قال الدكتور خالد توفيق، رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة السابق التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي: إن مشروع إحياء البتلو يوفر العديد من فرص العمل للشباب والمربين، مؤكدًا أنه لا يحقق الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء كما يظن الكثير.
وفي حوار لـ مصر العربية قدم روشتة علاج الثروة الحيوانية والداجنة في مصر بجانب الحلول التي بمقتضاها تختفي ظاهرة ارتفاع الأسعار داخل الأسواق.
الوسطاء سبب ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن
على الدولة توفير الحلول قبل إصدار التشريعات
ارتفاع تكلفة التربية تجعل الفلاح يذبح البتلو
نتميز في تحسين السلالات المحلية من الجاموس المصري
لدينا 14 سلالة محلية ومستنبطة من الدواجن
نمتلك جميع المقومات لإنشاء مصنع ألبان
صناعة الألبان توفر لبن البودرة للأطفال
وإلى نص الحوار ..
هل مشروع إحياء البتلو سيحقق الاكتفاء الذاتي من اللحوم؟
أولا.. مشروع إحياء البتلو سيوفر العديد من فرص العمل بالنسبة للمربين وصغار المزارعين والشباب ويساهم في دفع عجلة التنمية، لكن من خلال مشروع البتلو لم يتم الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء وهذا المشروع لو تم تنفيذه لم يساهم إلا في 20% فقط من احتياجاتنا.
وطبقا لإحصاء قطاع الاقتصاد في وزارة الزراعة لدينا 3.9 مليون رأس من الجاموس منهم 2 مليون من الإناث في سن التلقيح.. ولو تم إخصابهم ستصل النسبة 675 ألف رأس من العجول الجاموس الذكور «البتلو» ولو تم تسمينهم جميعًا سيصل العدد من الذبائح 300 ألف طن من الذبائح ونحن تستورد 500 ألف طن لذلك لا يسد المشروع سوى 20% من احتياجات مصر من اللحوم الحمراء.
وما الفرق بين مشروع تسمين العجول وإحياء البتلو؟
مشروع تسمين العجول كان في بداية التسعينيات والمبلغ حوالي 50 مليون جنيه والمشروع مازال يعمل حتى الآن لكن المشروع مر بالعديد من العراقيل نتيجة أن المشروع كان يعتمد عن طريق الدعم المباشر وهو دعم الفلاح من الأعلاف إضافة لوجود خلافات بين العديد من الجهات المعنية في هذا الأمر مثل «مؤسسة اللحوم – وزارتي الزراعة والتموين – بنك التنمية» لكن أهم العراقيل هي عدم وجود كيانات ضخمة كما كان قديمًا وهي التي كانت تستلم العجول من الفلاحين بعد وصولها إلى الأوزان المطلوبة.
ومؤخرًا في عهد وزارة الدكتور كمال الجنزوري عام 2012 تم تأسيس مشروع إحياء البتلو وخصصوا مبلغ 300 مليون جنيه منذ ذلك التاريخ والمبلغ متواجد كوديعة في بنك التنمية والائتمان الزراعي وهو أن يحصل الفلاح على قرض بفائدة 5% وتم تخصيص 100 مليون من المبلغ الإجمالي وتم بالفعل العمل على هذا المشروع منذ أيام.
هل توجد تشريعات تمنع ذبح البتلو؟
هناك تشريعات تمنع ذبح البتلو.. ولكن هناك استثناءات في عملية الذبح وهي العوارض مثل «الكسور».. ولم يتم ذبح البتلو حتى يصل إلى أوزان 400-450 كيلو.
لكن علينا أن نحل المشكلة من جذورها ألا وهي لماذا الفلاح يلجأ إلى ذبح البتلو.. الفلاح يواجه العديد من المشاكل وهي تكلفة التغذية والرضاعة وتوفير الأعلاف وفي حالة توفير تلك المقومات لا نحتاج إلى قوانين تجرم ذبح البتلو ولا تشريعات لذلك علينا توفير العلاج قبل صدور التشريعات، وهناك آلاف الأسر تعتمد على ذبح البتلو لسد احتياجاتهم.
لماذا ارتفعت أسعار اللحوم والدواجن في الأسواق؟
الأسباب ليست بجديدة وهي ارتفاع تكلفة الأعلاف لأننا نستورد أغلب مكوناتها من الخارج في الوقت الذي انخفضت فيه قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار بجانب قرار تعويم الجنيه فكل ذلك إضافة إلى أن ارتفاع تكلفة المدخلات التي تشكل 70% من أي مشروع حيواني نستوردها من الخارج بجانب الأمراض التي تؤدي إلى نفوق العديد من الحيوانات وبالتالي يقل المعروض مع زيادة الطلب فترتفع الأسعار.
ويوجد سبب غير منظور وهو تعدد حلقات التداول في اللحوم والدواجن «الوسطاء» كل ذلك يؤدي لارتفاع الأسعار.
