يقارن كثير من المحللين والمراقبين الأزمة الحالية بين قطر وجيرانها الخليجيين بأزمة سابقة قبل 3 أعوام وصلت ذروتها بسحب سفراء دول خليجية، في مقدمتها السعودية، من الدوحة، وانتهت باتفاق الرياض الذي وقعت عليه قطر وبقية دول مجلس التعاون الخليجي.
إلا أن بعض المراقبين يرون أن عدم الالتزام ببنود ذلك الاتفاق يجعل الأزمة الحالية أكثر تعقيدا ويضع الدوحة في موضع من "لا يفي بتعهداته والتزاماته"، بعدما أثبتت الممارسات على مدى 3 سنوات أن قطر جعلت من اتفاق الرياض مجرد "حبر على ورق" ، بحسب "سكاي نيوز عربية".
وباستثناء طلب قطر من بعض عناصر إخوان مصر الانتقال من الدوحة إلى تركيا، لم ينفذ أي من بنود الاتفاق الأخرى، حتى هؤلاء الذين غادروا قطر ظلوا يحصلون على دعمها المباشر وغير المباشر وهم في تركيا أو غيرها.
مع ذلك، لا يزال عدد كبير من إخوان مصر في الدوحة وضيوف بشكل دائم على وسائل الإعلام القطرية أو التي تمولها قطر، يروجون لأفكارهم التي تراها بقية دول الخليج تشكل خطورة على أمنها واستقرارها.
لذا، يخلص هؤلاء المحللون إلى صعوبة في جهود وساطة بين قطر وجيرانها هذه المرة، وسط قناعة لدى أغلبية دول مجلس التعاون بعدم المصداقية ولا الشفافية في السياسة القطرية ووفاء الدوحة بأي التزام تتعهد به.
يقضي البند الأول من اتفاق الرياض بالالتزام بعدم إساءة القنوات الإعلامية المملوكة أو المدعومة بشكل مباشر أو غير مباشر، من قبل أي دول من دول المجلس لأي من دول المجلس.
وفي هذا قللت شبكة قنوات الجزيرة جرعة انتقاداتها لبعض دول المجلس، لكنها استمرت في التحريض والتلفيق في بعض القضايا مثل مصر وليبيا واليمن، علما أن الملف الأخير أصبح هما استراتيجيا لكل دول المجلس.
في المقابل، انطلقت مواقع قطرية خارج قطر في تعزيز السلوك ذاته الذي أدى للأزمة السابقة، وليس أدل على ذلك من إطلاق موقع باللغة الإنجليزية من لندن يديره موظف سابق في الجزيرة ويواصل الهجوم على الجيران، خاصة السعودية والإمارات.
وانتقل عدد كبير من الإخوان والمتعاطفين معهم ومعارضين لدولهم، وجدوا ملاذا في قطر للعمل في شبكة جديدة من الصحف والمواقع والقنوات، عبر شركة في لندن يرأسها عضو الكنيست الإسرائيلي السابق ومستشار أمير قطر.
هذا بالإضافة إلى عدد من المواقع والقنوات الإخوانية التي تنطلق من تركيا بتمويل قطري.
من بقية بنود اتفاق الرياض حول عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الدول الأعضاء في المجلس، التزام الموقعين بعدم "إيواء أو استقبال أو تشجيع أو دعم أو جعل الدولة منطلقا لأنشطة" معارضي أي من دول المجلس، وكذلك عدم دعم أي من هؤلاء "ماديا أو اعلاميا من قبل مؤسسات رسمية أو مجتمعية أو أفراد".
ويرى كثير من جيران قطر أنها لم تلتزم بذلك، وأن من يحصلون على الدعم القطري، الإعلامي وربما المادي، من معارضي تلك الدول مستمر ما بعد اتفاق الرياض حتى الآن.
أما الشق المتعلق بالسياسة الخارجية في اتفاق الرياض، فلم ينفذ منه شيء. ليس ذلك فحسب، بل إن السياسة القطرية زادت في التباعد ما بينها وبين الخط العام لسياسات مجلس التعاون الخليجي في كافة ما نص عليه الاتفاق من دعم الإخوان إلى التعامل مع إيران.
وهناك بند واضح وصريح في الاتفاق يقضي بعدم دعم "مجموعات وجماعات خارجية تمثل تهديدا لأمن واستقرار دول المجلس، سواء في اليمن أو سوريا أو غيرها من مواقع الفتنة".
وقع اتفاق الرياض في أبريل 2014، وقبل نهاية العام (سبتمبر 2014) توسطت قطر للإفراج عن 45 من موظفي الأمم المتحدة في سوريا، ودفعت ملايين الدولارات لجبهة النصرة (جماعة إرهابية) في دعم واضح للجماعات المذكورة في اتفاق الرياض، وقبل أسابيع دفعت عدة مئات الملايين لكتائب حزب الله في العراق وجبهة النصرة وغيرها في سوريا في صفقة المختطفين.
وتمتلئ صفحات الإنترنت بفيديوهات مسربة لقيادات ميليشيات إرهابية وهم يتشاجرون حول ملايين الدعم القطري، ومن أخذها لنفسه دونا عن الآخرين.
وفي ليبيا على سبيل المثال، لم يتوقف الدعم المباشر وغير المباشر لجماعات متطرفة وإرهابية، أما في مصر فقد زادت العمليات الإرهابية التي تتهم السلطات المصرية قطر وتركيا بدعمها.
حتى في اليمن، التي تشارك قطر مع بقية جيرانها في تحالف دعم الشرعية فيه، تركز الدعم القطري على تيار أساسي هو الإصلاح (إخوان) المرتبط بالقاعدة هناك.
تلك مجرد أمثلة، والتفاصيل أكثر من أن يحتويها تقرير لكنها توضح ما يراه كثير من المحللين والمراقبين من عدم الالتزام بما يجعل تجاوز الأزمة الحالية أصعب من سابقتها.