يوب هاينكس.. «القدر لا يثقُ إلا في من يختاره بنفسه»

يوب هاينكس

قد يقفُ القدرُ بجانِبك دائمًا، ربما يحدُث هذا مرات قليلة أو نادرة، ولكن القدر لا يثقُ إلا في من يختارهم بنفسه، وحينها سيفتحُ أبوابَ المجدِ على مصراعيها أمامك، ولكن الأهم أنه سيجعل اللحظة التي تُقرر فيها أن كل شيءٍ قد انتهى لحظةً لا تُنسى، تلك اللحظة التي ستجعلك خالدًا دائمًا في أذهانِ الجميعِ.

 

ربما يكون ذلك ما حدث مع الأسطورة الألمانية يوب هاينكس، حينما قرر القدر أن يجعل لحظة وداعه لحظةً خالدةً بتحقيقه لثلاثية (الدوري والكأس ودوري الأبطال) مع فريق بايرن ميونخ عام 2013 مع نهاية مسيرته التدريبية.

 

العجوز المخضرم يحتفل اليوم، الثلاثاء، بعيد ميلاده الـ72، و"ستاد مصر العربية" يستعرض التقرير الآتي عن مسيرته في عالم الساحرة المستديرة.

 

لُعبة القدر

 

اختار القدر منذ البداية أن يقف بجانب هاينكس فمسيرته كلاعب لم تكن عادية، وحقق خلالها العديد من الألقاب والإنجازات أينما حل وارتحل، وكان أبرزها رفقة بروسيا مونشنجلادباخ.

 

لم يلعب يوب سوى لناديين في ألمانيا: هما مونشنجلادباخ وهانوفر ولكنه قضى معظم مسيرته رفقة الأول، حيث حقق كل إنجازاته كلاعب.

 

ونال هاينكس مع فريق المدينة القريبة من الحدود الهولندية 4 ألقاب دوري ألماني ولقب الكأس إضافة إلى بطولة كأس الاتحاد الأوروبي (الدوري الأوروبي حاليا) موسم 1974–75.

 

أما مع منتخب بلاده (ألمانيا الغربية) فقد حصد المهاجم الهداف الشرف الأعظم لأي لاعب وهو كأس العالم عام 1974 وسبقها بعامين بالتتويج ببطولة كأس الأمم الأوروبية.

 

وامتدت مسيرته الطويلة للمشاركة في 501 مباراة في جميع المسابقات مع كلا من مونشنجلادباخ وهانوفر ليسجل خلال تلك الفترة 327 هدف، كما أحرز 14 هدفا مع بلاده في 39 مباراة.

 

نجاحٌ آخر

 

وبعد اعتزاله كرة القدم كلاعب عام 1978 قرر بعدها بعام أن يخوض أولى مهامه التدريبية، كمساعد مدرب في فريقه الذي قضى معه 11 عاما، تحت إمرة المدرب أودو لاتيك، وكان لا يزال في عمر الـ34.

 

سرعان ما عرف هاينكس كيف تدار الأمور، واكتشف موهبته كمدرب ليبدأ مسيرة طويلة أخرى مع عدد من أبرز الأندية الأوروبية، إذ تولى تدريب مونشنجلادباخ وريال مدريد وبنفيكا وأتليتك بيلباو وبايرن ميونخ وشالكه وباير ليفركوزن بجانب تينيرفي الهولندي.

 

"هو لاعب كان دوما يمتلك أكبر الطموحات عند دخوله في أي مباراة وكمدرب كان دوما يريد أن يكون ناجحا وبالتالي استطاع تحقيق عديد الإنجازات" فيليكس ماجاث  

وحقق هاينكس أول ألقابه الأوروبية رفقة العملاق الملكي، ريال مدريد، بعدما نجح في قيادة الفريق للتويج بـدوري أبطال أوروبا عام 98، كما نال جائزة إنترتوتو الأوروبية مع شالكه مرتين في 2003 و2004.

