اشتباكات سياسية متواصلة، وهجوم لفظي يعقبه آخرمضاد، فما أن يتحدث أحد السياسيين سواء كان يشغل منصبا حكوميا أو حتى معارضا حتى يغزو حديثه الفضاء الإلكتروني ويصبح هو الأكثر تداولا بين رواد شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما أرجعه متخصصون لعدة أسباب يتصدرها تحول صفحات "فيس بوك وتويتر" لمنصات سياسية بديلة عن الأنماط القديمة لممارسة العمل السياسي.
وكانت الأحزاب السياسية قد اعتادت في السابق على تنظيم المؤتمرات والندوات لعرض وجهة نظرها، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت إلغاء عدد من الفاعليات بسبب تدخلات أمنية، كما حدث في مؤتمر تكتل 25-30 البرلماني الذي كان مفترض إقامتة في 28 أبريل الماضي.
هيثم الحريري يروي تفاصيل تدخل الأمن لإلغاء مؤتمره الجماهيري
حديث المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي عن ضرورة التوافق بين القوى السياسية كان آخر التفاعلات السياسية التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدين ومعارضين لحديث صباحي، حتى تصدر هشتاج " حمدين صباحي" أعلى الكلمات استخداما بموقع "تويتر" يومها.
ومن قبلها شهدت صفحات السوشيال ميديا مشادات بين مؤيدي الرئيس عبدالفتاح السيسي ومعارضيه بعدما قال في كلمته بالمؤتمر الوطني للشباب الذي عقد بمحافظة الإسماعيلة 25 إبريل الماضي "قسماً بالله العظيم، قسماً بالله العظيم، قسماً بالله العظيم، لو المصريين مش عاوزني مش هقعد ثانية.. وفي الحالة دي ربنا يولي مصر الأصلح والأفضل".
رسائل "تويتر" لحمدين صباحي بعد إعلانه عدم خوض انتخابات 2018
وقتها دشن معارضو السيسي هشتاج على " تويتر" وفيس بوك " مش عايزين السيسي" ليرد مؤيدوه بهاشتاج مضاد تصدر تويتر أيضا " هنتخب السيسي تاني" و " عايزينه للآخر" ليتحول تويتر لمظاهرة إلكترونية بين مؤيدي السيسي ومعارضوه.
يعلق الدكتور سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة على الأمر قائلا " إن صفحات التواصل الاجتماعي أصبح لها دور سياسي فاعل، وتستطيع خلق رأي عام مؤيد ومعارض، بل وصل الأمر لعزل بعض الوزراء كما حدث مع وزيري العدل السابقين أحمد الزند ومحفوظ صابر بعد تحدثهما بشكل أغضب رواد هذه المواقع".
وأضاف لـ"مصر العربية" أن مواقع السوشيال ميديا باتت مصدر لخلق نقاشات سياسية بين النخب والمواطنين المؤيدين والمعارضين لهم، وازداد لجوء الناس إليها للتعبير عن أرئهم بحرية نتيجة للضعف الذي أصاب الأحزاب السياسية، مشيرا إلى أن التضييق الأمني الحالي تسبب في لجوء الحزبيون أنفسهم للتواصل الاجتماعي.، بسبب غلق المجال العام، وملاحقة بعض المعارضين.
وتابع أن المنصات الإلكترونية باتت إحدى وسائل الممارسة السياسية، فأصبح بعض الأحزاب تجرى مناقشتها على مجموعات خاصة بها، ويتواصل أعضائها من خلالها ويعرضون أجنداتهم السياسية، ويعقدون اجتماعاتهم إلكترونيا.
وفي السياق ذاته اعتبر الدكتور مختار الغباشي ، نائب مدير المركز العربي للدرسات، أن لجوء المواطنين لمواقع التواصل الاجتماع للتعبير عن أرائهم السياسية، وإعلان مواقفهم من قضية ما أمر مقبول وصحى جدا.
وقال لـ" مصر العربية"، إن سبب كثرة استخدام الناس لوسائل التواصل الاجتماعي في التعبير عن أرائهم هو توافر عنصر الأمان فيها بخلاف الوقفات الاحتجاجية، أو التظاهرات أو حتى الاجتماعات العادية التي يمكن أن يتعرض القائمون عليها للحبس والتوقيف.
ولفت إلى أن أسوأ ما في المرحلة الحالية هو تلون النخب السياسية وتغيرهم لمواقفهم، وهو ما تسبب في عزوف الناس عن متابعتهم لذا بات الجميع يعرض وجهة نظره دون التقيد بفكر شخص أو مجموعة ووجد المجتمع ضالته في صفحات السوشيال ميديا.
وأوضح أن قيام الأحزاب والسياسين بعرض أفكارهم بصحفات السوشيال ميديا دون النزول للناس في أماكنهم يفقدهم روح التواصل مع الجماهير، مشيرا إلى أنه لايمكن أن تُمارس السياسة من على بعد كما يحدث حاليا.
وأشار إلى أن اكتفاء بعض الأحزب بعرض وجهات نظرها وأجنداتها من خلال الشبكات الاجتماعية دليل على أنها بلا رصيد وأنها غير موجودة على أرض الواقع إلا أنه استدرك قائلا إن "الوضع السياسي الحالي زاد من كثرة استخدام مثل هذه المواقع".
وأضاف أن الوضع حاليا أصبح مغلق وغير مسموح فيه للقوى الحزبية والسياسية التحرك بحرية، وتنظيم تجمعات أو مؤتمرات بشكل جيد لذا يلجأ الجميع للفيس بوك وتويتر".
وبدوره يقول شريف الروبي القيادي بحركة 6 إبريل إن السوشيال ميديا باتت المتنفس الوحيد للقوى السياسية والثورية بعد تعرض الجميع للملاحقات الأمنية، وغلق المجال العام، إضافة لعدم اهتمام الاعلام بنبض الشارع المصري، سواء الفضائيات أو حتى الصحف، لذا يلجأ الناس للحديث عن قضاياهم ومشكلاتهم بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار لـ" مصر العربية"، إلى أن الأمر لم يعد مقتصر على المواطنين العاديين فبعض الكوادر السياسية خصوصا المعارضين لم يعد لهم متنفس غير هذه المنصات.
وأوضح أن السوشيال ميديا أصبحت مهمة، وتؤثر في الرأي العام، مما يدفع بعض النواب المؤيدين للسلطة لطرح مشروعات قوانين للحد من تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها أصبحت تشكل خطورة من وجهة نظرهم على النظام الحالي بسبب توجيه النقد الدائم لممارساته السياسية.
وأكد أنهم لا يكتفوا بالسوشيال ميديا للتواصل مع المواطنين، فهم يحاولون الوصول إليهم بالقرى والنجوع ؛ لخلق حلقات من التواصل المباشر معهم.
ويستدرك الروبي قائلا إن "الإعلام بات كله مؤيد فقط ويستحوذ على جزء كبير من الأقاليم وهو ما يحد من تأثير شبكات التواصل الاجتماعي هناك والتي يقتصر دورها على المدن الكبري فقط".