صيدنايا.. «مسلخ» بشري.. فيه يحرق الأسد معارضيه

التعذيب والحرق في سجون الأسد

 

6 سنوات ولا يعرف أين هم يقبعون؟ وكيف يعاملون؟ أحياء أم أموات، أقصى المعلومات عنهم، أنهم اعتقلوا قبل سنوات، حين أتت سيارة في ظلام الليل مكتوب عليها "الأمن الحربي"، وقيدتهم بالأصفاد بتهمة معارضة النظام.. النظام الذي اعتقل وقتل وأعدم وأخيرا أكمل جريمته بالحرق لإخفاء معالمها.. إنهم سجناء الرأي المأسورون بسجن صيدنايا الحربي.

 

فبعد سيطرة آل الأسد على الحكم في سوريا (حافظ وابنه الأسد) قرابة ستة عقود، زادت أعداد السجون في البلاد، وامتلأت غالبيتها بالمعارضين، حولت حياة المدنيين إلى أرقام.. أرقام لم تقف فقط على الأحياء، بل ارتبطت أيضًا بالموتى الذين حولهم النظام إلى أرقام في ثلاجات الموتى، حتى هذه حرمهم منها، فقرر "السفاح" حرقهم جماعيا.

 

ومنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 فرّ أكثر من 10ملايين شخص من ديارهم، بينما لم يجد مئات آلاف آخرون فرصة للهرب فوقعوا أسرى في يد قوات بشار الأسد الذي زجّ بهم في سجونه السرية المزة وصيدنايا وغيرهم من الزنازين القاتلة.

جثث لمعارضين سوريين

 

إدانات تلو الأخرى تفضح وحشية نظام بشار الأسد، ضد معارضيه، حرق وقتل ومشانق جماعية لم تفرق بين شيخ وطفل وامرأة.. هكذا وصفته منظمات دولية، ودول صانعة قرار عن ما يرتكبه النظام الأسدي من مجازر في سوريا.

 

وكشفت الولايات المتحدة عن أدلة ترجح أن النظام السوري أقام "محرقة" لجثث المعتقلين الذين تمت تصفيتهم بسجن صيدنايا العسكري شمال دمشق، مشيرة إلى احتمال إعدام خمسين معتقلا هناك يوميا، وقالت الأمم المتحدة إنه يجب محاسبة كل من يرتكب الجرائم بسوريا.

 

وعرض مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ستيوارت جونز على الصحفيين صورا التقطت عبر الأقمار الصناعية مطلع عام 2015، وتظهر ما بدا كأنه ثلوج تذوب على سطح المنشأة، وهو ما قد يشير إلى الحرارة المنبعثة من داخلها.   

التعذيب والقتل في سجون النظام

 

وقال إنه منذ عام 2013، عدّل النظام السوري أحد أبنية سجن صيدنايا العسكري ليصبح قادرا على احتواء ما يعتقد أنها محرقة للجثث، مضيفا "رغم أن أعمال النظام الوحشية الكثيرة موثقة بشكل جيد، نعتقد أن بناء محرقة هو محاولة للتغطية على حجم عمليات القتل الجماعي التي تجري في صيدنايا.

 

وأوضح المسؤول الأميركي أن واشنطن حصلت على معلوماتها من وكالات إنسانية ذات مصداقية ومن مصادر استخباراتية أميركية، دون أن يوضح السبب الذي دفع بلاده إلى الانتظار أكثر من عامين لكشف الأدلة.

 

وأعرب جونز عن اعتقاده أنه يجري إعدام حوالي خمسين شخصا كل يوم في صيدنايا، وأن جثثهم تحرق للتخلص من رفاتهم دون ترك أدلة، كما نقل عن تقرير لمنظمة العفو الدولية أن ما بين خمسة آلاف إلى 11 ألف شخص قتلوا بين عامي 2011 و2015 في سجن صيدنايا وحده.

سجناء اغتالهم الأسد

 

غازي فالح أبو السل المحلل السياسي السوري، وأحد من تم اعتقالهم في سجون النظام عقب اندلاع الثورة، قال: "رأينا العجائب في سجون النظام، فالأسد ليس له مثيل في القتل والتعذيب والإجرام.

 

وأوضح السل لـ"مصر العربية" أن سوريا مليئة بالمعتقلات السرية والعلنية ولا توجد إحصائية دقيقة بعدد المعتقلين، قائلا: "النظام يحاول تنظيف السجون من المعتقلين بالتخلص منهم بكافة الطرق الممكنة لأنهم عبئ عليه.

