بالقتل والتهجير .. نظام الأسد يستعد لـ«جنيف 6»

تهجير أهالي تشرين القريبة من العاصمة دمشق

استباقا لجولة جديدة من مفاوضات ثقيلة على قلب نظام بشار الأسد، شنت قواته هجوما كاسحا على مناطق حزام دمشق لتهجير الموالين للمعارضة السورية منها، وقبض سيطرته على العاصمة قبل المفاوضات، لتعزيز موقفه وفرض كلمته بعيدا عن مرجعية القرارات الدولية.  

ويخشى النظام دوما من مباحثات جنيف ويحاول عرقلتها منذ أن خرجت الجولة الأولى ببيان تمخض عنه قرار من مجلس الأمن 2218 يحدد مسارا للحل السياسي في سوريا وهو تسليم السلطة لهيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة، وهو يعتبر المرجعية لأي مفاوضات تجري تحت رعاية الأمم المتحدة.

 

التصعيد العسكري لقوات الأسد يأتي رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته روسيا وتركيا في سوريا ديسمبر الماضي والذي أكدته موسكو وأنقرة وطهران في مباحثات الأستانة في عدة جولات.

 

السيطرة على محيط دمشق  

وقبل أن تنطلق مفاوضات جنيف غدا اقتربت قوات الأسد من السيطرة شبه الكاملة على العاصمة للمرة الأولى منذ العام 2012، لعد تقدم ملحوظ حققته على مدى الأيام الماضية قوات الأسد.

 

كما عقد النظام اتفاقات إخلاء ثلاثة أحياء كانت لسنوات طويلة معاقل مهمة للمعارضة حتى تتمكن السيطرة على كامل العاصمة ومحيطها وتؤمن نفسها.

 

وكنتيجة للتصعيد العسكري بدأ أهالي حي القابون في ضواحي العاصمة دمشق المغادرة اليوم بعد أن وصلت الحافلات الخضراء إلى الحي لتنقل مقاتلين من المعارضة وأسرهم.  

عدة مناطق  

ولم يكن حي القابون الذي أصابه التدمير بشكل شبه كامل وغادره  2300 شخص الوحيد فقد سبقه تهجير أهالي حي البرزة المجاور وحي تشرين الأسبوع الماضي، ويبقى حي جوبر المهم الذي لازالت قوات المعارضة تسيطر عليه ومثل تهديدا لمعقل النظام عدة مرات من قبل هو الهدف القادم لقواته في الأيام المقبلة.

 

زكريا عبدالرحمن الخبير السياسي السوري أكد أن الأسد منذ البداية لا يهتم إلا بالحسم العسكري ومفاوضات جنيف لا تهمه في شيء فيعتبرها عبارة عن جلسات وورشات عمل إعلامية لن تفيد في شيء في ظل مضيه قدما تجاه تحقيق الخطة العسكرية، باستعادة الأرض التي كانت تحت يد الفصائل قطعة تلو الأخرى حسب المتوفر لديه من إمكانيات.

 

تصعيد ما قبل المفاوضات  

ولفت في حديثه لـ"مصر العربية" إلى أن التصعيدات العسكرية تحدث قبل المفاوضات والمباحثات وبعدها للتأكيد على عدم الالتزام بنتائجها وهو ما حدث في مباحثات الأستانة وجنيف وغيرها، فأعقبها عمليات تهجير للسوريين وقصفهم.

 

وذكر عبدالرحمن :" عقب انتهاء كل جولة من مشاورات الأستانة يهجر أهالي المناطق القريبة من دمشق تحديدا"، معتبرا التصعيد الذي يحدث قبل جنيف يأتي من باب تعزيز موقفه في التفاوضات وفرض كلمته.

 

الحسم العسكري  

وشدد الخبير السياسي على أن المسار العسكري يشهد تقدما لصالح النظام وحلفائه من الإيرانيين والروس، بينما المسار السياسي متعثر بين الأستانة وجنيف، والدول أصبحت تميل للحسم العسكري.

 

تيسير النجار المحلل السياسي السوري و رئيس الهيئة العامة السورية للاجئين قال إن النظام لم يفكر يوما في الحل السياسي للأزمة السورية ولكن ما يشغله فقط هو الحل العسكري، ولم يتوقف عن تطبيق ذلك عمليا على الأرض فالقتال مستمر والقتل ممتد قبل اتفاق وقف إطلاق النار والمناطق الآمنة وبعدهما.

 

حزام دمشق  

وذكر في حديثه لـ"مصر العربية" أن النظام يحاول تفريغ مناطق حزام دمشق وطرد أهلها من بيوتهم بما يخدم المشروع الإيراني، مؤكدا أن الأسد لن يشارك طواعية في مفاوضات جنيف ولكن يرغم عليها، فلا أن يجبر أيضًا على تنفيذ مخرجاتها.

 

ونوه إلى أن أمريكا لا ينتظر منها توجيه ضربة أخرى لنظام الأسد وهو ما يجعله يتمادى، مفيدا أن أمريكا لا تدعم المعارضة السورية كما تقاتل روسيا بكل ما أوتيت من قوة بجانب الأسد، وهو ما يجعل الكفة مائلة وإن كانت المعارضة لا تنتظر دعما من أمريكا، ولكن عليها الضغط لصالح تطبيق القرارات الدولية، ولكن واشنطن مشغولة بترتيب البيت الداخلي أولا.

 

وبيّن النجار أن مناطق حزام دمشق كان يعتبره النظام سكين على رقبته لذلك سعى منذ فترة للقضاء عليه.

 

جولات سابقة  

ولم يكن هناك جدوى لأي جولة من جنيف سوى الأولى يونيو 2012 التي خرج عنها بيان ومن ثم قرار من مجلس الأمن 2218 الذي حدد مسار الحل في سوريا بتشكيل هيئة حكم انتقالية تتسلم السلطة بالكامل حتى إجراء انتخابات رئاسية جديدة وصياغة دستور جديد، إلا أن هذا البند لم يفعل فأصبحت هي والعدم سواء.

 

وأما جنيف 2 التي كانت يناير 2014 فأعلن الأخضر الإبراهيمي المبعوث الأممي لسوريا حينها فشلها، لأن النظام رفض مناقشة بند تشكيل هيئة حكم انتقالية وكان هو البند الأساسي للمفاوضات، وكذلك فشلت جنيف 3 في فبراير 2016 بسبب انسحاب المعارضة على خلفية قصف مدينة حلب المستمر وقتها.

 

ودون أن تثمر جنيف 4 عن شيء يذكر أُعلن تنظيم جولة جديدة من المفاوضات في المدينة السويسرية، وقبل أن يُعلَم الجدوى من جنيف 5 أطلق المبعوث الأممي لدى سوريا ستيفان دي ميستورا جولة سادسة.

مقالات متعلقة