أثارت دعوة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، القوى الديمقراطية لضرورة الالتفاف حول مرشح توافقي للانتخابات الرئاسية المقبلة ليكون بديلا مدنيا للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تساؤلا عن مدى إمكانية توحيد هذه الانتخابات لقوى اليسار المعارضة والإسلاميين حول مرشح واحد.
ورأى خبراء أنه من الضروري التوحد، لكنهم اختلفوا بشأن آلياته وشروطه.
وقال حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الوضع السياسي الحالي يستلزم توحد كل القوى المعارضة، والالتفاف حول مرشح واحد، حتى لا يعطون فرصة لتفتيت الأصوات، الذي سيكون في صالح النظام الحالي حال حدوثه.
وأضاف لـ" مصر العربية" أن الانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجري في يونيو 2018 هي الفرصة الأخيرة للتغيير السلمي؛ لذلك فعلى الجميع التخلي عن الأنا السياسية، لافتا إلى أن عودة القوى الإسلامية لحضن القوى المدنية تستلزم تخليهم عن الماضي وعدم الحديث عن عودة مرسي.
وتابع: يجب وضع معايير وأسس واضحة يكون اختيار المرشح التوافقي عليها، ويكون منتميا للقوى المدنية حتى لا تتهم المعارضة بأنها تحاول إعادة نظام الإخوان.
ومن جانبه أوضح أحمد البرعي، القيادي بتحالف التيار الديمقراطي، أن توحد القوى السياسية في الانتخابات الرئاسية المقبلة أمر ضروري؛ لمحاولة إنقاذ الدولة المصرية من الأزمات التي ألمت بها مؤخرا.
لكنه في الوقت ذاته، أكد أنه ليس هناك ما يسمى بالإسلاميين في العمل السياسي؛ لذلك فشرط التوحد تخلي العاملين بالسياسة عن الإيديولوجية الدينية، ومشاركتهم لتيار اليسار المدني في رؤيته، مشيرا إلى أن أي شىء غير هذا يجعل التوحد أمرا صعبا.
وأضاف البرعي لـ"مصر العربية" أن الإسلاميين مطالبين بالالتزام بالرؤية المدنية للأزمات المصرية خاصة فيما يتعلق بالشأن الاقتصادي، لافتا إلى أن هناك بعض القوى المحسوبة على التيار الإسلامي توحدت مع القوى المدنية في قضية جزيرتي "تيران وصنافير"، مما يؤكد سهولة الأمر شرط ابتعاد الإخوان.
وربط الناشط السياسي حازم عبدالعظيم، توحد الإسلاميين وقوى اليسار في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بضرورة اعتذار تيار الاسلام السياسي عن الفترة التي مضت منذ ثورة 25 يناير وحتى عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وأشار عبدالعظيم لـ" مصر العربية" إلى أن عدم اعتذار الإسلاميين يعني استمرار وجودهم خارج المعادلة السياسية خلال الفترة المقبلة، مما يضعف من تأثير القوى المعارضة خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتابع: من شروط التوحد أن يتم اختيار المرشح الرئاسي بناء على توافق الجميع، ولا يستميت كل تيار في التمسك برأيه دون الاستماع للآخرين، إضافة لضرورة أهداف عامة يقاتل الجميع لتنفيذها والابتعاد عن الرغبات الحزبية.
أما أحمد خلف، الأمين العام المساعد لحزب الوسط، فأوضح أن دعوة صباحي لمرشح توافقي، ليست مبادرة بها تفاصيل، ويجب التفريق بين مستويين يتعلقان بهذه الدعوة، الأول يخص الاصطفاف والثاني يخص الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها العام القادم، مشيرا إلى أنه لا يجوز الخلط بينهما، رغم أن العلاقة بينهما ستظل قائمة.
وأضاف خلف لـ"مصر العربية" أن الدعوة للاصطفاف ليست جديدة فهي تتكرر من حين لآخر، ويقف دون تحقيقها حساسيات في العلاقات بين القوى السياسية لا بد أن يدركوا أن جزءا كبيرا منها صار من الماضي؛ لأن الاصطفاف حاليا مسألة حيوية بالنسبة لمستقبل مصر.
وأشار إلى أن الاصطفاف يجب قياسه على مدى انحياز القوى السياسية للعدل والحرية والديمقراطية، وليس على تصورات تعتمد التصنيفات السياسية التقليدية، وذلك ليصطف من يؤمن فعلا بهذه القيم في مواجهة قوى الاستبداد، إضافة إلى ضروة أن يكون الاصطفاف غير مرتبط بإجراء الانتخابات الرئاسية من عدمه، ويكون من أجل الدفاع عن الحق في العدل والحرية والكرامة.
وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية قال خلف إن التوافق حول مرشح في مواجهة السلطة الحالية يعتمد على المناخ العام والضمانات الموضوعية التي يمكن أن تجري في ظلها مثل هذه الانتخابات، لكن التداعي من أجل اختيار شخص يقوم بدور المحلل لشرعنة الانتخابات كما حدث في استحقاقات سابقة أمر لا يمكن القبول به.
وتابع: هذه الضمانات والمناخ الديمقراطي المطلوب سيتحقق بالاصطفاف لا بمجرد التوحد خلف مرشح لمولد الانتخابات الرئاسية، ثم ينفض هذا التوحد دون تغيير المشهد الراهن البائس بما فيه من إجراءات قمعية وحبس عشرات الآلاف من المعارضين في السجون وتمكين لقوى الفساد في المجتمع.