بالفيديو| «مجددون».. مبادرة شبابية تنتشل أطفال شوارع الخرطوم من الضياع

مبادرة مجددون لانتشال أطفال الشوارع في السودان

في عاصمة يقطنها 9 ملايين نسمة، قسم كبير منهم نزح إليها من الأطراف، بفعل الحروب الأهلية، ينتشر في الخرطوم آلاف الأطفال المشردين، وسط "بؤس" لا يغشاه الأمل إلا لمامًا، من مبادرات رسمية وأخرى أهلية، مثل منظمة "مجددون" الشبابية.

 

هذه المبادرة التي يقودها شباب من الجنسين، تنشط منذ 2010 في عدة جوانب خيرية، قبل أن تكرّس جهودها، في الأشهر الماضية، لرعاية الأطفال المشردين بشوارع العاصمة السودانية.

 

وبحسب إحصائيات رسمية، يبلغ عدد المشردين في الخرطوم، وأغلبيتهم من الأطفال، 6 آلاف، لكن منظمات طوعية تقدرهم بأكثر من ضعف هذا الرقم.

 

وبدأت "مجددون" مشروعها العام الماضي، بتوفير وجبة الإفطار للتلاميذ في مدارس الأحياء الفقيرة، فكان أن لفت أنظار ناشطيها، تجمع عدد من الأطفال المشردين، للحصول على ما يسد رمقهم، فألهمهم ذلك إطلاق مبادرة خاصة بهذه الشريحة.

 

وارتكز هذا المشروع على شعار "الإفطار مقابل التعليم"، وذلك بتوفير وجبات تحفز هؤلاء الأطفال على الانتظام في حصص دراسية، تمحي الأمية المتربصة بهم.

 

وبعد مرور 7 أشهر على إطلاقها، جذبت المبادرة عشرات المشردين، وتطورت إلى مشروع أوسع، يستهدف إعادة تأهيلهم، بتوفير سكن للإقامة الدائمة، يبعدهم عن حياة التشرد وتبعاته من الإدمان واحتراف الجريمة.

 

ويحتوي المشروع على برنامج "تو فور ون"، الذي تقوم فكرته على أن يرعى اثنان من ناشطي المبادرة أحد التلاميذ، رعاية تامة تمتد من مراجعة الدروس إلى اصطحابه إلى السينما وملاهي الأطفال.

 

واتخذت "مجددون" من مساحة مكشوفة على شاطئ نهر النيل، مقرًا لتدريس الطلاب، وفقًا لمنهج "محو الأمية" الرسمي.

 

وجاء اختيار الشاطئ كمقر للمبادرة لكونه المكان الذي يتجمع فيه غالبية الأطفال المشردين، علاوة على قربه من المخيم، الذي أسسته المبادرة، ليقيم فيه الطلاب بشكل دائم، كما تقول علياء عماد الدين، المشرفة على المشروع.

 

وأوضحت علياء للأناضول، بعد إنهائها لواحدة من الحصص لطلابها، الذين يبلغون حاليًا 60 طالبًا، أن "الدراسة موزعة على 3 مستويات، تبدأ بتعلم القراءة والكتابة العربية، قبل الانتقال إلى تدريسهم الرياضيات واللغة الإنجليزية".

 

ولا يقف المشروع عند التعليم الأكاديمي، بل يمتد إلى معاونة الطلاب على الالتحاق بمعاهد التعليم الحرفي، لاتقان حرف مثل صيانة السيارات، يخرجون بعدها إلى سوق العمل وهم "مؤهلين تمامًا"، بحسب المشرفة على المشروع.

 

وبملامح مغتبطة، مفعمة بالأمل الذي يطويه بين دفتي كراسته، قال الفتى مازن (12 عامًا) "أشعر في هذا الشاطئ ولأول مرة بأن لي قيمة، بعد 5 سنوات قضيتها متشردًا".

 

وبنبرة مقتبسة من ماضي أثقل عليه الجوع والخوف، يحكى مازن للأناضول كيف أنه غادر منزل أسرته بعد وفاة والدته، هربًا من "قسوة" والده، وكيف أن شباب "مجددون" أعانوه، ليهرب مرة ثانية من معاناة الشوارع، محتميًا بأسرته.

 

وخلال أشهر عملها القليلة نسبيًا، نجحت هذه المبادرة في إعادة عدد من الأطفال المشردين إلى ذويهم، مع التكفل بكل مصروفاتهم، من غذاء وملبس وغيره.

 

ويتباهى مازن بأنه أقلع عن تعاطي "السبيرتو"، تلك المادة المخدرة، زهيدة الثمن، التي دأب وأقرانه من المشردين على تعاطيها، وبات الآن يتمتع بـ "حياة صحية أفضل".

 

وممتدحًا أستاذته كوثر بكري، التي تدرسه حصصًا في التربية الإسلامية، جزم مازن، وسبابته تشير إلى رفاقه في الفصل، بأنه "مصمم على مواصلة تعليمه مع زملاءه".

المعلمة كوثر بكري قالت للأناضول، "أكثر ما يميز هؤلاء الأطفال هو ترابطهم وحبهم لبعضهم البعض، الأمر الذي يسهل التعامل معهم".

 

وبكثير من الإعجاب تشرح المعلمة كيف أن طلابها "يتميزون بدرجة مواظبة عالية ورغبة حقيقية في التعلم".

 

وما يسعد كوثر ورفاقها أن مشروعهم بدأ يثمر، حيث أكمل أحد التلاميذ المقرر، وبات مؤهلًا للاتحاق بمدرسة نظامية، وآخر تفوق في اللغة الإنجليزية، ويخطط للجلوس مستقبلًا لامتحان الثانوية البريطانية، من أحد المعاهد في الخرطوم.

 

وتخطط المبادرة لتوسعة مشروعها، ولا يحد أحلامها في نجدة هولاء الأطفال أن عددهم يتسع، مقابل تمويلهم المحدود، الذي يعتمد بالأساس على تبرعات الخيرين.  

شاهد الفيديو:

مقالات متعلقة