منذ بدء مناقشة قانون الجمعيات الأهلية بمجلس النواب، تمسكت المنظمات المدنية برفضه؛ لمخالفته المشروع الحكومي الذي دار حوله نقاش بمشاركة كافة الأطراف.
وارتفعت وتيرة الرفض بمجرد موافقة البرلمان عليه ونشره متجاهلا ملاحظات المجلس القومي لحقوق الإنسان.
في 29 نوفمبر 2016 أعلن مجلس النواب موافقته على مشروع القانون المنظم لعمل الجمعيات والمؤسسات العاملة في المجتمع المدني بأغلبية الثلثين.
جددت الأحزاب والمنظمات رفضها بعد موافقة البرلمان، وأرسلت خطابًا لرئيس الجمهورية للاعتراض على القانون مطالبة بعدم التصديق عليه، ورده للبرلمان مرة أخرى، فضلا عن مذكرة قانونية من 13 صفحة تضمنت أبرز الاعتراضات على القانون وانعكاساته على العمل الأهلي في مصر.
10 اعتراضات
تمثلت الاعتراضات في 10 نقاط؛ النقطة الأولى كانت حول عدم دستورية المواد المنظمة لتأسيس الكيانات الأهلية على عكس ما نصت عليه المادة 75 من الدستور بجعل الإنشاء بمجرد الإخطار، جاءت النصوص المخالفة في مواد "2/9، 3/10، 2/13".
الاعتراض الثاني تمثل في تعارض المواد المنظمة لأنشطة الجمعيات مع الدستور، فالمادة 75 فرضت حظرًا وحيدًا على أنشطة الجمعيات وهي أن تكون سرية أو ذات طابع عسكري، لكن القانون قصر عمل الجمعيات على مجالات تنمية المجتمع فقط وأن تتماشى مع خطة الدولة واحتياجاتها التنموية وأولوياتها، كما حظرت الجمعيات ذات النشاط السياسي أو يضر بالأمن القومي أو النظام العام أو ما يترتب عليه الإخلال بالوحدة الوطنية.
واعتبرت الجمعيات أن القانون منفر للعمل الأهلي والتطوعي، خاصة في ظل الشروط الموجودة فيه التي تزيد الأعباء المالية للقيام بأي نشاط طوعي كتسديد 10 آلاف جنيه رسم قيد وتأجير مقر للجمعية وتأثيثه بالأثاث الملائم.
في اعتراضها الرابع، أشارت المنظمات إلى أنّ القانون حظر على أي جهة ممارسة العمل الأهلي أو أي نشاط يدخل في أغراض الجمعيات، موضحة أن تلك المادة تجبر الشركات التجارية التي تستهدف الربح توفيق أوضاعها وفقًا للقانون، مشيرة إلى أن كافة الشركات تعمل على تنمية المجتمع اقتصاديًا واجتماعيًا بجانب التنمية الثقافية.
وتابعت المذكرة أن القانون يمنع بذلك ما تمارسه الجمعيات التنموية في مصر، أو ما تقوم به المدارس الخاصة التي تعمل في مجال التنمية بالتعليم ولكنها تستهدف تحقيق الربح.
أكدت المذكرة في النقطة الخامسة أن القانون منح سلطات مطلقة للتدخل في شئون الجمعيات الأهلية، لاشتراطه الموافقة المسبقة لبعض الأنشطة للجمعية كتلقي التمويل من الداخل أو الخارج أو التعاون مع المنظمات الأجنبية، والاعتراض على قرارات الجمعية أو مرشح لانتخابات مجلس الإدارة.
الاعتراض السادس تمثل في استحداث الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية والذي يختص بالموافقة على تأسيس المنظمات الأجنبية والتصريح لها بالعمل في مصر، والحصول على أموال وإصدار القرارات، واصفة الأمر بـ"مجلس أمني يدير الجمعيات الأهلية".
واشترط القانون خضوع الجمعيات لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات، لكن المنظمات شددت على أن أموال الجمعيات والمؤسسات ليست أموالاً عامة شأنها شأن النقابات العمالية.
وحدد القانون رأس مال مخصص لتحقيق أغراض المؤسسة بـ50 ألف جنيه، وهو ما اعتبرته المنظمات مغالاة في الشروط المالية للإنشاء والتأسيس، في الوقت الذي اشترط فيه القانون رقم 84 لسنة 2002 على 20 ألف جنيه فقط.
اعترضت المنظمات على المادة 44 والتي أعطت الحق للجهة الإدارية وقف النشاط المخالف لحين صدور حكم المحكمة، مؤكدة أنها تعد عقوبة دون حكم قضائي بالمخالفة للمادة 95 من الدستور الحالي.
ضم الاعتراض العاشر ما وصفته المنظمات بـ"التعلل باعتبارات الأمن القومي لإغلاق المجال العام باستناد كافة المواد لاعتراضات الأمن القومي".
تضييق على المجتمع المدني
المركز المصري لدراسات السياسة العامة اعتبر في تعليقه أمس أن القانون استمرار لمسلسل التضيق على المجتمع المدني خاصة في ظل تجاهل نداءات الجمعيات والمنظمات والأحزاب وبعض النواب بضرورة النظر في القانون ووجود حوار مجتمعي مع أصحاب المصلحة.
عزت غنيم، مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، رأى أن الحلول 3 فقط، وهى إما الإغلاق أو الاستمرار في العمل والخضوع للسجن، أو تسوية الأوضاع وهو ما يبقى مستحيلا وفقا لنصوص القانون.
وشدد غنيم، على أن فلسفة القانون وضعت بشكل واضح ومفصل لإغلاق المنظمات الحقوقية، فهى لا يمكنها أن تعمل أو تقدم دعمًا للمواطن أو تقوم بالإجراءات التي كانت تتخذها من قبل في ظل هذا القانون إلا بموافقة اللجنة التي يعتبر تشكيلها أشبه بـ"مجلس الحرب".
وتابع أنه خلال 60 عامًا مر على مصر 3 قوانين للجمعيات الأهلية، كان قانون 84 لسنة 2002 هو الأسوأ لكن الوضع الآن تعدى مرحلة الأسوأ، بحد تعبيره، فالعاملون في مجالات المجتمع المدني التنموية تحولوا لموظفين لدى وزارة التضامن والداخلية بموجب هذا القانون.
واستبعد غنيم لجوء المنظمات للعمل في الخارج، لوجود عقوبة بالسجن وغرامة مليون جنيه على كل من يثبت عمله في منظمة تعمل من الخارج.