بتكلفة 45 مليار جنيه.. كيف تموّل الحكومة حزمة الدعم الاجتماعي؟

وزير المالية عمرو الجارحى

قال خبراء اقتصاديون إن الحكومة سوف تمول إجراءات وقرارات الحماية الاجتماعية التى اتخذتها مؤخرا بزيادة المعاشات وإقرار علاوات اسثتنائية من خلال 3 طرق أهمها إيرادات رفع الدعم عن الوقود والكهرباء فى يوليو المقبل.

 

وأعلنت وزارة المالية عن مجموعة من الإجراءات التى تمت الموافقة عليها تكلف الموازنة العامة للدولة 45 مليار جنيه خلال الموازنة الجديدة، مشيرا إلى أن بند زيادة المعاشات يتكلف ما يقرب من 20 مليار جنيه، والعلاوة 25.2 مليار جنيه.

 

وتضمنت القرارات موافقة مجلس الوزراء على زيادة المعاش المقدم من برنامجى "تكافل وكرامة" بحد أقصى 100 جنيه بنسبة تقدر بنحو 30%، بما يخدم نحو 1.7 مليون حالة مستحقة، والموافقة على مشروع قانون لزيادة المعاشات بنسبة 15% من إجمالى قيمة المعاش، وذلك اعتباراً من 1يوليو بحد أدنى 130 جنيهاً.

 

كما وافق مجلس الوزراء على منح علاوة غلاء استثنائية للمخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية بنسبة 7% من الأجر الوظيفى في30/6/2017، بحد أدنى 65 جنيهاً وحد أقصى 130 جنيهاً، كما تمت الموافقة على صرف علاوة غلاء استثنائية للعاملين بالدولة من غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، وغير المخاطبين بقانون العمل بنسبة 10% من الأجر الأساسى، بحد أدنى 65 جنيهاً وحد أقصى130 جنيهاً تضاف إلى الأجر الأساسى فى 1يوليو القادم.

 

كما أقرت الحكومة علاوة دورية عن العام المالى 2017/2018 وذلك بنسبة 7% من الأجر الوظيفى للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، وبنسبة 10% من الأجر الأساسى لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، حيث ستكون بحد أدنى 65 جنيهاً وحد أقصى 130 جنيهاً لكل منهما وتضاف إلى الأجر الوظيفى أو الأساسى اعتباراً من 1يوليو القادم.

 

إيرادات رفع الدعم الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادى، قال إن إجراءات وقرارات الحكومة التى اتخذتها لتخفيف الأعباء على المواطنين لا تعنى سوى أنها تستبق ما سيحدث فى شهر يوليو المقبل من الزيادات الجديدة فى الأسعار.

وأضاف سليمان، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن هذه الإجراءات ستكلف الحكومة حسبما أعلن وزير المالية 45 مليار جنيه، مشيرا إلى أنها ستقوم بتدبير هذا المبلغ بكل سهولة وأكثر منه عن طريق رفع أسعار الوقود والكهرباء والمياه فى يوليو المقبل والتى تبلغ إيراداتها حوالى 60 مليار جنيه.

وأوضح الخبير الاقتصادى أنه رغم إيجابية القرارات إلا أنها مؤقتة وستضيع هباءً بتطبيق الزيادات الجديدة فى يوليو لأن الأسعار سترتفع وسيكون تأثير العلاوة وزيادة المعاشات ضعيف قائلا "الحكومة ليس من أولوياتها النظر إلى الطبقات الفقيرة".

 

أذون الخزانة والاقتراض  الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، قال إن القرارات الحكومية تعتبر جزءا من طلبات وضغوط صندوق النقد الدولى على مصر بتحقيق قدر أكبر من شبكة الحماية الاجتماعية للمواطنين. 

وأضاف عبده، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الحكومة بهذه القرارات تحاول تعويض بعض خسائر قراراها الفاشل بتعويم الجنيه فى نوفمبر الماضى لرفع العبء على الناس، مشيرا إلى أنه رغم أنها جاءت نتيجة ضغط الصندوق إلا أننا سعداء بها لأنها تخدم الفقراء.

