سيطرة تامة، لأكثر من 5 سنوات، فهو عملاق البوندسليجا، وأول فريق في تاريخها يفوز بالبطولة خمس مرات متتالية، كما أن ضعف المنافسين وخوفهم من اسم البافاري عاملاً قويًا في الفوز بالبطولة.
ومن الطبيعي أن تكون جماهير بايرن غير راضية، كل الرضا عن فريقها الذي حقق البطولة المعتادة، ولكنهم كانوا طامعين للفوز ببطولة دوري الأبطال.
"لقب واحد بالنسبة لنا في الموسم شيء قليل"، هكذا علق أولي هونيس، رئيس نادي بايرن ميونخ، عقب التتويج ببطولة الدوري.
وأضاف: "لقد قلت دائمًا أن لقب الدوري الألماني هو البطولة الأهم".
عدم وجود البدائل والإصابات أسباب تعثر البافاري
واجه الإيطالي كارلو أنشيلوتي، المدير الفني لبايرن ميونخ، عقبة كبيرة في دور ربع نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا، إذ لقي نفسه أمام ريال مدريد بدون قلبي الدفاع الأساسين، ماتس هوميلز، وجيروم بواتينج، بسبب الإصابة وعدم وجود بدائل على مستواهما للتعويض.
كما تعرض المهاجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي للإصابة، ليغيب عن مباراة الذهاب التي ظهر فيها الفريق بصورة باهتة على ملعب "أليانز أرينا"، معقل البافاري، في ظل عدم وجود مهاجم بديل قوي مثل الدولي البولندي.
عدم وجود حارس بديل قوي للعملاق مانويل نوير، الذي بعد تعرضه للإصابة، أصبح عرين البافاري هشًا بعد الاعتماد على أولريخ.
واضطر أنشيلوتي للدفع بخافي مارتينيز، كقلب دفاع، رغم أنه ليس مكانه، حيث يلعب في وسط الملعب، ولكن جرت العادة في الأعوام الأخيرة، منذ قدوم جوارديولا، على الاعتماد عليه كمدافع.
عدم الاعتماد على الأجنحة بشكل كبير
باستثناء ظهور الهولندي أريين روبن، والفرنسي فرانك ريبري، بمهارتهما الفردية، في بعض المباريات، لم نشاهد الفريق البافاري يبني هجمات في وسط الملعب، كما كان في عهد بيب جوارديولا، المدرب السابق للفريق، الذي كان يعتمد على طريقة "تيكا تاكا".
ولكن اعتمد الفريق على الكرات الطولية، إذ يسعى غالبًا للوصول لمرمى الخصم من أقصر الطرق، وهو ما جعل معدل التهديف لمهاجمي الفريق، مثل توماس مولر، في انخفاض عن المواسم الماضية.
كما أن عدم الاعتماد على بعض اللاعبين الشباب، أمثال دوجلاس كوستا، وكينجسلي كومان، أفقد بايرن التوازن في الأعمار في الملعب، وافتقد لعنصر الشباب، رغم توهج اللاعبين قبل ذلك مع الفريق.
ويعتمد كارلو، بشكل أكبر على تواجد الأجنحة بقرب منطقة الجزاء، في دور أقرب كثيرًا للمهاجم الثانوي منه للجناح الكلاسيكي، والذي بات يترك مهمته للظهيرين، فيليب لام يمينًا، وديفيد ألابا، أو خوان بيرنات يسارًا، للتقدم، من أجل إرسال العرضيات، حينما يتطلب الأمر، ما يفسر انتعاش مسيرة الثنائي المتقدم في السن نوعًا ما "روبين وريبيري"، بفضل إتقان الأخيرين ببراعة لمهارة التوغل القطري بالقدم العكسية تجاه منطقة جزاء الخصوم.