ماذا عن المشروع القومي لتربية المليون رأس ماشية؟
بالفعل تم اختيار مناطق لإقامة المشروع.. لكن أتمنى أن يتطرق المشروع إلى الاهتمام بتربية ماشية اللبن لأنها تحقق التنمية المستدامة إضافة إلى أن الدولة سواء تم تنفيذ المشروع أم لا لن تتوقف عن استيراد اللحوم سواء حية أو مجمدة، ويجب أن يوجد مشروعات ألبان خاصة ألبان البودرة للأطفال ولدينا جميع المقومات التي تساهم في إنشاء مصنع للألبان بجميع مشتقاته.
ويجب إعطاء الأولوية لمشروعات الألبان وتربية الجاموس «العُشر» للاستفادة من إنتاج الألبان وأيضًا إنتاج رؤوس ماشية جديدة.. لأن تكلفة إنتاج كيلو لحمة أكبر بكثير من تكلفة إنتاج كيلو الألبان من حيث المياه والتغذية لأننا نعاني ندرة في المياه ويجب أن نتعامل مع المشروعات طبقًا للمعطيات المتوفرة لدينا.
هل توجد خطوات بحثية من قبل الدولة لتحسين سلالات الماشية والدواجن؟
توجد جهة تتبع مركز البحوث الزراعي تسمى «معهد بحوث الإنتاج الحيواني» هذا المعهد يعمل على تحسين السلالات في الثروة الحيوانية ويحتفظ حاليًا بترقيم الحيوانات ويوجد لدينا 14 سلالة دواجن محلية ومستنبطة إضافة إلى انفرادنا بسلالات الجاموس المصري بجانب تجميد وتصنيع السائل المنوي من تلك السلالات، وسلالاتنا المحلية والمستنبطة تتميز بالقدرة على التغييرات المناخية بجانب الكثير من الأمراض التي تؤرق السلالات الأخرى.
لماذا يمتنع الفلاح عن التوسع في زراعة الذرة الصفراء؟
قولًا واحدًا.. البدء الفوري في تطبيق قانون الزراعة التعاقدية (ثلاثية الأطراف) للذرة الصفراء وفول الصويا (بمشاركة كل من: المزارع - اتحادات المنتجين/ التعاونيات - والحكومة كطرف ثالث حكم).
وقيام الحكومة بوضع سعر استرشادي مشجع لكل من المزارعين والمنتجين، وبالمواصفات المتفق عليها، وعلى أن يتم التعاقد قبل الزراعة بوقت كاف، مع الإشارة إلى إمكانية قيام الاتحاد العام لمنتجي الدواجن بشراء كامل الكمية المنتجة محلياً من الذرة الصفراء (والمقدرة بحوالي 1.7 مليون طن حالياً)، بل وشراء أضعاف هذه الكمية، حيث يتم استيراد حوالى 8.3 مليون طن إضافية - تكبد الدولة ما قيمته 1.6 مليار دولار سنوياً، كما يتم استهلاك حوالى 2 مليون طن من الصويا سنوياً نستورد معظمها من الخارج، وحيث يوجه الجزء الأكبر من هذه الكميات لصالح صناعة الدواجن.
ما هي الحلول العملية الواجبة لعلاج مشاكل الثروة الحيوانية في مصر؟
أولى الخطوات العلاج، البدء الفوري في تطبيق الزراعة التعاقدية كما ذكرنا في السابق.
بجانب التوسع في زراعة الذرة الصفراء وفول الصويا (بتخصيص مساحات لزراعتها بمناطق المليون ونصف فدان)، على أن تتم الزراعة والتسويق من خلال الزراعة التعاقدية أيضاً (بالتنسيق مع اتحاد منتجي الدواجن - الشركات الاستثمارية الأخرى - والتعاونيات).
ضرورة استبدال كميات معتبرة من الذرة الصفراء المستوردة (المستخدمة في تغذية الدواجن) بالذرة البيضاء المنتجة محلياً، الأمر الذي يتسم بإمكانية كبرى للتطبيق (دون حدوث أي تأثيرات سلبية على الإنتاجية)، مع نشر الوعى المطلوب في هذا الخصوص.
تنفيذ مشروع قومي لتدوير 33 مليون طن من النواتج المنزرعة - مخلفات نواتج التصنيع الزراعي - مخلفات أسواق الخضر والفاكهة (بمشاركة كلٍ من:- وزارة الزراعة - وزارة البيئة، ووزارة الشباب)، وما لذلك من أثر في تقليص الفجوة العلفية، وخفض تكاليف مدخلات الإنتاج وأساسها (التغذية)، حيث تمثل تكاليف التغذية أكثر من 70 % من التكاليف الكلية للإنتاج.
ويؤدى استخدام تلك المخلفات في النهاية إلى خفض ملموس في أسعار المنتجات الحيوانية، وما لذلك من أثر أيضاً على نظافة البيئة، والتخلص من مشكلة السحابة السوداء، وتوفيراً لفرص عمل للشباب، وتخفيفاً على الأجهزة الحكومية المعنية بالتخلص من هذه المخلفات والتي تعد بمثابة ثروة قومية.
