لا تخفى على أحد مغامرات المحقق البريطاني شرلوك هولمز، تلك الشخصية الوهمية الذي ابتكره آرثر كونان دويل في 1887، إذ كان يساعد الشرطة في القبض على المجرمين، وتمر اليوم ذكرى ميلاد آثر كونان.
من متابعة شخصية هولمز، نلاحظ بعض الدورس المستفادة من هذه المغامرات، التي سار عليها الفرنسي زين الدين زيدان، مدرب ريال مدريد، وقاد الفريق الملكي للقب الدوري الإسباني للمرة الـ33 في تاريخ الفريق المرينجي.
المعلومة أولًا قبل الفرضية
يقول هولمز: "أنا لا أخمــن أبدًا .. خطــأ فادح أن تضــع نظــرية (فرضيــة) قبـل أن تجمع المعلــومات، حتمــًا سينتهـي بك الحـال الي تطويع الحقـائق جبـرًا لتتنــاسب مع النظــرية ، بدلاً من أن تجعـــل النظـــرية تنــاسب الحقــائق".
عدم الاعتماد على الفرضية هو ما سار عليه زيدان، عندما قرر الدخول في مجال التدريب، والعمل كمساعد مع كارلو أنشيلوتي، في موسم 2013-2014 الفترة الرائعة لفريق الملكي وحصد بها 4 ألقاب.
لم يتكبر زيدان في الحصول على معلومة، بل ذهب للتعلم من بيب جوارديولا، صاحب نهضة برشلونة في العقد الأخير، والأرجنتيني مارسيلو بيلسا، المدير الفني الأسبق لأولمبيك مارسيليا الفرنسي، وذلك رغم أنه يُلقب بـ«الأستاذ».
بعد العمل لموسم مع كارلو أنشيلوتي، كمساعد، وافق زيزو على تدريب فريق الشباب "كاستيا"، قبل العودة لقيادة الفريق الأول في 4 يناير 2016 خلفًا لرافاييل بينيتيز.
زيزو يعمل على جمع المعلومات عن طريق مساعده دافيد بيتوني، المتخصص في تحليل خصوم الفريق الملكي، والتعرف على نقاط ضعفهم.
اختلف عن الآخرين
كان هولمز لديه هاجس في الأناقة، والاختلاف عن الآخرين في أناقته، ولغته الإنجليزية، لتجذب إليه الآخرين وينال اهتمامهم.
زيدان مثال للأناقة في ملابسه، بارتداء أشهر الماركات العالمية، وأكثرها أناقة، منذ قدومه للفريق الملكي في يناير 2016.
وكان زيدان يختلف عن الآخرين في ريال مدريد كلاعب، ومدرب حاليًا، لأنه لديه علاقة رائعة مع فلورنتينو بيريز، رئيس النادي الملكي، بجانب سياسية التعامل مع النجوم، خاصة الرجل الأول في البلانكوس، البرتغالي كريستيانو رونالدو.
ويُعد زيدان أول مدرب في ريال مدريد، يريح كريستيانو رونالدو في العديد من المباريات هذا الموسم، دون حدوث أي مشاكل معه، ليصل الدون لأعلى مستوياته في نهاية الموسم الجاري.
وعاد كريستيانو رونالدو لمستواه القوي، وسرعته الهائلة في هجوم الفريق الملكي، إذ سجل "هاتريك" في شباك بايرن ميونخ الألماني، ومثله في اتلتيكو مدريد، ليصل بالفريق الملكي لنهائي دوري أبطال أوروبا، كما سجل ثنائية في إشبيلية، ومثلها في سيلتا فيجو، وهدف التقدم بملعب "مالاجا"، ما جعل البلانكوس ينال لقبه الـ33 في الليجا.
التفاصيل الصغيرة مفتاح الحل
من أقوال شرلوك هولم الشهيرة: "العقل المبدع لا يتجاهل أبدا التفاصيل الصغيرة"، فالتفاصيل الصغيرة التي اتبعها زيدان في ريال مدريد، باللعب على الكرات العرضية التي أهدت الفريق الملكي العديد من النقاط في مشواره بلقب الليجا ودوري أبطال أوروبا.
واظب زيدان في تدريبات ريال مدريد، على تدريبات الكرات العرضية التي ساعدت البلانكوس كثيرًا هذا الموسم.
ثنائية رائعة بين توني كروس وسيرجيو راموس، انقذت ريال مدريد من أفخاخ كثيرة وخاصة لقاء الكلاسيكو 1-1 ومباريات أخرى.
العودة بعد ما يظن الآخرون أنها النهاية
توقع الجميع نهاية هولمز بعد سقوطه من حالق من عدوده اللدود "مورياتي"، ولكن شرلوك عاد أقوى مما ظنه الجميع.
تلقى زيدان ضربة موجعة من ليونيل ميسي، في كلاسيكو الأرض، بشهر أبريل، بخسارة متأخرة بثلاثة أهداف لهدفين، وسط الجماهير الملكية، جعلت البلانكوس يفقد صدارة الدوري لمصلحة الفريق الكتالوني، بفارق المواجهات المباشرة.
حينها ظن الجميع بأن زيدان وفريقه الملكي سيدخل النفق المظلم، ويفقد لقب الليجا، الغائب عن البرنابيو منذ 5 سنوات، ولكن الفرنسي نجح في إدارة المباريات الباقية للبلانكوس، واستعادة الصدارة من برشلونة، بفضل مساعدة كريستيانو رونالدو وتحقيق اللقب الـ33 بفارق 3 نقاط عن البارسا.