الاهتمام بالنتائج أكثر من الأداء
يُعرف المخضرم أنشيلوتي، بالكلاسيكية الكروية، إذ أنه يهتم بالنتائج أكثر من أداء الفريق على أرضية المباراة، عكس المدرب السابق بيب، الذي تشهد خطته الكثير من التمريرات الدقيقة والاستحواذ، ولكن كارلو أصبح أقل إبداعًا، وأقل جودةً ودقةً في التمريرات.
ولكن لإحقاق الحق، كان لأنشيلوتي العديد من الإيجابيات مع الفريق، فقد أصبح للفريق الهوية التي يطلبها جماهيره، فإذا عادت شخصية بايرن المعهودة سيكتسح جميع البطولات التي يشارك بها كما كان في سابق عهده.
عدم التفلسف
اعترض العديد من جماهير بايرن ميونخ، ونجومه القدامى، على بيب جوارديولا، واصفين إياه بـ"المتفلسف"، بسبب اختياراته، وخططه التي كان يدير بها اللقاء، وهذا الشيء لم يكن موجود في فترة أنشيلوتي مع الفريق البافاري.
لعب جوارديولا في عهده على رؤية أكثر من خطة للبايرن سواءً بـ4-1-4-1، 3-4-3، 4-2-3-1، فضلًا عن تغييره لمراكز العديد من لاعبيه من مباراةٍ لأخرى، وربما في نفس المباراة وفق الحاجة، مثل مشاهدتنا لفيليب لام، ودافيد ألابا تارةً في منتصف الملعب، وتارةً أخرى في مركزيهما الأصليين، كظهيرين أيمن، وأيسر، على سبيل المثال لا الحصر.
ولكن اعتمد كارلو، على ثبات التشكيل، وعدم التغييرات الكثيرة في الخطة، والتي تعطي للفريق قوة وانسجام بين اللاعبين، وعدم تشتيت انتباههم بالكثير من التفاصيل، وتغيير الخطط.
وقال أنشيلوتي حول هذا الأمر: "لن أغير فلسفتي وطريقة اللعب، لم يبد أي لاعب انزعاجه من ذلك، أظن أن الجميع سعيد بها".
هدوء واستقرار الفريق والتعامل الجيد مع اللاعبين
يبلغ أنشلوتي 57 عامًا، وبدأ مسيرته التدريبية منذ أكثر من 20 عامًا، فهو من أكثر المدربين المعروفين بهدوئهم، ويعرفون كيفية التعامل مع اللاعبين، فخلال الموسم الجاري، لم نسمع عن أي مشاكل في الفريق إلا بسبب قلة المشاركة من بعضهما، وهو ما استطاع كارلو التامل معه.
كما استطاع كارلو التعامل بكل حكمة في غضب نجم الفريق فرانك ريبيري، عندما أعرب عن غضبه بعد تبديله في مباراة في بطولة الدوري، وظهر ريبري وهو يتحدث مع أنشيلوتي عقب الاستبدال، ليعانقه بعدها مدربه ويقبله، ثم يبتسم اللاعب، لينتهي الأمر تمامًا في حينها.
كما يرى البعض أن قوة أنشيلوتي تكمن في القدرة على التعامل مع النجوم الكبار وإعطائهم الحرية في اللعب.
في نهاية القول، التعاقد مع مدرب بقيمة أنشيلوتي، فاز ببطولة دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات مع ثلاث فرق مختلفة، كما أنه حقق أربعة بطولات دوري محلي، مع مختلف الفرق التي دربها.
رفم ذلك يظل الهدف من وجوده هو الفوز ببطولة دوري أوروبا، ولكن هذا لم يحدث، فإذا ظهر فريق بايرن ميونخ في الانتقالات الصيفية بقوة، ودعم العديد من المراكز التي تحتاج للتدعيم، مثل خط الدفاع، ومهاجم بديل، والاعتماد على عنصر الشباب، الذي دائمًا ما يهمشه المدرب الإيطالي، نستطيع القول بأن بايرن سيكون مرشحًا قويًا للفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا.