بعد رفع أسعار الفائدة.. رابحون وخاسرون

طارق عامر محافظ البنك المركزى

أثار قرار البنك المركزى مساء أمس الأحد، برفع أسعار الفائدة 2% الكثير من الجدل فى اﻷوساط الاقتصادية وبين الخبراء الاقتصاديين الذين توقع معظمهم تثبيت البنك لأسعار الفائدة واﻷكثر تفاؤلا منهم لم يتوقع ارتفاعها بهذه النسبة الكبيرة.

وألقى رجال الأعمال واقتصاديون باللوم على صندوق النقد الدولي فى اتخاذ البنك المركزى هذا القرار، مؤكدين أنه سيكون له آثار سلبية عديدة على الاقتصاد المصري فى الفترة المقبلة ولن يساهم فى خفض معدلات التضخم كما تحاول الحكومة.

وأوضح الخبراء أن على رأس هذه السلبيات ارتفاع تكلفة الدين وزيادة عجز الموازنة، ارتفاع العائد علي أذون الخزانة، خروج المستثمرين وعدم دخول استثمارات جديدة وتأثر أداء البورصة بشكل سيئ.

"مصائب قوم عند قوم فوائد".. وعلى النقيض هناك البعض الذى رحب بالقرار لأنه يستفيد منه فى الفترة المقبلة ويأتى على رأس هؤلاء المودعين والمستثمرين اﻷجانب فى أدوات الدين الحكومية.

ورفع البنك المركزى سعر الفائدة على الودائع لأجل ليلة واحدة إلى 16.75 بالمئة من 14.75 بالمئة ورفع سعر فائدة الإقراض لليلة واحدة إلى 17.75 بالمئة من 15.75 بالمئة في أول زيادة منذ رفع الفائدة 300 نقطة أساس دفعة واحدة في نوفمبر الماضى إثر تعويم الجنيه.

وفيما يلى يرصد "مصر العربية"، أبرز الرابحين والخاسرين من رفع أسعار الفائدة.

 

الرابحون 1- حسابات التوفير والودائع لأجل: هذه الحسابات سيرتفع سعر الفائدة عليها ما بين 1و2% عن مستوياتها الحالية، وبالتالى ستكون جاذبة للمودعين حيث تتراوح فوائد حسابات التوفير فى البنوك المختلفة حاليا ما بين 7% و13%.

 

2- شهادات الادخار مرتفعة العائد: مازالت شهادات الادخار مرتفعة العائد الحالية والتى تتراوح بين 16% و 20%، وجذبت خلال 6 أشهر مضت أكثر من 450 مليار جنيه، مغرية لجذب أموال المودعين من رجال اﻷعمال والمواطنين العاديين بسبب عائدها المرتفع.   3- المستثمرون اﻷجانب فى أدوات الدين الحكومية: أكبر مستفيد من رفع سعر الفائدة هو المستثمر الأجنبى، الذى يستثمر فى أدوات الدين الحكومية "أذون الخزانة وسندات"، ويرغب فى أرباح سريعة ومضمونة، وهى ما يطلق عليها "الأموال الساخنة"، لأنها تحصد الأرباح وتخرج سريعا، ولا تضخ فى شرايين الاقتصاد أو فى القطاع الصناعى.

 

الخاسرون 1- عجز الموازنة العامة: الموازنة العامة هى المتضرر الأكبر من قرار رفع أسعار الفائدة، لأنه سيؤدى لرفع سعر الإقراض الداخلى للحكومة لسد عجز الموازنة ليتجاوز الـ20%، فى عطاءات أذون وسندات الخزانة المقبلة.

وهو ما يعنى أن موازنة العام المالى الجديد 2017/2018، التى كانت تستهدف خفض عجز الموازنة وتقدر العجز الكلى فى الموازنة بـ 370 مليار جنيه، ستعانى من تكلفة الاقتراض، ما يعنى مليارات إضافية على بند خدمة الدين، بما يزيد من مستويات العجز، ويصعب من تحقيق المستويات المستهدفة.

  2- الدين العام: رفع سعر الفائدة سيؤدى لزيادة الدين العام، حيث ستزيد تكلفة اقتراض الحكومة من البنوك عند طريق أدوات الدين الحكومية "أذون وسندات الخزانة".

وفي تصريحات سابقة لـ«مصر العربية»، قال علاء سماحة، رئيس بنك الزراعي المصري الأسبق، إن رفع أسعار الفائدة سيدفع لارتفاع تكلفة الدين بالموازنة لحوالي 400 مليار جنيه، ما يقلل فرص الحفاظ على عجز الموازنة ضمن النسب المتفقة عليها مع صندوق النقد الدولي بأقل من 10%.

 

وأشار رئيس البنك الزراعي المصري الأسبق، إلى أن رفع أسعار الفائدة 2% يكلف الخزانة العامة للدولة نحو 32 مليار جنيه إضافية.

 

3- الاستثمارات والصناعة: يعتبر القرار غير مناسب لرجال الأعمال، وسيؤدى لعزوف المستثمرين عن الاقتراض من البنوك بسبب ارتفاع سعر الفائدة، إذ أنه يتسبب فى ارتفاع تكلفة الاستثمارات الأجنبية والمحلية.