 

وتابع: "المعتقلون يمارس بحقهم أقسى وأمر حالات التعذيب التي لا تخطر على البال، "يتفننوا ويستمتعوا بتعذيبهم، واغتصاب حرائرنا  الماجدات، مضيفا: "من سجن صيدنايا وثقت إحدى المنظمات الدولية إعدام ثلاثة عشر ألف  شخص قضوا شنقا.

 

وأشار السياسي السوري إلى أن سوريا مليئة بالسجون السرية التي لا نعرف مصير أبنائنا فيها، لافتا أن منظمات حقوق الإنسان الدولية كلها منظمات استخباراتية كاذبة لا يوثق بها ولا بالأمم المتحدة، ولا بمجلس الأمن ولا بكل المنظمات الدولية، فكل العالم مع بشار الأسد وما لنا غير الله، ونحن ماضون بثورتنا ولا خيار أمامنا إلا النصر والتحرير بإذن الله تعالى.

قصف الأسد للمدن السورية

 

علاو أبو اليزيد، أحد أهالي ريف إدلب، قال لـ"مصر العربية" أن جرائم الأسد مؤكدة، والعالم كله يشاهدها كل يوم، ولكن هناك رغبة دولية في قتل الشعب السوري، والتخلص منه واستبداله بشيعة من العراق وإيران ولبنان.

 

وأوضح أن محاكمة الأسد على جرائمه في صيدنايا وغيرها مستحيل، فكما قلنا مسبقًا "هناك رغبة دولية في استمراره، مضيفا: "نحن كل يوم في إدلب نتعرض لقصف وقتل وحرق جماعي ولا أحد يتحدث عن تلك المجازر.

 

وأكد أن "سجون الأسد تحولت لمصنع لإنتاج الموتى، والاغتصاب والقتل، متسائلا: "لماذا لم تعاقب أمريكا بشار الأسد على جرائمه؟.

جانب من مجازر الأسد في سوريا

 

من جهته، رحب رئيس وفد المعارضة السورية في مفاوضات جنيف نصر الحريري باعتراف وزارة الخارجية الأميركية بجرائم النظام بحق المعتقلين، وقال إن الوقت قد حان ليتحرك العالم من أجل وقف انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وهو ما سيكون حاضرا في المفاوضات الجارية حاليا، حسب تعبيره.

 

وفي لقاء مع الجزيرة، قال ستيفن أوبراين نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إنه يجب أن تكون هناك مساءلة لكل من يرتكب جرائم في سوريا، مضيفا أنه من الصعب جدا جمع أدلة تدين مرتكبي الجرائم لكن المهم الآن هو تقديم المساعدة.

 

وفي فبراير الماضي، نشرت منظمة العفو تقريرا تحت عوان "المسلخ البشري: عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا"، وقالت فيه إن النظام أعدم 13 ألف شخص شنقا على مدى خمس سنوات في هذا السجن وحده، ورجحت أن هذه الجرائم لا تزال مستمرة.

 

وبعد أيام من نشره، رفض رئيس النظام بشار الأسد التقرير، وقال في مقابلة صحفية إن منظمة العفو "دائما منحازة ومسيسة، ومن المعيب أن تنشر مثل تلك المنظمة تقريرا دون دليل على الإطلاق".

 

وتنتشر سجون الأسد في المناطق التي يسيطر عليها النظام وميليشياته من المرتزقة الأجانب، فهناك عشرات السجون السرية التي يزج بها المعتقلون السوريون ويقضون فيها أوقاتًا طويلة دون محاكمة، فضلاً عن مقتل العديد منهم تحت التعذيب، حسبما أكدت تقارير لمنظمات حقوقية.

 

فمن سجون تدمر، إلى دمشق، وصيدنايا، واللاذقية، والمزة، وفروع المخابرات، يتعرض معارضو النظام لشتى أنواع التعذيب، بينها الصعق بالصدمات الكهربائية ونزع أظافر الأيدي والأرجل والسلق بالمياه الساخنة والاغتصاب والاعتداء الجنسي للمعتقلات، وأخيرا الحرق الجماعي، بحسب ما أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مؤخرًا والتي أكّدت أن 11 ألفًا و429 شخصًا قتلوا بسبب التعذيب في سوريا، 99% منهم قتلوا على أيدي قوات النظام، وهو أكده أيضا مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ستيوارت جونز على الصحفيين قبل أيام.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات متعلقة