تخصيص مساحات لزراعة "الكانولا" بمناطق المليون ونصف فدان، والذي تعد بذوره من البذور الزيتية ذات القيمة الغذائية العالية، والتي ثبت نجاح زراعتها بالأراضي الصحراوية، والملحية، وحيث تصل نسبة الزيت بها إلى 40 % (ضعف نسبة الزيت في بذور فول الصويا)، كما تصل نسبة البروتين بالكسب الناتج منها (بعد استخلاص الزيت) إلى 35 %، الأمر الذى يساهم في تقليص الكميات المستوردة من زيوت الطعام، كما يساهم في توفير الكسب اللازم لتغذية القطعان.
التوسع في تصنيع لقاحات الدواجن والماشية محلياً، ودعم الدور الهام لكل من معهد بحوث المصل واللقاح بوزارة الزراعة -وشركة فاكسيرا بوزارة الصحة في هذا الخصوص، على أن يتم إرساء "برنامج تحصين استرشادي موحد" للتحصينات السيادية بمعرفة اللجنة العلمية للهيئة العامة للخدمات البيطرية (بصورة فورية)، لتعميمه على المزارع، وذلك إحكاماً للسيطرة على الأمراض، وتلافياً لدخول مسببات مرضية وبائية جديدة.
يحد ذلك من عشوائية استخدام وتداول اللقاحات المستوردة والمهربة، مع ضرورة توفير التحصينات السيادية لقطعان صغار المربين مجاناً، وتوعية مربى القطاع الداجني الريفي بأهمية الالتزام بمعايير الأمان الحيوي، والتخلص الآمن من النافق.
إنشاء "شركة مساهمة" لإنتاج لقاحات الدواجن (بين الحكومة -وشركات الاتحاد -والشركات الأخرى الراغبة) من العترات الفيروسية المرضية المحلية، بما يدعم الإنتاج المحلى للقاحات، وبما يؤدى بالتالي إلى توفير العملات الأجنبية، وخفضاً لتكاليف مستلزمات الإنتاج.
حتمية تشديد الرقابة السعرية على الأسواق، ودراسة وضع هامش ربح منطقي (مع عدم الإخلال باعتبارات حرية السوق، والتنافسية)، فالرقابة على الأسعار بغرض الحد من جشع التجار لا تعني التحكم الحكومي الجبري لهذه الأسعار، كما أن حرية الأسواق لا تعني العشوائية.
البدء فوراً في اتخاذ إجراءات إنشاء "شركة تسويق" تابعة للاتحاد العام لمنتجي الدواجن، ومنافذ بيع للمنتجات تابعة للشركة، وذلك ضبطاً للأسعار التي تشهد فارقاً كبيراً ومبالغاً فيه ما بين أسعار المزارع والأسعار المطروحة للمستهلك بالأسواق، كوسيلة للتغلب على مشكلة تعدد حلقات التداول - وجشع بعض تجار التجزئة، بما يصب في صالح المستهلك، وتوفيراً لفرص عمل للشباب من خلال العمل بهذه المنافذ.
تشغيل مجازر الدواجن بالدولة بكامل طاقتها، وعددها 310 مجازر (منها حوالي 300 للقطاع الداجني التجاري)، بالتنسيق مع الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، تلافياً للمشاكل الخطيرة الناجمة عن نقل وتداول الطيور الحية بين المحافظات، وتفعيلاً لنص المادة (1) من القانون 70 لسنة 2009 القاضي بمنع تداول الطيور الحية، وذلك حداً من انتشار الأمراض، وتوفيراً لفرص عمل للشباب.
حيث أن هذه المجازر لا تعمل إلا بـ 15 % فقط من طاقة تشغيلها حالياً، في الوقت الذى يمكنها استيعاب كامل إنتاجنا المحلى الكلى من الدواجن، وما يستتبع تشغيلها من تحقيق الربط المباشر بين هذه المجازر - ومنافذ البيع (مع مراعاة إقامة المنافذ على مقربة من المجازر).
البدء في إنشاء بورصةٍ للدواجن يديرها مجلس إدارة من الخبراء المخلصين (من غير المشتغلين بصناعة الدواجن)، ذلك على أن تقوم البورصة بتسعير المنتجات الداجنة (وفقاً لتكلفتها الفعلية)، مع إمكانية تخصيص جزء من عائدات البورصة لصالح الصناعة.
البدء في اتخاذ الخطوات التنفيذية لتفعيل خطة النهوض بالمجازر الحيوانية بالدولة - المقدمة من وزارة الزراعة إلى مجلس الوزراء في نوفمبر 2016، التي شارك في وضعها العديد من الأطراف ذات الصلة، وذلك وفقاً لقرار السيد المهندس/ رئيس مجلس الوزراء رقم 2506 لسنة 2016.
حتمية العمل على إعادة الدور الحكومي المتمثل في شركات قطاع الأعمال العام، من خلال إحياء بعض الكيانات الهامة السابقة (كالمؤسسة العامة للدواجن -والمؤسسة العامة للحوم)، بما يؤدى إلى زيادة الإنتاج المحلى من الدواجن واللحوم من جهة، وحداً من الاحتكار وتفعيلاً للتنافسية مع القطاع الخاص من جهة، ومساهمةً في ضبط أسعار المنتجات بالأسواق من جهة أخرى.