بتهمة خدش الرونق العام.. صحفي الفجر يكشف لـ«مصر العربية» تفاصيل 15 ساعة تحقيقات

الصحفي طارق حافظ بجريدة الفجر

"خلق مناخ تشاؤمي، متعاطف مع الإخوان، إهانة رئيس الجمهورية على الفيس بوك" .. تهم متعددة ظهرت خلال الفترة الأخيرة كان آخرها خدش الرونق العام التي وجهتها نيابة أمن الدولة العليا للصحفي طارق حافظ بجريدة الفجر.

 

لم يكن يعلم حافظ أنه سيصبح متهما بسبب التحقيق الذي نشره عن تعيين أبناء القضاة والقيادات الأمنية بالنيابة العامة واستبعاد أوائل الكليات والمتفوقين.

 

ورصد التحقيق المنشور بجريدة "الفجر"، بتاريخ 20 أبريل الماضي، الخريطة الكاملة لما سماها توريث تعيينات النيابة العامة، فضلا عن تعيين ضابط كان متهم رسميا بقضية التعذيب الشهيرة بالأقصر والخاصة بتعذيب المواطن "طلعت شبيب" حتى الموت، حينما كان معاون مباحث بقسم الأقصر وحوكم بمقتضاها.

 

 

وكشف التقرير عن تكرار تعيين 5 أشخاص سبق تعيينهم في النيابة العامة في دفعة العام الماضي، إضافة إلى رصد بالأسماء والمناصب 47 قاضيا ومستشارا بمختلف الهيئات القضائية "يورثون" أبنائهم وأقاربهم "كعكة النيابة العامة" بنسبه 26% من إجمالي التعيينات، وفقا لما هو مذكور بالتحقيق.

 

بداية الواقعة  

ترجع أحداث الواقعة إلى الأربعاء الماضي، عندما علم حافظ بقرار استدعائه من قبل نيابة أمن الدولة عن طريق النقابة -بحسب ما أبلغه محاميه "محمد البرماوي"-بشأن التحقيق الخاص بتعيينات النيابة الإدارية دفعة 2014 بموجب قرار جمهوري رقم 166 لسنة 2017، الذي نشر في الجريدة الرسمة بتاريخ 13 أبريل الماضي.

 

وقال حافظ لـ"مصر العربية"، إنه توقع أن الأمر عادي وأن النيابة استدعته للإدلاء بشهادته في التحقيق الذي أجراه، ولكنه لم يتصور أنه سيحقق معه كمتهم وليس شاهد .

 

وأضاف أنه تواصل مع نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة بمجرد علمه بقرار الاستدعاء خاصة وأنه صادر عن النقابة ولكن لم يستجب له، لافتا إلى أنه أرسل له رسالة على هاتفه للتعريف بنفسه ولإعلامه بموعد التحقيق وسببه -قبل يوم من التحقيق- واتصل بعدها ولكنه لم يرد أيضا.

 

وأشار إلى أنه عقب انتهاء التحقيق ودفع الكفالة تواصل معه بعض أعضاء مجلس النقابة، ولكن النقيب لم يتواصل معه حتى الآن.

 

تفاصيل التحقيق

 

وعن تفاصيل التحقيق معه، قال حافظ: " توجهنا للنيابة السبت الماضي في تمام الساعة الواحدة والنصف ظهرا، واستغرق التحقيق 15 ساعة متواصلة دون إعطاءنا فرصة للراحة، ومنعوا عنا دخول الطعام أو الشراب، وطلبت عصير ولكنهم رفضوا أيضا بالإضافة إلى أنهم منعوا تماما دخولنا بالهواتف المحمولة أو استخدامها أو التواصل مع أحد خلال التحقيق".

 

ورأى أن هذا التعنت مقصود، خاصة وأنهم تركوهم في مكان لا يوجد به مقاعد، باستثناء صناديق خشبية للجلوس، وكرسي أو إثنين متهالكين، حتى بدأ التحقيق في حوالي الثانية ظهر السبت، واستمر حتى الخامسة فجر يوم الأحد.