 

ولكن يظل إنجازه الأكبر مع الفريق البافاري حينما حقق الثلاثية التاريخية عام 2013، وهي اللحظة التي كانت كافية للغاية ليُظهر يوب ذكائه ويعلن التوقف وهو على قمة المجد.

 

تجلى اختيار القدر قبلها بموسم واحد فقط، عندما خسر كل البطولات مع الفريق البافاري، بعد هزيمة نهائي الكأس المهينة أمام بروسيا دورتموند 5-2، وفقدان لقب دوري الأبطال بركلات الترجيح أمام تشيلسي، وأخيرا خسارة الدوري في الأمتار الأخيرة، ولكن القدر أبى أن تكون تلك هي النهاية وانتقى نهايةً أفضل.

 

ويقول هاينكس عن موسم الثلاثية: "هذا الموسم كان استثنائيا بالنسبة لنا، فعلى مدار 50 عاما في البوندسليجا لم يلعب الفريق بهذا المستوى ولم يقدم هذا الأداء، لقد نجحنا تقريبا في تحطيم كل الأرقام السابقة، الفريق نجح في تحقيق إنجازات غير مسبوقة هذا الموسم".

 

ولكنه لم ينس في الوقت نفسه أن ينسب الفضل لأصحابه، وأثنى على لاعبيه مؤكدا أنهم السبب وراء التتويج، إذ قال: "أظن أنها روح الفريق وحيوية اللاعبين التي لم يسبق أن ظهر بها من قبل أي فريق في تاريخ كرة القدم، إنه شيء رائع بالنسبة لهؤلاء اللاعبين، ولكن الشيء المؤكد هو أننا عملنا بجد للوصول إلى هذا النجاح".

 

ذكاء الاختيار

 

بعد الثلاثية ورغم إعلانه اعتزال التدريب إلا أن العروض انهالت على هاينكس من كل حدب وصوب، سواء في ألمانيا أو خارج حدودها، إلا أنه كان ذكيا بما يكفي ليرفضها رغم الإغراءات.

 

ورفض هاينكس منصب مدرب المنتخب الألماني، وأكد أنه " ليس لديه أي طموح في استلام منصب المدرب" وكذلك رفض منصب المدير الرياضي للمنتخب، وبرر رفضه قائلا: "هذا لا يناسب طبيعتي، لم يعجبني العرض، صحيح أنني لم أعد أرغب بالعمل كمدرب ولكن هذا المنصب الشكلي لا يلائمني، كان علي أن أضح حدًا لنفسي وأقول هذا يكفي، لطالما كنت سيد نفسي".

 

ووصل الأمر أيضا إلى رفضه فكرة تولي تدريب فريق برشلونة خلفا للراحل تيتو فيلانوفا، بل وقال: "أعتقد بأنه من المستحيل بالنسبة لي استلام مهمة تدريبية جديدة بعد الانجاز الذي حققته الموسم الماضي مع ميونخ، أنا مشغول في الوقت الحالي، لدي هواياتي وأمارس الرياضة وأهتم بحديقتي الكبيرة".

 

فقدان الروح

 

كونك قريبا دائما من الدائرة لا يجعلك تلحظ بعض الأشياء، ولكن ابتعادك قد يعني أن الرؤية باتت أفضل، قد يكون هذا ما حدث مع هاينكس أو كما يقولون "البُعد يجعلك ترى بوضوح".

 

ويقول هاينكس لصحيفة "دي فيلت": "كرة القدم أصبحت تدار بطريقة سيئة، لقد فقدت روحها وأصبحت تجارة، الأمر كله يتعلق بأن تكون سريع سريع سريع، لا يوجد صبر هذه الأيام".

 

ويوضح: "ولكن عموما هكذا أصبحت الأمور أيضا في الحياة العادية، بعيدا عن الكرة، الأمر يُسبب الصدمة، حقيقةً".

 

مقالات متعلقة