رفع أسعار الفائدة يقلل النمو وليس التضخم.. هكذا عنونت وكالة "رويترز" للأنباء تقريرًا سلطت فيه الضوء على الخطوة المفاجئة التي أعلن عنها البنك المركزي أمس الأول الأحد برفه أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بواقع 2%، بناء على توصيات من صندوق النقد الدولي، في مسعى لاحتواء معدلات التضخم الصاروخية التي تشهدها البلاد منذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه الذي اتخذته الحكومة في الـ 3 من نوفمبر الماضي.
وذكر التقرير المنشور على النسخة الإنجليزية لـ "رويترز" أن قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي برفع أسعار الفائدة لن يسهم كثيرًا في كبح جماح التضخم، بل وسيؤثر سلبًا على الاستثمارات في وقت يحتاج إليها البلد العربي المأزوم اقتصاديًا بصورة ماسة.
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة منذ الزيادة التي أقرها في نوفمبر الماضي (3%) والتي كانت تهدف لخفض التضخم- الذي يتجاوز الآن 30%- وتخفيف الضغوط الواقعة على الطلب، بعدما صرح صندوق النقد الدولي أن العمل على هذين العاملين ضروري جدًا لمواصلة القاهرة السير في برنامج الإصلاح الاقتصادي.
لكن خبراء اقتصاديين ورجال أعمال وخبراء مصرفيين قالوا إن التضخم في البلد العربي الواقع شمالي إفريقيا التي يمتلك فيها 10% فقط من السكان حسابات مصرفية، يعزى إلى ارتفاع تكاليف المواد الخام، موضحين أن الزيادة في أسعار الفائدة لن تحقق التأثير المرجو.
ويلقي مجتمع الأعمال باللائمة على الضغوط التي يمارسها صندوق النقد الدولي فيما وصفوه بالقرار الخاطيء، قائلين إن بيئة الأعمال والمناخ النقدي في مصر لم يؤخذا في الاعتبار، ويتطلبان استراتيجية مختلفة.
وتحدث خبير مصرفي مصري رفض الكشف عن اسمه لـ "رويترز" قائلا:" من الواضح أن مصر تسير وفق ما هو محدد لها برغم أنها تختلف عن الدول الأخرى... ولذا فإن ما ينفع في مكان ما لا ينبغي بالضرورة أن ينفع هنا. فثمة ديناميكيات مختلفة، مثل نسبة الأشخاص الذين يمتلكون حسابات مصرفية في مصر والتي لا تتجاوز 10%."
وكان 13 من بين 14 شخصا استطلعت "رويترز" أرائهم قد توقعوا أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير.
وقالت إيمان النجم، الخبيرة الاقتصادية في مجموعة "برايم هولدينج":" لا نفهم منطقية هذا القرار،" مشيرة إلى أن رفع أسعار الفائدة ربما يأتي بنتائج عكسية تسهم بدورها في تفاقم مستويات التضخم عبر رفع تكاليف الاقتراض بالنسبة للشركات.
وأردفت النجم:" البنك المركزي سبق وأن قال إنه يستهدف معدلات التضخم، لكن هذا خطأ، لأن التضخم هنا هو التضخم الذي تدفعه التكاليف. إن مسؤولي البنك واقعون تحت ضغوط صندوق البنك الدولي."
وقبل 6 أشهر أقدمت مصر التي تكافح لإحياء النمو الاقتصادي المتعثر منذ ثورة الـ 25 من يناير 2011، على تحرير سعر صرف العملة أمام العملات الأخرى فيما يُعرف بـ "تعويم الجنيه"، ورفع أسعار الفائدة، ما تسبب في انخفاض قيمة الجنيه بمعدل النصف منذ ذلك الحين.
وساعدت تلك الخطوة، وفقًا للتقرير، القاهرة على تأمين الحصول على قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 12 مليار دولار، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية.
وطبقت السلطات أيضًا قانون القيمة المضافة، ورفعت سعر الوقود المدعم، وهي الخطوات التي أسهمت بدورها في رفع معدل التضخم لأكثر من 30%، وهو أعلى مستوى في عقود.
وتوصلت القاهرة وصندوق النقد الدولي في مايو الجاري إلى اتفاق يقضي بحصول الأولى على الشريحة الثانية من القرض، وأعرب الصندوق عن "ثقته" في امتلاك البنك المركزي المصري الأدوات الصحيحة لتحقيق الهدف المنشود.
من جهته، علق علاء السبع، عضو الشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرفة التجارية بالقاهرة على رفع أسعار الفائدة بقوله:" لا أفهم كيف استطاعوا أن يتخذوا تلك الخطوة؟ كيف يمتثلون لكل مطالب صندوق النقد الدولي؟ فالاقتصاد من الممكن أن يتوقف عن النمو."
وتابع السبع:" الاقتراض سيكلفني الآن سعر فائدة بأكثر من 18%. وهذا رقم سخيف سيضاف إلى سعر السلع."
وارتفعت أسعار السلع بنسبة 31% على أساس سنوي في أبريل الماضي. ومع ذلك، يشير بعض المحللين إلى أن تباطؤ أسعار السلع على أساس شهري كدليل على تراجع الهزات الأولية المرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية.
وتتوقع الحكومة أن يرتفع التضخم إلى 23% في المتوسط في العام المالي المقبل، على أن ينخفض إلى 9.7% في العام التالي.
لمطالعة النص الأصلي