عقارب الساعة تُشير إلى الثواني الأخيرة، يُمسك الكرةَ جيدًا بكلتا يديه وينظُر إليها كأنما يُخاطبها، بل في الحقيقة يستعطفُها، دائمًا ما تحب تلك الكرة أن تستجديها وكأنك تطلب فضلا منها.. يضعها على العُشب الأخضر ويتراجع عدة خطواتٍ للوراء، لا يبدو واثقًا من أن قطعة الجلد تلك سوف تستجيب لهُ، ولكنه كان قد اتخذ القرار.
ينطلق بكل سرعته ويركلها من أسفلها بيمناه كأنما يوجهها للتتهادى بكل يُسر، وبكل يُسر فعلًا تتخذُ تلك التي عاش معها كل لحظاتهِ من الانتصار والانكسار طريقها نحو المرمى.. الكل يُشاهدها ويتابعها نحو سبيلها لمعانقةِ الشباك، وياللعجب لقد أنصفته حقًا.
يجري كالمجنون بكل سرعتهِ، في الواقع لم تكن لحظةً من الجنون وإنما إحساسًا بالفخرِ والزهوِ، وبكل درامية يقف فاتحًا ذراعيه وقدميه أمام الجميع وكأنهُ يقول "ها أنا ذا"، في مشهدٍ سينمائيٍ خالص، يصلُح لأن يكونَ مشهدًا مهيبًا لقائدٍ مُخضرمٍ عاد بجنودِه مُنتصرًا في الحرب.
لحظاتُ كثيرة علقت بأذهان مشجعي الكرة رفقة ديفيد بيكهام، فأسلوبة المتفرد لم يكن وحده هو من يجذب الانتباه وإنما تواجده دائمًا في الوقت المناسب من أجل صناعة المجد، مثلما كان حاضرًا بهدفه الشهير أمام اليونان، التي خطف فيها بطاقة التأهل لكأس العالم 2002 لمنتخب بلاده، أو في هدفه القاتل بمرمى إيفرتون عام 2003، وبرشلونة في 1999.
RT LastMinGoals: Anyone remember this? Beckham scoring in the last minute against Greece to send England into the … pic.twitter.com/5beGwRkIaj
— ️️️️ D???? ???? ???? ???? (@DWTQ) 19 March 2017
الأسطورة الإنجليزية يحتفل اليوم، الثلاثاء، بعيد ميلاده الـ42، و"ستاد مصر العربية" يتناول جانبًا من جوانبٍ عديدة في مسيرة نجم مانشستر يونايتد وريال مدريد الأسبق.
لن نتحدث عن 6 ألقاب للدوري حققها مع الشياطين الحمر، ولا الثلاثية عام 1999 الشهيرة، ولا حتى لقب الليجا الذي حققه مع ريال مدريد في اللحظات الأخيرة موسم 2006–07، الحقيقة أن كل هذه المراحل من المجد والشهرة كان للمرض سببًا فيها، نعم المرض!
"اضطراب الوسواس القهري" ذلك المرض الذي كشف بيكهام عن أنه كان يجبره على إعادة تنظيم غرف الفنادق، وترتيب علب المشروبات الغازية من أجل أن يكون كل شيء "مثاليًا".
ويحكي الفتى الذي نشأ في مدينة ليتونستون بلندن عام 1975 رفقة شقيقين، حيث كان والده ميكانيكيًا ووالدته مصففة شعر ، قصة معاناته مع هذا المرض.
"ديفيد بيكهام هو أفضل مسدد للكرة في بريطانيا، ليس بسبب الموهبة التي أنعمها عليه الله فقط بل لأنه يتمرن بلا ملل ولا كلل وبطريقة لا يفكر فيها الغالبية العظمى من اللاعبين الأقل موهبة منه" المدرب الأسطوري ليونايتد، أليكس فيرجسون.
ويقول الفتى الذي تعلم في مدرسة "تشايس لاين" الابتدائية: "كنت أذهب إلى غرفة الفندق وقبل أن استرخ كان لا بد لي من نقل جميع المنشورات وجميع الكتب ووضعها في درج، كل شيء يجب أن يكون مثاليا".
ويوضح بيكهام أن زوجته فيكتوريا كانت دائما تدعوه "غريب الأطوار" بسبب تلك التصرفات، ولكنه كان يريد التوقف ولا يستطيع، إذ قال عندما سألوه عن رغبته في التخلص من هذا المرض "حاولت ولم أتمكن".
الأمر تطور مع بيكهام كثيرا، وهو ما تقصه فيكتوريا: "إذا فتحت الثلاجة فستجد أن كل شيء منظما من أعلاه حتى أسفله، وتطور لاحقا وأصبحت ثلاث ثلاجات، واحدة للطعام وأخرى للمشروبات وأخرى لباقي الأشياء".
وتتابع: "بعد ذلك أصبح يجب أن تكون الأرقام زوجية، إذا كان هناك ثلاث علب، فإنه يستغنى عن واحدة من أجل أن تكون علبتين".
بالطبع لم يكن هذا المرض سببًا فيما وصل إليه بيكهام، كونه واحدًا من أشهر اللاعبين في تاريخ كرة القدم على الإطلاق، وإنما بالتأكيد الموهبة التي يتمتع بها هي من ساعدته على ذلك، لكنه بالتأكيد يحمل بين طياته دلالةً هامة على رغبة ديفيد في أن يصبح كل شيءٍ في شكله "الأكمل".
تصريحات مُلهمة لبيكهام
1- عن ذكائه.. "الناس لم يعتقدوا أنني أملك عقلا كي أكون بهذا الذكاء".
2- عن تدينه.. "احترم كل الأديان، لست شخصا متعمقا في الدين، ولكن أحاول أن أعيش بالطريقة الصحيحة، لم أولد في عائلة دينية ولكني تعلمت احترام الآخر، أؤمن بأن هناك شيئا ما هناك يهتم بنا".
3- عن فيرجسون.. "هو أفضل مدرب تعاملت معه على الإطلاق، حقيقةً هو الوحيد الذي كان في هذا المستوى، هو أفضل مدرب حظيت به".
4- عن نظرته إلى نفسه.. "أنا شخص قوي، ورب عائلة قوي، وزوج قوي، وأب قوي".
5- عن حلمه.. "لطالما رغبت في أن أكون مصفف شعر"
6- عن فلسفته.. "في أي شيء أفعله أريد أن أكون دائما الأفضل".
7- عن جذوره.. "لم انس أبدا جذوري ولا من أين أتيت، لا يهم أين أعيش، أنا إنجليزي بكل بساطة".
8- عن شهرته.. "دائما ما أقول إن الممارسة والتدريب يساعدانك على أن تصبح أفضل".
9- عن اعتزاله.. "لست نادما على قرار الاعتزال، جسدي كان يفقد طاقته. كنت أخذ وقتا أطول للتعافي من الإصابات، كان يجب الخروج في مرحلة ما".
10- عن الحياة.. "أنا لست واحد من هؤلاء الذين يهمهم تقدم العمر، أنا أحب الحياة".