توترت العلاقة بين مصر والسودان خلال الأسابيع الماضية في الوقت الذي يهدد العديد من المصالح المشتركة السياسية والاقتصادية بين البلدين، وعلى رأس هذه المصالح استيراد اللحوم السودانية المذبوحة والحية، خاصة مع قدوم شهر رمضان المبارك.
وتستعد مصر قبل رمضان للتعاقد على كميات كبيرة من اللحوم نظرا لزيادة نسبة الاستهلاك بنسبة 50% عن باقي شهور السنة ، خاصة وأن مصر لديها عجز 70 % في إنتاج اللحوم.
وتسود حالة توتر في العلاقات بين البلدين، ومشاحنات في وسائل الإعلام، على خلفية عدة قضايا خلافية، منها النزاع على مثلث حلايب الحدودي، وموقف الخرطوم الداعم لسد النهضة الإثيوبي الذي تعارضه القاهرة، مخافة تأثيره على حصتها من مياه نهر النيل.
وكانت الخرطوم قد قررت قبل أسبوعين، فرض تأشيرة دخول على الذكور المصرييين ما بين 16 – 50 عاما، بعد ما كان مسموحا لكل المصريين دخول جارتهم الجنوبية دون تأشيرة.
والأسبوع الماضي، منعت السلطات المصرية الصحفية السودانية إيمان كمال الدين، من دخول أراضيها، وقبلها اتخذت الخطوة نفسها مع الصحفي الطاهر ساتي، ما اعتبره الاتحاد العام للصحفيين بمثابة "استهداف" واضح للصحفيين السودانيين "بلا استثناء".
وقبلها، أصدر السودان قراراً بحظر استيراد السلع الزراعية ومنتجاتها والأسماك المعلبة، إضافة الى مستحضرات السلع الزراعية المصنعة من مصر.
ونقلت وكالة السودان السودانية الرسمية عن وزارة التجارة قولها إنها أصدرت قراراً ملحقاً ببيانها السابق بحظر استيراد الخضر والفاكهة من مصر.
وتبرر السودان قرارها لورود شكاوى ومعلومات بأن الخضر والفواكه الملوثة أصبحت تأتي في صورة مُصنعة من مصر بأشكال المربات والكاتشب والصلصة بعد أن منع استيراد الطازج منها.
وفي وقت سابق، قال محمد يوسف علي، وزير الصناعة السوداني، في بيان، إن قرار حظر منتجات زراعية من مصر "يأتي في إطار المسؤولية المشتركة، وذلك بعد ثبوت تلوث الفواكه والخضروات المصرية بمواد ضارة بصحة المواطن نتيجة لريها من مصادر مياه ملوثة".
صبحي طاحون، رئيس الشركة المصرية للحوم بالشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، قال إن ما حدث مؤخرا بين مصر والسودان لا يؤثر إطلاقا على استيراد اللحوم السودانية خاصة وأن الشركة المصرية متعاقدة على اللحوم من عام ومازال التعاقد المبرم بين البلدين ساريا مع توفير الكميات التي تم التعاقد عليها لصالح وزارة التموين طوال العام وليس لشهر رمضان فقط.
وأضاف طاحون، في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن جميع التعاقدات تتم من خلال الشركة القابضة بلجنة شراء مباشرة مشكلة من وزير التموين للحوم السودانية بالإضافة لاستيراد اللحوم المجمدة من البرازيل وغيرها من الدول.
وأشار رئيس الشركة إلى أن الشركات القابضة للصناعات الغذائية وفرت كميات من اللحوم لشهر رمضان ما يقرب من 13 ألف ذبيحة كندوز وبتلو وضأني بالإضافة إلى 2500 طن لحوم مجمدة تم تخزينها بثلاجات الشركة المصرية وطرح جميع الأنواع من خلال الـشركات التابعة للقابضة للصناعات الغذائية والفروع التابعة لهم على مستوي الجمهورية.
ومن جانبه، أكد أحمد شيحة، رئيس الشعبة العامة للمستوردين بغرفة القاهرة التجارية، أن السودان تمثل جزءًا بسيطًا من الدول التي نلجأ إليها للاستيراد ولذلك فإن حال رفض السودان تصدير لحوم إلى مصر لا يؤثر بنسبة كبيرة خلال شهر رمضان.
وأضاف شيحة، في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أنه لدينا مصدران رئيسيان تقوم مصر بالاستيراد منهما "الهند والبرازيل" بالإضافة لدول أوروبية وأمريكا اللاتينية، وهناك دول أفريقيا أخرى مثل إثيوبيا واريتريا وجنوب أفريقيا تكون عوضا عن السودان نستورد منها لحوم حية وبأسعار رخيصة ولكن المشكلة في تكلفة النقل بالطيران.
وأشار إلى أن جميع التعاقدات الخاصة باللحوم لشهر رمضان انتهت لوجود إجراءات تستلزم التبكير في الاستيراد قبل رمضان بشهور.
وقال محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، إن اللحوم كافية خلال شهر رمضان وإذا حدث توقف من الجانب السوداني بتصدير اللحوم لمصر فإن ذلك لا يضر بشئ حيث لدينا دول أخرى كثيرة تقوم الشركات بالاستيراد منها كتنوع في اللحوم المذبوحة والحية.
وأشار وهبة إلى أن مصر تفضل الاستيراد من السودان لانخفاض السعر وقرب المسافة بالإضافة لطعم اللحوم السودانية يوازي اللحوم المصرية على الرغم من وجود مميزات وعيوب في استيراد اللحوم من السودان.
وأوضح أن مصر تقوم بالاستيراد من فرنسا لحوما حية لكن تكلفتها أعلى نظرا لبعد المسافة وتستورد من الهند والبرازيل لحوما مجمدة.
وقال الدكتور عصام رمضان، خبير الطب البيطري والصحة العامة بالجمعية المصرية بالأمم المتحدة، إنه في حالة توقف استيراد اللحوم من السودان لا يمثل ذلك عجزا أكثر من 3 % فقط وذلك لأن مصر تستورد لحوما من المنطقة الأوربية أكثر من السودان "اسبانيا وألبانيا والسويد البرازيل".
ولفت إلى أن السودان وإثيوبيا وبارجواي لا تمثل أكثر من 20% من استيراد اللحوم لمصر، وأن امصر تتأثر حال وقف الاستيراد من أمريكا والبرازيل والهند.
وأكد خبير الطب البيطري أن سعر اللحوم خلال شهر رمضان سوف يرتفع لأن سياسة العرض والطلب هي المتحكمة في السعر بالإضافة إلى زيادة نسبة الاستهلاك وارتفاع سعر الدولار وعدم الإنتاجية الكافية، ولذلك يجب ترشيد الاستهلاك.
وأشار إلى أن مصر تستورد 70% من اللحوم وتنتج 30% فقط، وأن التعاقدات تتم كل عام على كميات كبيرة تكفي حاجة الاستهلاك وتعويض النقص طبقا للأسعار العالمية.
وطالب خبير الطب البيطري الحكومة المصرية بعمل مشروع بتلو داخل الأراضي السودانية بإيجار حق انتفاع ويكون المشروع تحت إشراف مصري كامل أو مشروع تسمين العجول لتوفير وزيادة كميات اللحوم وسد العجز لمصر ، مؤكدًا أن توافر المراعي لدى السودان وقرب المكان يوفر الكثير من مصاريف الاستيراد من الدول الأخرى.