 

وأشار إلى أن التحقيقات تمحورت حول شيء واحد فقط هو التعرف على مصدر المعلومة التي أطلعتني على ما هو منشور بالتحقيق، حتى وصل الأمر إلى الترهيب بتحويل التهمة من قضية نشر إلى اختلاس باعتبار أن المستندات تم اختلاسها من مكان حفظها، وأن أكون أنا شريكا في هذا الأمر، إلا أنه أصر على حقه القانوني بعدم الإفصاح عن مصادره.

 ولفت إلى أنها لم تتطرق  نهائيا إلى المتن الخاص بموضوع التحقيق والأسماء المنشورة فيه والخاصة بأسماء أبناء القضاة والقيادات الأمنية المعينة في الدفعة، وما أثير في التحقيقات، يتعلق بشأن ذكر ألفاظ مثل "توريث القضاة" أو "كعكة التعيينات" في العناوين الخاصة بالتحقيق المنشور.

 

ورأى أنه كان من المفترض انتداب قاضي تحقيق ، لأن نيابة أمن الدولة هي الخصم والحكم في الموضوع، موضحا "عقب نشر تحقيقي مجلس القضاء تقدم بطلب للنائب العام للتحري عن الضابط المتهم بقتل المواطن طارق شيب بالأقصر، وثبت اتهامه بقضية مخلة بالشرف واستبعاده، وفي الوقت ذاته اتهمه الأعلى للقضاء بخدش الرونق العام".

 

وأعرب عن دهشته من تناقض موقف المجلس الأعلى للقضاء وأثبت ذلك في محضر التحقيق، مشيرا إلى أن النائب العام هو من فتح بلاغ مجلس الأعلى للقضاء ضده- الذي هو أساسا عضو بالمجلس- وبعدها قرر النائب العام إحالة البلاغ إلى المحامي العام لنيابة أمن الدولة، للتحقيق العاجل فيه، وأسند الأخير التحقيق في الواقعة إلى رئيس نيابة أمن الدولة مباشرة المستشار محمد جمال.

 

التهم المنسوبة إليه 

 

وفي نهاية التحقيقات وجهت له ثلاث اتهامات غريبة وهلامية – بحسب وصفه- وهي خدش الرونق العام للمجلس الأعلى للقضاء بقصد النيل من اعتباره، التي رآها مطاطية وليست محددة، إضافة إلى تكدير السلم العام وإلحاق الضرر بالسلطة القضائية عن طريق نشر أخبار كاذبة، وتعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات.

 

وأوضح أنه يعمل عشر سنين بالملف القضائي ولم يسمع عن هذه التهم، وعقب إخلاء سبيله تواصل مع أساتذة قانون ورئيس مجلس الدولة الأسبق المستشار محمد حامد الجمل وأعربوا عن دهشتهم من هذه التهم، مضيفا: "المحامي نفسه استغرب وسألهم في مادة إيه في القانون ومحدش رد عليه".

 

ولفت إلى أن هناك تهم غريبة بدأت تظهر في الفترة الأخيرة غير منصوص عليها بقانون العقوبات، بالرغم من أن هناك قاعدة راسخة بمحكمة النقض بأنه لاحكم ولا إدانة إلا بنص قانوني صريح، مشيرا إلى أن هذه التهم  أخذت في الظهور لأن التهم القديمة  أصبحت مستهلكة ،  متسائلا: "ما هو الرونق العام؟".

 

وعن  قرار إخلاء سبيله بكفالة خمسة الآف جنيه، علق قائلا: "قرار الكفالة مخالف للدستور، وكان من المفترض دفع الكفالة للخروج بالرغم من أن القضية خاصة بالنشر، ولايجب الحبس فيها".

 

واختتم حديثه: "أبحث الموقف القانوني مع الجريدة ، وسأختصم النيابة العامة من خلال تقديم بلاغ ضدها بسبب التحقيق معه بهذا الشكل، وسأطالب بانتداب قاضي تحقيق".

 

مقالات متعلقة