بنبرة حادة وصوت مرتفع، انتقد الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة خلال افتتاحه عددًا من المشروعات التنموية بمحافظة قنا، في عبارات تضمنت رسائل وعيد لواضعي أيديهم على أملاك الدولة قائلاً: إحنا مش في طابونة ومن النهاردة أنا مش هسمح بالكلام ده.
هذا الانزعاج الشديد من جانب الرئيس وفقا لخبراء في علم النفس والاجتماع السياسي تقف خلفه 9 أسباب، متوقعين أن يكون السيسي في مرحلة البحث عن كبش فداء لتخفيف وطأة الغضب الشعبي الناتج عن تدهور الأحوال الحالية داخل الدولة.
قال سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية إن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي يأتي متزامنا مع تقرير مركز التعبئة العامة والإحصاء حول بلوغ عدد السكان 93 مليون نسمة داخل مصر مع الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الدولة.
وأضاف صادق لـ "مصر العربية" أن عصبية الرئيس وانفعاله المتكرر خلال الخطاب يعكس عدم رضاه عن الوضع الحالي للدولة إلى جانب انتقاده أجهزة الدولة لعدم القيام بدورها الحقيقي في تحقيق الأمن الداخلي، وهذا ظهر جليا من توجيهه اللوم للحكومة ووزارة الداخلية أكثر من مرة.
وأوضح أستاذ الاجتماع السياسي أن الشرطة مقصرة في الحفاظ على أملاك الدولة أو الرقعة الزراعية حيث أنها تسمح بالتعديات، ولا تمنعها من البداية نتيجة لعوامل كثيرة منها التقاعس عن أداء واجبها أو انشغالها بقضايا سياسية أو لوجود الرشاوى التي تمنعها من القيام بوظيفتها في الحفاظ على ممتلكات الدولة.
وتابع: "الرئيس وجه رسائل واضحة لأجهزة الدولة وعلى رأسها الداخلية في الانتهاء من تسوية أزمة التعديات على أملاكها في مختلف أنحاء الجمهورية خلال شهر واحد وطلب من القوات المسلحة معاونتها في هذا الأمر".
واستبعد صادق احتمال وجود حساب حال عدم التزام الحكومة بالتكليفات الموكلة إليها، لأن الأمر بين وزيري الدفاع والداخلية، ووزير الدفاع لا يمكن للرئيس إقالته وفقًا للدستور، كما أن وزير الداخلية لم تتم إقالته في أكثر من كارثة منها تحطم الطائرة الروسية أو واقعة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني أو أحداث التفجيرات التي تعرضت لها كنيستا مارجرجس والمرقسية.
وفي السابق ذاته، رأى سعد الدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع السياسي أن حديث الرئيس اليوم يوضح حالة الإحباط التي تصيبه نتيجة لتقصير الحكومة في القيام بمهامها وتأخيرها في تنفيذ السياسات العامة وسوء الأوضاع عامة داخل الدولة.
وأشار إبراهيم لـ"مصر العربية" إلى أن حالة الانزعاج التي أبداها الرئيس ناتجة عن تقارير استفتاءات الرأي العام التي تتلقاها رئاسة الجمهورية من وقت لآخر وتكون محملة بالكثير من السلبيات وتعكس حالة الغضب العام من الأوضاع داخل الدولة وسياسات الحكومة التي لا تفيد في معالجة أزمات الدولة.
ورجح أستاذ الاجتماع السياسي إمكانية أن يكون الرئيس خلف تعنيفه للحكومة يبحث عن كبش فداء، كما أن إشراك القوات المسلحة مع الشرطة في استرداد أملاك الدولة يزيد من الاعتماد على الأجهزة الأمنية لأنها تسير بمبدأ السمع والطاعة في تنفيذ الأوامر الموكلة إليها.
كما أرجع جمال فرويز أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة عصبية الرئيس خلال كلمته اليوم إلى إحساسه بأنّ الناس غير متعاطفة مع التصرفات التي يقوم بها، فهو يرى أنه يقوم بمجهود كبير من أجل إصلاح الدولة لكن الناس في النهاية تنظر لما هو أمامها وتنتهي إلى أنّ الحياة تسير نحو الأسوأ وليس الأفضل.
وأكد فرويز لـ "مصر العربية" أن الرئيس أيضًا حاول الإشارة إلى الفساد المنتشر في الدولة والذي تتورط فيه وزارة الداخلية بصورة أو بأخرى.
وتمنى أستاذ الطب النفسي أن يكون خلف حماسة الرئيس وانفعاله نية لمعاقبة المقصرين خلال الفترة المقبلة حتى يعطي انطباعًا للمواطن البسيط بأن من يخطئ يحاسب فيكون ذلك دافعا لتقبل الوضع الحالي أملاً في وجود نية للتغيير.