في تصعيد جديد للصراع الدائر بين البرلمان والسلطة التنفيذية من جهة وبين القضاء من جهة أخرى، قررت الجمعية العمومية لمجلس الدولة، عصر اليوم السبت، ترشيح يحيى دكروري النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، متمسكين بمبدأ الأقدمية وإرسال اسمه منفردًا لرئاسة الجمهورية.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أصدر قانون تنظيم تعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية برقم 13 لسنة 2017، ويتضمن القانون تعديلاً للقوانين الأربعة المنظمة للسلطة القضائية ومجلس الدولة والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة.
ونصّ القانون على أن يعين رئيس النيابة الإدارية ورئيس هيئة قضايا الدولة ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية، من بين 3 من أقدم 7 أعضاء بكل هيئة، يرشحهم المجلس الأعلى لكل هيئة فيما عدا مجلس الدولة حيث ترشحهم الجمعية العمومية لمستشاري المجلس، إلا أن مجلس الدولة خالف القانون بإرساله لاسم واحد، هو المستشار يحيى الدكروري.
واعتبر محمد عبدالعزيز، عضو لجنة العفو الرئاسي، أن مجلس الدولة ألقى الكرة في ملعب الرئيس السيسي، وكتب عبر حسابه الشخصي على موقع «فيس بوك»: «الادعاء بأن قضاة مجلس الدولة اخترقوا القانون ادعاء غير حقيقي.. فترشيحهم لاسم واحد فقط هو المستشار الجليل يحيى الدكروري أقدم نواب رئيس مجلس الدولة وصاحب الحكم التاريخي بمصرية تيران وصنافير يعني أنه يحق لرئيس الجمهورية طبقا للقانون اختيار اسم من أقدم 7 قضاة لرئاسة مجلس الدولة».
وأوضح «عبدالعزيز»: «ما فعله القضاة أنهم جعلوا الكرة في ملعب الرئيس، فإن كانت القصة هي تطبيق القانون وأن هذا القانون ليس لهدف محدد هو استبعاد المستشار يحيى الدكروري فنتمنى من الرئيس اختيار الدكروري رئيسا لمجلس الدولة، فليس في مصلحة الدولة المصرية أن تبدو إرادة الرئيس مناقضة لإرادة الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة، نصيحة مخلصة لوجه الله والوطن طبقوا القانون واختاروا الدكروري رئيسا لمجلس الدولة».
ورأى الإعلامي رامي رضوان أن ماحدث بمثابة تحدي من مجلس الدولة لقانون السلطة القضائية، وكتب عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر»: «في تحدٍ لقانون السلطة القضائية، عمومية مجلس الدولة ترشح المستشار يحي دكروري منفردًا لرئاسته، اللعب شغال جامد، يا ترى ما هي الخطوة التالية».
هذا فيما قال الكاتب الصحفي، محمد الجارحي، إن قرار مجلس الدولة هو «صفعة على وجه النظام»، وكتب عبر حسابه الشخصي على «تويتر»: «تحية إجلال وتقدير، شكرًا قضاة مجلس الدولة، قراركم اليوم صفعة ودرس مفاده أنه مهما بلغ تنكيل النظام وانتقامه ستجد من يصدح بالحق في وجه سلطان جائر».
وفي السياق ذاته أكد عدد من المشاهير أن ترشيح يحيى الدكروري، الذي حكم بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، خطوة هامة في صالح استقلال القضاء.
جاء في مقدمة هؤلاء المشاهير الكاتب تامر أبو عرب، والذي كتب عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر»: ««أدعم مجلس الدولة بعد تفصيل قانون خاص لعزل الدكروري لأنه قال تيران وصنافير مصرية». متابعًا: «أدعم حائط الصد الأخير في معركة استقلال القضاء».
واتفق الناشط السياسي، شادي الغزالي حرب، مع رأي «أبو عرب»، وكتب هو الآخر عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر»: ««أدعم مجلس الدولة في دفاعه عن ما تبقى من استقلال القضاء.. شعاع نور وسط ظلام دامس».
كذلك أعلن جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، دعمه لقرار مجلس الدولة بترشيح الدكروري، وكتب عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر»: «استقلال القضاء حق لكل الناس، وليس للقضاة نفسهم. أدعم مجلس الدولة لأنه بدأ، وعقبال باقي أقسام القضاة».
وأشاد المحامي مالك عدلي، عضو لجنة الدفاع عن جزيرتي تيران وصنافير، بقضاة مجلس الدولة، عبر حسابه الشخصي على موقع «فيس بوك»، قائلًا: «وما زال قضاة المجلس الدولة بيضربوا لنا أمثلة علي إن الاستكانة مجرد اختيار مش إجبار ولا حاجة».
وتابع «عدلي»: «أتمنى أي مؤسسة بتدعي الاستقلال أو بتطلبه إنها تحذو حذوهم.. تحية واجبة لأحد الحصون القليلة المتبقية للحريات والقانون والمشروعية في مصر».
وعلى جانب آخر حذّر البعض من صدامٍ متوقع بين النظام والقضاء، من بينهم الناشط السياسي، حازم عبدالعظيم، والذي كتب عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر»: «الصدام قادم بين نظام السيسي والقضاء المحترم. وتيران وصنافير في القلب. معركة بين الانبطاح والاستقلال. ربما تكون معركة المصريين جميعا».
