بعد اللعب بورقة قاعدة إنجرليك.. الصدام التركي الألماني إلى أين؟

بين منع وفد برلماني من الدخول للأراضي التركية والتهديد بتصعيد الخلافات والبحث عن شركاء جدد، تصاعدت وتيرة التصريحات المتبادلة بين ألمانيا وتركيا، حتى وصلت إلى لجوء وزير الخارجية الألماني زيجمار جابرييل إلى الولايات المتحدة لحل النزاع مع أنقرة، بشأن دخول مسؤولين ألمان قاعدة إنجرليك الجوية التركية تتمركز فيها وحدة ألمانية تشارك بمكافحة الإرهاب.

 

الأزمات بين تركيا وألمانيا ليست بسبب قاعدة "إنجرليك"، فحسب تصريحات باحثين ومتخصصين في الشأن التركي فإن تعنت ألمانيا في دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وانتقادها للاستفتاء الأخير، كانوا أحد أسباب منع إدارة أردوغان لوفد برلماني ألماني من دخول القاعدة الجوية.

 

منع تركيا للوفد البرلماني الألماني من زيارة قاعدة إنجرليك، جعل وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون ديرلاين إلى إعلان عزمها إجراء محادثات استطلاعية في الأردن مطلع الأسبوع المقبل، للبحث عن بديل لقاعدة "إنجرليك" التركية.

 

كما طالب وزير الخارجية الألماني زيجمار جابريل نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون، خلال اجتماع في واشنطن، إلى استخدام نفوذه بعد أن منعت تركيا نوابا ألمان من دخول قاعدة إنجرليك التي تستضيف 268 جنديا ألمانيا ضمن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش".

 

وردّ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، على تصريحات مسؤولين ألمان باحتمال سحب قواتهم من قاعدة إنجيرليك بالقول "هذا أمر يخصهم" مضيفًا: "لن نتوسّل لهم من أجل البقاء".

 

مواقف ألمانيا من تركيا السبب

 

أكد كرم سعيد الباحث المتخصص في الشأن التركي أن رفض أنقرة لزيارة وفد برلماني ألماني قاعدة أنجرليك لم يكن لأول مرة، بل حدث قبل ذلك عندما صوت البرلمان الألماني على اعتبار مذابح الأرمن إبادة جماعية.

 

وقال سعيد لـ"مصر العربية" إن منع تركيا للوفد الألماني جاء بسبب الاعتراض على افتتاح مقر خاص للأكراد في برلين، واعتراض الحكومة الألمانية على استفتاء تركيا الأخير، وأيضًا إعلان ألمانيا رفضها لإقامة تويت للأتراك على أراضيها في حالة إقرار عقوبة الإعدام.

 

وأشار "سعيد" إلى أن السبب الأساسي يعود إلى منح الحكومة الألمانية اللجوء السياسي لـ40 عسكريًا تركيًا من شاركوا في انقلاب يوليو الفاشل، وهو ما اعترضت عليه أنقرة بشدة.

 

ويرى "سعيد" أن تركيا تريد إيصال رسالة واضحة إلى ألمانيا برفض استقبالها للوفد البرلماني، وهو الاعتراض على المواقف السياسية لبرلين تجاه أنقرة.

 

وعن الآثار المترتبة على هذه الأزمة قال الباحث المتخصص في الشأن التركي إن هناك شد وجذب بين الدولتين، ولكن لن يصل إلى حد "القطيعة"، مؤكدًا أن ألمانيا تعتبر تركيا "بوابة تأمين" لحدودها الجنوبية، وعلى الجانب الآخر تركيا تؤكد أنها تريد بناء علاقات قوية مع أوروبا لضمانا لحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.

 

 

تركا تريد إيصال رسالة

 

على الجانب الآخر، قال مصطفى زهران الباحث في الملف التركي إن إدارة الرئيس رجب طيب أردوغان أرادت إيصال رسالة بعد منع الوفد البرلماني الألماني بأن تركيا أصبحت دولة ذات نفوذ في المنطقة.

 

وأكد زهران في تصريحاته لـ"مصر العربية" أن اعتراضات ألمانيا على منع وفدها البرلماني من زيارة قاعدة إنجرليك لم يعد مجديًا، خاصة بعد تصريحات مولود تشاويش أوغلو وزير الخارجية بأن بلاده لن تتضرر من خروج القوات الألمانية أي ما معناه "مع السلامة".

 

وشدد زهران على أن الأزمة ستنتهي في أقرب فرصة بين البلدين، وأن اعتراضات ألمانيا وتهديداتها تأتي في إطار "السجال المتبادل" بين البلدين.

 

تاريخ قاعدة إنجرليك مع الحروب

 

وقاعدة إنجرليك الجوية هي مقر السرب العاشر التابع لقيادة القوة الجوية التركية الثانية، كما هي مقر للسرب الـ 39 للقوة الجوية الأمريكية.

 

 

تقع قاعدة إنجرليك الجوية في قرية تركية تحمل ذات الاسم قرب مدينة أضنة جنوبي تركيا، وتبلغ مساحتها نحو 1335 هكتارا وهي قاعدة تابعة لحلف شمالي الأطلسي إلى جانب قاعدة إزمير الجوية.

 

ويوجد في القاعدة بضعة آلاف من العسكريين أغلبهم أمريكيون، إضافة إلى المئات من أفراد القوات الجوية التركية والبريطانية والألمانية والسعودية.

 

وللقاعدة التي بدأت الولايات المتحدة بالعمل في بنائها في ذروة الحرب الباردة عام 1951 مدرج واحد يبلغ طوله 3,048 مترا، إضافة الى نحو 57 حظيرة للطائرات، وفق ما نقلته "بي بي سي".

 

ولعبت القاعدة دورا محوريا وكبيرا خلال الحرب الباردة اذ كانت طائرات التجسس الأمريكية تنطلق منها لتحلق فوق أجواء الاتحاد السوفييتي السابق، وكانت تضم 150 رأسا نوويا نشرتها الولايات المتحدة في القاعدة فيما تتحدث تقارير عن تخزين 50 رأسا نوويا في القاعدة حاليا.

 

كما لعبت القاعدة دورا أساسيا في الجهد العسكري الامريكي في الشرق الأوسط ابتداء من لبنان حتى الحرب الحالية على تنظيم داعش.

 

ورفضت تركيا استخدام القاعدة في الحرب على التنظيم من قبل الولايات المتحدة، مما أجبر الجيش الامريكي على اللجوء إلى استخدام قواعده في دول الخليج أو حاملات الطائرات وهذا ما كان يحد من قدرة الطيران على تقديم الدعم الجوي المباشر للقوات التي تقاتل التنظيم في العراق وسوريا.

 

وبعد مفاوضات ومساومات طويلة بين أنقرة وواشنطن وبعد شن التنظيم هجمات دامية داخل تركيا وافقت أنقرة في 2015 على السماح للطائرات الأمريكية المقاتلة بالانطلاق من هذه القاعدة التي لا تبعد كثيرا عن ساحة المعركة في سوريا لشن ضربات على مواقع التنظيم.

 

وتبعد القاعدة نحو 10 كيلومترات عن مركز مدينة أضنة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1,7 مليون نسمة وعلى بعد 32 كيلومترا عن ساحل البحر المتوسط.

مقالات متعلقة