لم تمنع قتامة مشهد عودة المقاتلين الإيرانيين في نعوش لبلدهم، وبشاعة مناظر الأطفال السوريين وهم ممدون قتلى على الأرض الرئيس الإيراني حسن روحاني أن يستخدم الورقة السورية في حملة الدعاية الانتخابية المقرر عقدها 19 مايو.
روحاني في مواجهة شرسة مع إبراهيم رئيسي وهو المرشح الأوفر مع روحاني للفوز بالانتخابات، لامتلاكه دعما كبيرا من المرشد الأعلى علي خامئني حيث نصبه سنة 1985 نائب المدعي العام وكلفه سنة 2016 بتولي رئاسة أكبر منظمة دينية في مشهد ما يعكس رضا تاما عنه من الولي الفقيه.
إبراهيم رئيسي محسوب على التيار المتشدد، لذلك يسعى روحاني المدعوم من الإصلاحيين كسب تأييد قسمة من المتشددين المؤيدين لرئيسي بالتلويح بالورقة السورية، كما يرى مراقبون، خاصة أن كثير من الإيرانيين يؤيدون التدخل في سوريا من منطلق طائفي.
حقوق متبقية
"المقاتلون الإيرانيون في سوريا يحيون حقوقنا المتبقية هناك" هكذا صرح حسن روحاني خلال المناظرة الثانية لمرشحي الانتخابات الرئاسية، مردفا:" "لدينا مستشارون أعزاء ذهبوا إلى سوريا، وقدمنا شهداء هناك، وإذا أردنا أن نستفيد جيدًا من القضايا الإقليمية، فعلينا أن نكون قادرين على تسوية المواضيع على طاولة المفاوضات، لابد أن يقوم دبلوماسيونا إلى جانب مقاتلينا بإحياء حقوقنا المتبقية".
وكانت إيران في بادئ الأمر تتنصل من تدخلها في سوريا، ومن ثم اعترفت به على استحياء نظرا لتعقيد تدخلها للأزمة، ولكن روحاني الآن يدافع عن هذا التدخل وينوه إلى أن "إيران وبقوتها الدبلوماسية تتفاوض حاليًّا لحل الأزمة السورية" بحد قوله.
وتسبب تصعيد الحرب في سوريا في تهجير 5 مليون مدني وقتل أكثر من مليون، قرابة الـ150 ألف منهم من الأطفال بجانب مئات الآلاف من المعتقلين والمفقودين.
الجمع بين الفريقين
زكريا عبدالرحمن المحلل السياسي السوري والخبير بالشؤون العربية رأى أن روحاني يريد الجمع بين الفريقين الإصلاحي والمتشدد، الأول يغريه بالاتفاق النووي مع أمريكا ويصور نفسه بأنه انفتاحي وإصلاحي والغرب يتقبله، والثاني يقنعه بأنه ماض في إرسال المقاتلين لسوريا.
وأردف في حديثه لـ"مصر العربية":" روحاني شعبوي قومي حقيقة وفي الوقت نفسه يقدم نفسه للغرب كانفتاحي، وهي لعبة انتخابية بالأساس، ولكنه يكره العرب ومتطرف ضدهم".
استقطاب المتشددين
ثلث الشعب الإيراني في اعتقاد المحلل السياسي السوري يؤيدون الحرب في سوريا ومد المذهب الجعفري لهناك، ضد مشروع الهلال الشيعي، وهو رقم كبير يحاول روحاني استقطابه لصفه، في الوقت نفسه هو لا يريد مغادرة المعسكر الإصلاحي الذي انتخبه أول مرة، فيروج له ورقة الاتفاق النووي والإفراج عن الأموال وفتح المجال أمام الاقتصاد الإيراني ليربح متعاطفين من الفريقين.
وتوقع عبدالرحمن فوز روحاني، وأن الدفع بإبراهيم رئيسي الهدف منه هو ابتزاز أمريكا بأن البديل لروحاني متشدد سيدخل مع واشنطن في صراعات متنوعة.
مشروع تاريخي
واتفق معه تيسير النجار المحلل السياسي السوري الذي لفت إلى أن إيران رمت بكل ثقلها وربطت مستقبلها بسوريا، علاوة على أنها صاحبة مشروع تاريخي وهو "الهلال الخصيب" يستهدف به الأراضي الخصبة في العراق وسوريا ولبنان والأردن، وإذا تحقق يكونون سيطروا على جزيرة العرب ولن يتوقفوا عند ذلك بل سيزيدون.
وتابع في حديثه لـ"مصر العربية":" إيران مثل إسرائيل لديها مشروع فارسي ليس له علاقة بالشيعة ولكن يستخدمون الطائفة الشيعية العربية من اجل أهدافهم، رغم أن الشيعة كانوا يقاتلون مع صدام حسين ضد الفرس، ولكن اليوم استحضرت إيران المشروع الطائفي من باب حماية القبور والمراقد في سوريا".
لإثقال برنامجه الانتخابي
ورأى النجار أن الطبيعي أن يستخدم روحاني بالروقة السورية في برنامجه الانتخابي، إذ تنازلت إيران عن برنامجها النووي مقابل أن يكون ليهم تواجد في المنطقة العربية، واستطاعوا أن يحصلوا على امتيازات في المنطقة العربية بالفعل منحها لهم من لا يستحق وهو الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على نهج وعد بلفور في فلسطين.
وبيّن أن نسبة الفرس فيه 30 في المائة من الشعب الإيراني والبقية البلوش والتركمان والعرب فهناك 18 مليون عربي يمتلكون 35 % من الثروات الإيرانية لذلك يلعب القادة الإيرانيون على كل الأوتار بالدفاع عن القضية الفلسطينية لكسب ود العرب لديها وقتل العراقيين والسوريين لكسب تأييد الطائفيين.
وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية المرشحين الستة الذين تم تأكيد أهليتهم من قبل مجلس صيانة الدستور لخوض منافسات الدورة الـ12 للانتخابات الرئاسية في إيران، وهم: حسن روحاني، وابراهيم رئيسي، ومحمد باقر قاليباف، واسحاق جهانغيري، ومصطفى هاشمي طبا، ومصطفى ميرسليم.