وعلى غرار حازم، تسائل المحامي والحقوقي، نجاد البرعي، عن إمكانية حدوث صدام بين الحكومة ومجلس الدولة، وكتب
عبر حسابه الشخصي على موقع «فيس بوك»: «قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة بترشيح الدكروري وحده لرئاسة المجلس يشكل إحراجا لمجلس القضاء الأعلى وربما سيزيد الاحتقان بين شباب القضاة».
وتابع «البرعي»: «مجلس القضاء الأعلى رشح أقدم ٣ مستشارين من بين أعضاؤه ليختار منهم الرئيس واحدا ليرأس المجلس ومحكمة النقض.. السؤال ما سوف يكون عليه موقفهم الآن؟».
وتسائل «البرعي»: «هل تتجه الحكومة إلى صدام مع مجلس الدولة أم ستبحث عن حل وسط وما هو؟».
وغرّد الكاتب الصحفي، محمد أبو الغيط، خارج السرب، بعد زعمه أن القضاة قد وضعوا خططًا بديلة حال رفض الرئيس عبدالفتاح السيسي تعيين المستشار يحيى الدكروري رئيسًا لمجلس الدولة.
وكتب «أبو الغيط» عبر حسابه الشخصي على موقع «فيس بوك»: «معركة القضاة: المقاومة بالقانون أم بالناس؟ من فترة أنا عارف معلومات إن فيه ترتيب داخلي تم بين فئة من القضاة خاصة بمجلس الدولة والنقض، لتحدي السيسي بأساليب قانونية وقضائية بحتة. وواضح إن النهاردة ضربة البداية بالخطوة الشجاعة لقضاة مجلس الدولة بإرسال اسم واحد فقط للسيسي هو المستشار يحيي الدكروري».
وأوضح «أبو الغيط»: «دلوقتي السيسي مادام لم يتلقى 3 ترشيحات يبقى حقه يختار من يرضاه من أكبر سبعة حسب البند اللي وضعوه بالقانون بآخر لحظة تحسباً لتصرف زي ده.. هنا بقى تيجي دور حركتين ملعوبتين: أولاً: إن القضاة بمجلس الدولة وبالنقض اتفقوا إن أي حد من السبعة يعينه السيسي هيرفض القرار ولن يستلم، وده فيه كلمة شرف بينهم، وفيه حصل نقاش داخلي من نادي القضاه ان القاضي الي هيقبل هيسقطوا عضويته بالنادي».
وتابع «أبو الغيط»: «ثانياً: بفرض الندالة والخيانة تقدر الجمعية العمومية تجتمع وتعزل رئيس المحكمة اللي هيقبل تعيين السيسي.. ثالثاً: بالتوازي مطروح كل المسارات القضائية، من أول رفع قضية بمجلس الدولة نفسه ضد قرار التعيين بصفته قرار إداري ومجلس الدولة يلغيه، ونهاية بالقضية المرفوعة ضد القانون بالدستورية العليا على امل ان الدستورية تلغي القانون لمخالفته الدستور».
وأضاف «أبو الغيط»: «الكلام ده شكله جميل جدا، وفيه أوراق قوة معتبرة، ووارد ينجح فعلاً. لكن وارد برضه يفشل جداً، لأنه كونك تضمن 7 أشخاص مفيهومش واحد يطمع أو يخاف، أو تضمن اجتماع كامل للجمعية العمومية بأغلبية تكفي نصاب عزل الرئيس، ده صعب حتى لو الآن الناس متحمسة ومخلصة، لكن بعد شوية ممكن يُلوح لهم بتهديدات ما أو بأوراق ما».
وأكمل «أبو الغيط»: «القضاة فئة خاضعة لأوراق كتير من الدولة، وخاصة كبارهم، ومش بنتكلم بس عن الرواتب والبدلات اللي ممكن يتهددوا بها، ولا الحماية الأمنية من الداخلية اللي عادي ممكن يهددوهم برفعها، بنتكلم عن أمور لا نعلمها خالص زي تخصيصات أراضي لكبارهم، أو انتدابات لجهات حكومية وغيرها، وربما يهددوا بسلسلة فضائح زي ما شفنا التركيز الشديد على قضية فساد أمين مشتريات مجلس الدولة لدرجة ينشرو نصوص مكالمات جنسية له».
واستطرد «أبو الغيط» قائلًا: «في رأيي أن القضاة، أو الفئات الغاضبة منهم للدقة، لو ناويين يخوضوا المعركة للآخر فوسيلتهم الأفضل هي اللجوء للقوى السياسية والناس. جعل العدالة قضية شعبية لأنها فعلا كذلك ولا تمسهم وحدهم. مجلس الدولة تحديدا بحكم عدم تورطه في أحكام السجن الظالمة زي الجنايات، وبحكم ما اكتسبه بعد تيران وصنافير، مؤهل جداً تطلع منه دعوة لحملة شعبية لجمع مليون توقيع مثلا لالغاء القانون».
وتابع: «تخيل حملات توقيع ميدانية وطرق أبواب ونزول للشارع بصحبة قضاة ورموز سياسية يوميا، وتروح تلف المحافظات، ده شيء مزلزل داخلياً وخارجياً اكتر بكتير من الاكتفاء بالمناورات القانونية والقضائية. وده فقط يغلق مسارات تهديد أو إغراء بعض الأفراد وقفل القصة بكده. هل نحلم؟».