بعد اقتراضها 1.4 مليار دولار.. هل تتم خصخصة قناة السويس ؟

هل تتم خصخصة قناة السويس ؟

انتشرت في الآونة اﻷخيرة بعض الأراء التى تقول بأن قناة السويس في طريقها إلى الخصخصة على غرار شركة أرامكو السعودية للبترول عبر تكبيلها بإلتزامات مالية وسندات وديون لا حل لها إلا بالخصخصة.

 

فيما اعتبر خبراء أن هذا الكلام غير منطقي ومستبعد من جانب الحكومة المصرية وأن قناة السويس من أهم مصادر القوة فى مصر وتحقق إيراداتها كاملة بالعملة الصعبة ولا تواجه أى أزمات مالية فيها.

 

وحصلت هيئة قناة السويس خلال عام 2015 على قروض مباشرة من البنوك بقيمة 1.4 مليار دولار، الأول منها بقيمة مليار دولار للمساهمة فى المكون الأجنبى لمشروع حفر القناة الجديدة، وسداد التزاماتها تجاه الشركات الأجنبية العاملة فى المشروع.

 

وأما القرض الثانى بقيمة 400 مليون دولار تم صرفه نهاية العام 2015، لتمويل مستحقات شركات المقاولات المشاركة في حفر قناة السويس الجديدة، والمساهمة في تمويل مشروع قناة شرق تفريعة بورسعيد الجديدة بطول 9.5 كيلو متر.

 

وكانت الهيئة أعلنت انخفاض إيرادات القناة فى 2015 إلى 5.175 مليار دولار مقابل 5.465 مليار دولار فى 2014، بانخفاض 290 مليون دولار، فضلا عن تراجعها فى 2016 إلى 5.005 مليار دولار.

 

خصخصة القناة

الدكتور نائل الشافعي خبير الإتصال ومؤسس موسوعة المعرفة، قال إن مشروع قناة السويس الجديدة لم يكن إلا وسيلة لخصخصة قناة السويس عبر تكبيلها بإلتزامات مالية وسندات وديون لا حل لها إلا بخصخصة القناة.

 

وأضاف "الشافعي" على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، أن المشروع نجح نجاحاً مضطرداً في التقدم باتجاه خصخصة قناة السويس، من خلال إجبار هيئة قناة السويس على اللجوء للاقتراض بـ1.4 مليار دولار منذ بدء ذلك المشروع الذى وصفه بـ"المشئوم"، وكانت قبل ذلك لمائة وأربعين عاماً دجاجة تبيض ذهباً للدولة المصرية.

 

وتابع: "في السنوات القليلة الماضية لم يكن واضحاً أين يذهب إيراد قناة السويس في ميزانية الدولة، أما الآن فغالباً ما سيتم الاستيلاء عليه بحجة سداد التزامات قناة السويس الجديدة، كما لو لم يدفع الشعب 68 مليار جنيه لتمويل مشروع يستحيل أن تزيد تكاليفه عن مليار دولار، أو 2 مليار دولار إذا أخذنا في الاعتبار السفه وانعدام التخطيط.. أضف لذلك مليار أو إثنان لحفر أنفاق، لا نرى منها بعد سوى سحارات تهرّب مياه النيل شرقاً، في وقت مصر أحوج لكل قطرة ماء".

 

وأضاف "اقتراض هيئة قناة السويس من البنوك لأول مرة في تاريخها (على حد علمنا)، لتغطية تكاليف استئجار كراكات حفر التفريعة البائسة، رغم أن السيسي جمع 64 مليار جنيه لهذا الغرض.. ماذا سيحدث لو بيعت البنوك المصرية الدائنة لبنوك أجنبية كما يطالب صندوق النقد؟.. ستصبح ديون هيئة قناة السويس في أيدي أجنبية.. كيف سيتم سدادها؟".

 

كما أن صندوق النقد والبنك الدولي يدعوان مراراً وصراحة منذ 1980 لخصخصة قناة السويس.

 

وأوضح أن هذه الديون، وبقليل من الحث من صندوق النقد ومن أطراف داخلية متناغمة معه، قد يدفع الحكومة لبدء خصخصة القناة وبمثل سيناريو خصخصة أرامكو السعودية ستكون الخصخصة لنسبة صغيرة للقناة مثل 5 أو 10% في البداية، لإرساء سعر سوقي لقناة السويس.

 

وكان تقرير صدر عن البنك الدولي طالب بضرورة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار بقناة السويس.

 

وفي منتصف يناير الماضي، كشف أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو" السعودية، عن طرح 5% من أسهم الشركة؛ للاكتتاب خلال النصف الثاني من العام المقبل.

 

وقال اقتصاديون إن إنهيار أسعار النفط والتزامات الحرب في اليمن وانفاق الحكومة الضخم على مشاريع التطوير والتنمية في الممكلة والعجز في الموازنة أجبر المملكة على إعادة حسابتها.

 

و"أرامكو" هي شركة طاقة سعودية، وتعتبر كبرى الشركات المصدرة للنفط في العالم، يقع المقر الرئيسي لها في مدينة الظهران، كما تملك مكاتبَ في أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا.

 

حملة ضد القناة

وفى هذا الصدد يقول الدكتور أحمد الشامي، أستاذ الاقتصاد والنقل البحري، إن هناك حملة منظمة ضد قناة السويس مؤخرا خاصة بعد الشائعات التى انتشرت بأنها "قناة المارلبورو"، مشيرا إلى أن مسألة خصخصة القناة أيضا ضمن هذه الحملة.

 

وأضاف الشامى في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن خصخصة القناة كلام فارغ وغير منطقي ولا يمكن خصخصتها لأنها من أهم مصادر القوة فى مصر وتحقق إيراداتها كاملة بالعملة الصعبة ومن المتوقع أن تحقق طفرة بعد الانتهاء من مشروع تنمية محور قناة السويس.

 

وأوضح أستاذ الاقتصاد والنقل البحري، أنه كون هيئة قناة السويس تقترض بعض اﻷموال من البنوك فإن ذلك لا يكون إلا لمشروعات جديدة تقوم بها أوتطوير المشروعات التابعة لها دون المساس بالقناة نفسها لأنه لا يمتلك أحد ذلك.

 

وأكد "الشامي"، أن ما يقال عن عدم قدرة سداد القناة للديون سواء بالدولار أو الجنيه كذب لأن قناة السويس تمتلك ودائع بالجنيه والدولار فى البنوك وتحافظ فى الوقت نفسه على إيراداتها ولا تعانى من أزمة مالية وبالتالى لا خوف عليها من الديون.

 

كان القطاع المصرفي من خلال البنوك الأربعة الحكومية (الأهلى المصرى ومصر والقاهرة وقناة السويس) قد نجح فى جمع نحو 64 مليار جنيه من خلال إصدار شهادات استثمار قناة السويس بالجنيه المصرى، لتنفيذ مشروع حفر القناة الجديدة، وهو ما لاقى إقبالا شعبيا على الاكتتاب فى تلك الشهادات التى تم إصدارها بفائدة 12%.

 

وسددت الهيئة العامة لقناة السويس، 100 مليون دولار مستحقة لثمانية بنوك تعمل فى السوق المحلية.

 

ويمثل المبلغ الذى سددته الهيئة، قيمة القسط الأول لقرض بقيمة مليار دولار الذى حصلت عليها فى 2015، كما يسدد القرض على أقساط نصف سنوية لمدة 5 سنوات ونصف، بداية من مطلع العام الحالى، بينما يبدأ سداد القسط الأول لقرض بقيمة 400 مليون دولار، نهاية العام الحالى.

 

مستحيل

الدكتور سرحان سليمان الخبير الاقتصادي، قال إن فكرة اتجاه الحكومة لخصخصة قناة السويس أو جزء منها نتيجة الديون المتراكمة عليها مستبعدة من الأدوات الاقتصادية للحكومة ولن تتجه إليها، مضيفا "خصخصة القناة مستحيل تتم".

 

وأوضح "سليمان" فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن خصخصة القناة مستحيل لأنها من الجهات الهامة والاستراتيجية فى الدولة والتى لا يمكن بأى حال من اﻷحوال خصخصتها، مشيرا إلى أن المجتمع والرأى العام المصري لن يقبل بمثل هذه الخطوة إطلاقا.

 

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن الخوف من الديون غير وارد لأن البنك المركزى هو الضامن اﻷساسى للبنوك العامة الدائنة لقناة السويس وفى حالة بيع أو خصخصة بعض البنوك مثل بنك القاهرة الذى بدأ بطرح جزء من أسهمه فى البورصة للاكتتاب العام لن يكون هناك خوف لأن البنك المركزى هو الضامن.

 

وأعلنت البورصة المصرية أن قطاع الشركات المقيدة، تلقى طلب قيد أسهم بنك القاهرة بجدول قيد الأوراق المالية، برأس مال قدره 2.25 مليار جنيه، موزع على 562.5 مليون سهم بقيمه اسميه قدرها 4 جنيات للسهم.

 

واعتبر اقتصاديون أن الحكومة تنفّذ أجندة صندوق النقد الدولي وأن الغرض الرئيسي من طرح حصة من بنك القاهرة للاكتتاب العام هو تعزيز الموارد الحكومية المالية لسد الفجوة التمويلية.

 

ووافق صندوق النقد الدولي على إقراض مصر 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، وحصلت القاهرة على الشريحة الأولى بقيمة 2.75 مليار دولار ومن المتوقع حصولها على الشريحة الثانية فى يونيو المقبل.

 

واتخذت الحكومة إجراءات اقتصادية في سبيل الحصول على الموافقة على القرض والتي كان على رأسها، تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه"، ضريبة القيمة المضافة، قانون الخدمة المدنية، إجراءات للتقشف المالي، رفع أسعار الوقود والكهرباء.

مقالات متعلقة