وأوضح الخبير الاقتصادى أن الـ45 مليار جنيه تكلفة زيادة المعاشات وبرامج تكافل وكرامة والعلاوات الاستثنائية سوف يتم تدبيرها كالمعتاد من السندات وأذون الخزانة والاقتراض الحكومى من الخارج والداخل الذى يزيد عجز الموازنة وأعباء الديون.

 

وكانت بعثة صندوق النقد الدولى لمصر الأخيرة رحبت بإجراءات الحكومة المصرية فى برامج الحماية الاجتماعية الخاصة بتسهيل عمل المرأة خارج المنزل، إلى جانب التوسع فى برنامج التكافل والكرامة ليشمل 1.6 مليون أسرة، أى نحو 8 ملايين فرد، بالإضافة إلى التوسع فى برنامج الوجبات المدرسية للأطفال ليشمل جميع المدارس الحكومية، وإنفاق الحكومة على أكثر من برنامج لدعم دور حضانة، فضلا عن تعاون الحكومة مع القطاع الخاص لإطلاق برنامج مبتكر لتوفير وسائل النقل الآمنة.

 

خطوة بسيطة خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، قال إن هذه الإجراءات خطوة بسيطة ولكنها إيجابية فى صالح المواطن البسيط ومحدودى الدخل الذين تحملوا الكثير من الأعباء أثناء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى.

 

وأضاف الشافعى لـ"مصر العربية"، أن هذه الإجراءات جيدة فى سبيل تخفيف جزء من الحمل الثقيل على كاهل المواطن المصري وتحقيق أكبر قدر من الحماية الاجتماعية فى ظل ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم القياسية.

 

وأشار إلى أنه يجب على الحكومة بجانب تطبيق هذه الإجراءات أن تضبط الأسعار وتعمل على تخفيضها فى الفترة المقبلة، فضلا عن الرقابة على الأسواق والعودة للإنتاج وتشغيل المصانع المغلقة حتى يجنى المواطن ثمار الإصلاح الاقتصادى.

 

وتضاربت الأرقام حول عدد المصانع المتعثرة، حيث أعلنت دار الخدمات النقابية أن المصانع التى تم إغلاقها منذ ثورة 25 يناير حتى يناير 2015، حيث بلغ 4500 مصنع فى 74 منطقة صناعية، بينما أصدر اتحاد نقابات عمال مصر تقريرا أشار فيه إلى أن عدد المصانع بلغ 8222 مصنعا، أما اتحاد الصناعات، قال إنه طبقا لآخر بيانات لدى الاتحاد فإن عددها وصل إلى قرابة 7000 مصنع كان يعمل بها قرابة مليونى عامل حياتهم توقفت تماما.

 

وطالب الخبير الاقتصادى الحكومة بالتريث فى تطبيق أى زيادات جديدة فى الأسعار خلال الفترة المقبلة حتى تتم السيطرة على الأسواق وتخفيض الأسعار ومعدلات التضخم لأن تطبيق أى زيادات جديدة تعد "انتحارا اقتصاديا" من جانب الحكومة وستصل معدلات التضخم إلى 50 و60 %.

مسكنات ولكن إيجابية الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، قال إن الحكومة تحاول بهذه الإجراءات تفعيل الحماية الاجتماعية بالذات للطبقات الفقيرة ومحدودى الدخل فى ظل ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم القياسية التى وصلنا إليها.

 

وأضاف الإدريسي، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الحكومة كانت لابد أن يكون لها دور وتتدخل لحماية الطبقات الفقيرة بهذه الإجراءات ولكنها تدخل أيضا ضمن مساعدات ومسكنات الحكومة للمواطنين ولن تحل مشاكل الاقتصاد المصرى الحقيقية.