 

وحتى إذا قرر المستثمرون تحمل التكلفة المرتفعة، فإن ذلك يزيد من تكلفة الإنتاج، بما لذلك من تبعيات قد تؤدى لارتفاع الأسعار وبالتالى مزيدا من التضخم وليس كما يستهدف البنك المركزى، وبما لذلك أيضا من تبعيات قد تؤدى إلى الركود وتوقف النشاط الاقتصادى.

وقال هاني توفيق الخبير الاقتصادي، إنه ليس كل تضخم نحاربه برفع سعر الفائدة، فهناك تضخم بسبب انتعاش وتشغيل كامل أو شبه كامل لعناصر الإنتاج، وهناك تضخم آخر بسبب زيادة التكلفة، مشيرا إلى أن رفع الفائدة معناها رفع التكلفة أكثر ومزيد من الركود.

وأضاف توفيق لـ"مصر العربية"، أن هناك حالة من الركود الكامل في ظل أسعار الفائدة المرتفعة، والبنوك تشبعت من أثار القرار، فضلا عن تأثر المصانع وحركة التجارة والسوق العقاري والمقاولات والمولات.

وأوضح الخبير الاقتصادي أنه من الصعب أن تحقق نسبة 20% بالاستثمار في مشروعات حقيقية تلاحقها العديد من المخاطر، في حين تستطيع الحصول على العائد بسهولة دون مخاطر تذكر.

وكتبت الدكتورة عالية المهدى عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة، عبر صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك، تعليقا على القرار قائلة "رفع سعر الفائدة ٢٪‏ وسوف يليه رفع آخر في تصوري اتساقًا مع مطالب الصندوق.. وسلم لي علي الاستثمار".

وأضافت المهدى "هو مفيش تنسيق مع الدكتورة سحر نصر مثلا؟.. يعني الست تعبانة وبتحاول تضبط ما أفسده مناخ الاستثمار.. يقوموا رافعين سعر الفائدة بالشكل ده؟ ولسه".

 

4- البورصة: القرار سيؤثر بالسلب على البورصة المصرية التى سيحجم المستثمرين عن التعامل فيها ويتجهون إلى البنوك لإدخار أموالهم فرأس المال يرغب فى الحصول على عائد مرتفع مع مخاطر منخفضة، ورفع سعر الفائدة يعنى اتجاهه إلى البنوك التى تقدم عائد مرتفع ومخاطر منخفضة.

وقال محمد الدشناوي، محلل أسواق المال، إن القرار ضربة موجعة للاستثمار في البورصة المصرية، وسيزيد من المعوقات التى تهدد استمرار تحقيق معدلات جيدة داخل سوق الأوراق المالية، خاصة مع تطبيق ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة.

وأوضح الدشناوي لـ"مصر العربية"، أن المستثمر سيفضل ضخ مدخراته في شهادات الإدخار التى تطلقها البنوك في ظل العائد المرتفع، فضلا عن تأثر نتائج الشركات جراء رفع الفائدة على الاقتراض.

 

وأشار إلى أن رفع أسعار الفائدة يزيد الضغوط على القطاعات الاستثمارية، وسيحد من فرص التوسع للشركات.

ويفضل المصريون في الفترة الأخيرة توجيه مدخراتهم للاستثمار في شهادات الادخار التى وصل العائد عليها 20% في أعلى مستوى للفائدة عالميًا، ووفقا للبيانات المنشورة جذبت البنوك أكثر من 450 مليار جنيه ودائع جديدة.

3 حلول بديلة لرفع الفائدة الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى، قال إن هناك 3 حلول بديلة لخفض معدلات التضخم بعيدا عن رفع أسعار الفائدة ويمكن استخدامها بسهولة إذا أرادت الحكومة ذلك بالفعل.

وأوضح عبده فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن هذه الحلول تتمثل فى السيطرة على انفلات الأسعار من جانب التجار الجشعين الذين استغلوا ارتفاع سعر الدولار ورفعوا اﻷسعار 300% رغم أن ارتفاع الدولار كان 120%، وأيضا  زيادة اﻹنتاج والسيطرة على اﻷسواق  وارتفاع اﻷسعار والاهتمام بالصناعة المحلية والحد من طباعة البنكنوت والحد أيضا من الاقتراض الحكومي محليا وخاصة الموجه للإنفاق الجاري.

 

كذلك تعاقد وزارة التموين مع الفلاحين مباشرة على الخضار والفاكهة وطرحها فى اﻷسواق بالمناطق الشعبية للقضاء على دور الوسيط الجشع وبالتالى تنخفض اﻷسعار.

وأشار إلى أن ثالث هذه الحلول هو العمل على خفض سعر الدولار الذى نستورد به 70% من احتياجاتنا من الغذاء لأن اعتمادنا على الخارج فى غذائنا مصيبة كبرى ويستنزف الموارد المالية اﻷجنبية للدولة.

وأضاف الخبير الاقتصادى، أن إجراء رفع سعر الفائدة على الودائع فى البنوك لامتصاص السيولة آثاره سلبية على الاقتصاد المصري لأن المستثمرين سيفضلون وضع أموالهم فى البنوك بفائدة أعلى بدلا من تحمل مخاطر استثمارها فى المشروعات واحتمالية الربح أو الخسارة.

وأوضح أن رفع سعر الفائدة يجعل المستثمرين يبتعدون عن الاقتراض من البنوك بسبب الفائدة المرتفعة ما يؤدى إلى توقف الاستثمارات التى تؤثر بالسلب على نمو الاقتصاد.

مقالات متعلقة