في يوم العمال.. ربع اللبنانيين يعانون من البطالة

يحتفل العمال في مختلف أنحاء العالم بعيدهم كل سنة في الأول من مايو، ليكون هذا الحدث، هو المناسبة الوحيدة المشتركة التي تجمع بين الطبقات الاجتماعية والدينية والعرقية. 

هذا العيد - الذي بدأ الاحتفال به في منتصف القرن التاسع عشر، بعدما انطلق بداية من أستراليا، ثم انتقل إلى أمريكا وكندا - أصبح في 1958 يوماً رسمياً عالمياً، لا سيّما بعدما اعترف به الكونغرس الأمريكي والاتحاد السوفيتي السابق. 

في لبنان لا يمثّل هذا العيد سوى يوم راحة وتمضية وقت عبر نزهة أو زيارة عائلية، بعكس عدد من الدول الغربية، التي تعتبره يوماً للاحتجاج على حقوق العمال لتحسين أوضاعهم، رغم أن نسبة البطالة في لبنان تجاوزت الـ25% حتى أوائل 2016، حسب تقديرات وزارة العمل.

وأخطر ما في سوق العمل اللبناني أن هناك 10% من الأطفال يعملون في مهن صعبة وخطيرة إلى جانب 35% من أطفال اللاجئين السوريين في هذا البلد يمضون طفولتهم في ورش ومصانع وأشغال شاقة، بدلاً من تمضيتها في المدارس والاستمتاع بحقوق طفولتهم المسلوبة، وفق التقديرات ذاتها. 

في هذا اليوم التقت "الأناضول" بعض هؤلاء الأطفال السوريين، الذين يعملون داخل ورشة "ميكانيك" في ضواحي بيروت، لا يتجاوز الكبير فيهم سن الـ17 سنة، فيما يبلغ أصغرهم 13 سنة فقط. 

يقول الطفل معتصم اليوسف (13 سنة)، إنّ "عيد العمال لا يعني له شيئاً ولا يفهم معناه".

 ويفضل معتصم، العمل في عيد العمال بدلاً من أخذ عطلة ليكسب ما لا يزيد عن سبع دولارات فقط.

يخجل معتصم، من التحدّث كثيراً أمام عدسات الكاميرا؛ فالكلام عن فقر أهله المدقع يحرجه ويثير حرقة في قلبه، بعدما أخرجوه عُنوةً من مدرسته في ريف إدلب (شمالي سوريا) قبل نزوحهم إلى لبنان في 2014، فيقول: "كنت أتمنى كأي طفل آخر متابعة تحصيل تعليمي وتمضية أوقات سعيدة كباقي الأطفال، لكن الفقر والحاجة دفعاني للعمل مبكراً لمساعدتهم مقابل 200 دولار شهرياً". 

ويضيف: "لم يعد عندي حلم سوى أن أصبح ميكانيكياً في المستقبل فقد تعودت على هذه المهنة". 

في المقابل، يعتبر زميله ومواطنه محمد (17 سنة) أنّ "عيد العمال للأغنياء والموظفين الكبار والمدراء وليس للفقراء، ولا يفهم شيئاً في الأصل عن هذا العيد". 

ويقول محمد: "نحن نعمل في كل الأيام ما عدا بعض الأعياد الدينية الرسمية، ويوم العمال لا يعني لي شيئاً ولا لزملائي، ولمن هم يعملون في ورش، مقابل رواتب زهيدة أي شيء، العيد عندنا هو تحسين ظروفنا المادية والإنسانية".

تجدر الإشارة، واستناداً لدراسة من وزارة العمل اللبنانية في آواخر 2016، إلى أنّ هناك نحو مليون عاطل عن العمل من أصل أربعة ملايين مواطن.

وحسب الخبير الاقتصادي والمحاضر جورج نجار، في حديث مع "الأناضول" فإنّ "أكثر من 250 مليون طفل يعملون في العالم، منهم 158 مليون ما بين 5 و14 عاماً".

ويضيف "نجار"، أنه "في بعض المناطق من العالم تأخذ عمالة الأطفال منحى خطراً مع ارتفاع الأعداد بشكل كبير، وعلى سبيل المثال يزيد عدد الأطفال العاملين في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى عن 60 مليون طفل، بينما يصل عددهم في منطقة جنوب آسيا إلى 77 مليوناً، ويصل العدد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 9 ملايين و300 ألف طفل في 2012. 

ويتابع: "تبلغ نسبة الطبقة الفقيرة في لبنان 30% على الأقل، من مجمل الشعب اللبناني. هناك عدم مساوة اجتماعية حادة ناتجة من الحروب وغياب الخطط الاقتصادية والاجتماعية"، حيث إن 5% من الشعب يمتلك أكثر من 95% من ثروات لبنان.

ويرجع "نجار" عمالة الأطفال في لبنان إلى الفقر الذي يُعدّ السبب الأول في توقفهم عن متابعة الدروس ودخول سوق العمل.

إذ أن ما يوازي 10% من أطفال لبنان لا يذهبون إلى المدرسة. وحسب الإحصاءات، فإن 7% من أطفال لبنان مُلزمون بالعمل لمساعدة أسرهم لمواجهة الفقر، وبالتالي يعيش هؤلاء الأطفال هموم أهلهم وكدحهم اليومي منذ الصغر. والأصعب أن هؤلاء الأطفال عادة يفتقرون إلى أبسط حقوق الإنسان؛ أي الماء والغذاء والعلم والرعاية الصحية. 

مقالات متعلقة