 

وأوضح الخبير الاقتصادى أننا نحتاج إلى التحرك أكثر عمقا لعلاج المشاكل الاقتصادية وعدم ترك معدلات التضخم المرتفعة فى استمرار بهذا الشكل، ولذلك لابد من زيادة الإنتاج من السلع وتوفيرها فى الأسواق بأسعار مناسبة ومنع الاحتكارات والقضاء على الفساد وعدم الاكتفاء بتقديم المساعدات لأننا بذلك نخلق فقراء جدد يحتاجون دائما إلى مساعدات.

 

وحول تأثير تلك المساعدات على مواجهة ارتفاعات الأسعار المرتقبة فى يوليو المقبل علق الإدريسى، قائلا "المساعدات أحسن من مفيش ومجرد تفكير الحكومة فيها شىء إيجابى"، مشيرا إلى أن أى مساهمة من الحكومة للطبقات الفقيرة فى ظل ارتفاع الأسعار ستساعد وتواجه بشكل بسيط زيادات الأسعار.

 

زيادة المعاشات 20 مليار 

الدكتور محمد معيط نائب وزير المالية للخزانة العامة، قال إن وزارة المالية وضعت نصب عينيها من اللحظة الأولى أهمية توفير معاش لائق لأصحاب المعاشات.

وأضاف معيط أنه لذلك تقدمت وزارتى المالية والتضامن الاجتماعى إلى الحكومة بمقترح ضمن حزمة الحماية الجديدة يشمل مشروع بزيادة 15% على إجمالى قيمة المعاش المنصرف لجميع أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم اعتباراً من أول يوليو المقبل، وبحد أدنى 130 جنيهًا ويستفيد منها نحو 10 ملايين من أصحاب المعاشات بتكلفة على الخزانة العامة تبلغ 20 مليار جنيه.

وعلى صعيد الموظفين بالدولة قال معيط إن الخاضعين للخدمة المدنية الذين تُصرف لهم العلاوة الدورية الشهرية المقررة بموجب أحكام القانون والتى تبلغ 7% سيتم أيضاً طبقاً للتعديلات الجديدة منحهم علاوة غلاء استثنائية تبلغ 7% من الأجر الوظيفى بحد أدنى 65 جنيهاً وحد أقصى 130 جنيهاً ويستفيد من ذلك نحو 3 ملايين موظف.

أما غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، فبالإضافة إلى العلاوة الخاصة التى تم منحها لهم من عدة أسابيع وجارٍ صرفها الآن بأثر رجعى من 1/7/2016 فسيتم منحهم علاوة خاصة جديدة بنسبة 10% من الأجر الأساسى فى 30/6/2017، كما سيتم منحهم أيضاً علاوة غلاء بنسبة 10% من الأجر الأساسى. 

وأضاف معيط أن مجلس الوزراء وافق أيضاً على زيادة جميع معاشات "تكافل وكرامة" بنسبة مئوية بين 25-30% وبحد أقصى 100 جنيه لكل معاش ويستفيد من ذلك 1.7 مليون أسرة وبتكلفة تزيد على 2 مليار جنيه.

 

وأعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معـدل التضخم السنـوى فى أسعار السلع الاستهلاكية خلال شهر أبريل 2017، إلى 32.9% مقارنة بشهر أبريل 2016، فيما بلغ الرقم القياسى لأسعار السلع الاستهلاكية لإجمالى الجمهورية "معدل التضخم الشهرى"، 242.7 نقطة لشهـر أبريل الماضى، مسجلا ارتفاعا عن الشهــر السابق له مباشرة بنسبة 1.8%، والذى بلغت نسبة التغير فى الأسعار خلاله "مارس 2017"، 2.1%.

 

وكان التضخم السنوى سجل لشهر مارس الماضى 32.5%، فى حين بلغت نسبة التغير فى أسعار السلع الاستهلاكية "معدل التضخم" على المستوى الشهرى، 2ّ.1% لشهر مارس، و2.7% فبراير، و4.3% لشهر يناير 2017.

 

وبلغت نسبة البطالة في السوق المصرية، نحو 12.4% حتى نهاية العام الماضي 2016، وفق أرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فيما اعتبر خبراء اقتصاد أن الرقم غير واقعي وأن النسبة الحقيقية تزيد على 20 %.

مقالات متعلقة