مباحثات روسية فلسطينية جرت اليوم لا يعول عليها كثير من المراقبين، فى ظل امتلاك الولايات المتحدة لمعظم أوراق اللعبة السياسية فيما يخص القضية الفلسطينية.
وكما يعتقدون فإن روسيا بجانب دورها القوي فى الصراع السورى، ومحاولتها فى الآونة الأخيرة للنفاذ داخل الصراع الليبى لاقتسام الهيمنة الأوروبية الأمريكية فى إدارة الصراع هناك، تعمل جاهدة على إيجاد موطئ قدم لها فى القضية الفلسطينية التى ظلت حكراً لسنوات بيد الولايات المتحدة.
وجرت مباحثات اليوم بين الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن، و الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي فى روسيا، على هامش افتتاح مؤسسة بوتين الفلسطينية للثقافة والاقتصاد في بيت لحم، عبر الفيديو كونفرانس، والتى بنيت بتمويل روسى .
مشاركة روسيا
وأكد الرئيس أبو مازن خلال اللقاء أن القضية الفلسطينية لا يمكن حلها دون مشاركة حقيقية من روسيا، مضيفا خلال اللقاء:" من المستحيل حل القضية الفلسطينية دون مشاركة حقيقية من روسيا، وهذا هو ما نسعى إليه دائما ونحن دائما نتحدث عنه، بما في ذلك في المحافل الدولية".
وأشاد عباس بالموقف الروسي الداعي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود عام 1967 وعاصمتها القدس بحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية، وكذلك رحب بمقترح بوتين، حول عقد لقاء ثلاثي بمشاركة إسرائيل وفلسطين في موسكو، مبدياً استعداده لهذا في أي وقت.
فيما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الوجود السلمي لفلسطين وإسرائيل يعتبر شرطاً للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، معلنا منح فلسطين مزايا تجارية، وأن موسكو مستمرة في تقديم الدعم لاستئناف الحوار المباشر بين الفلسطينيين.
سلة أمريكا
وقال عبد القادر ياسين المحلل والمؤرخ الفلسطيني أن هذا اللقاء لن يقدم ولن يؤخر، مؤكداً أن الرئيس أبو مازن يضع كل بيضه فى سلة الولايات المتحدة الأمريكية. ورغم ذلك رأى فى تصريحات لمصر العربية أن هناك بعض النقاط الإيجابية يمكن الخروج بها من اللقاء، اعتماداً على رغبة روسيا فى تدعيم حضورها فى المنطقة.
النقاط الإيجابية
وأشار إلى أن الرئيس أبو مازن ربما يريد من هذا اللقاء الحصول على غطاء روسى للمفاوضات التى ستعقد مع إسرائيل، انطلاقاً من العلاقة القوية بين الرئيس بوتين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو .
وبحسب تصريحات للرئيس أبو مازن الثلاثاء الماضى أبدى استعداده لعقد لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحت رعاية أمريكية "من أجل صنع السلام".
إلا أن "ياسين" عاد وأكد أن مثل هذه التصريحات تثير السخرية؛ لأنها لن تقدم جديد نظراً لأن ميزان القوة فى صالح إسرائيل، و الفلسطينيين لا يملكون أى نقاط قوة أو أدوات ضغط على إسرائيل. والمفاوضات في نظره تعتمد فى المقام الأول على امتلاك مثل هذه النقاط والأدوات التى يمكن التفاوض من خلالها.
المصالحة الفلسطينية
وتابع "عبد القادر" أن روسيا يمكن أن تلعب دور الوسيط فى المصالحة بين حركتى فتح وحماس؛ لأن روسيا يمكن أن تستخدم التقارب بين إيران وحماس من أجل هذا الغرض ومعروف أن إيران حليف لروسيا، كما أن علاقة روسيا بحركة فتح قوية من خلال الروابط التاريخية بينهما.
واستطرد المحلل الفلسطيني أن روسيا لن تستطيع أن تؤدي نفس الدور الذى قام به الاتحاد السوفيتى فى الخمسينيات والسيتينيات من القرن الماضى؛ فروسيا ليست الاتحاد السوفيتى، والزمان والسياق مختلفان.
واختتم بأن إسرائيل ستقف أمام أى خطوة يقبل عليها أى طرف فى سبيل المصالحة بين فتح وحماس ،مؤكداً أن هناك "فيتو" إسرائيلى على المصالحة.
من جانبه رأى رامى شعث الناشط الفلسطينى و منسق الحمله المصرية لمقاطعة إسرائيل، أن اللقاء الفلسطينى الروسى يحمل طابع الزيارة البروتوكولية . لقاء غير مجدٍ وذكر فى تصريحات لمصر العربية أن اللقاء غير مجدٍ لأن الدول العربية تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية وحدها التى تمتلك أدوات القضية الفلسطينية، من ضغط على الكيان الصهيونى لتنفيذ أى قرارات تتخذ فى أى مفاوضات تجرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ولفت إلى أن أى قرارات يتوافق عليها بعيدا عن البيت الأبيض يصعب تنفيذها حتى لو صدرت من الدول الكبرى كروسيا .
دعم روسى
واستطرد شعث أن الهدف من الزيارة إحداث قدر من التوازن والدعم الروسى للفلسطينيين، ومحاولة روسيا لعب دور فى القضية الفلسطينية.
ونفى أى فائدة ترجا من لعب روسيا دور فى المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ لأنها "مضيعة للوقت" على حد تعبيره، منوها إلى أن إسرائيل لا تلتزم بأى قرار يتمخض عن المفاوضات.
وأردف منسق الحمله المصرية لمقاطعة إسرائيل أن الرئيس بوتين يحاول كسب نقاط كزعيم عالمي عن طريق إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين لمائدة المفاوضات من جديد.
فتح وحماس
وأكد أن روسيا يمكن أن تكون لاعبا قويا فى المصالحة بين حركتى فتح وحماس،نظراً لعلاقة روسيا الخاصة مع إيران، وبالتالى إيران لها القدرة للتأثير على حماس.
وأنهى شعث حديثه:" ربما تحدث هذه الفوائد المرجوة من الزيارة، وإن كانت صعبة الحدوث؛ لأن الولايات المتحدة فى حقيقة الأمر هى صاحبة اليد العليا".