عاد الحديث عن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية التي تنتقل بمقتضاها السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من القاهرة إلى الرياض ، يتصدر المشهد السياسي، بعدما تسلمت اللجنة التشريعية بمجلس النواب، نص الاتفاقية من قبل الحكومة للبدء في مناقشتها قبل نهاية دور الانعقاد الحالي الذي ينتهي مع يونيو الجاري.
وعلى إثر المناقشات البرلمانية المرتقبة بدأت بعض القوى السياسية التحرك لمنع النواب من نظر الاتفاقية، أو التصويت عليها بالموافقة ، وانطلقت دعوات تطالب النواب بإعلان موقفهم من الاتفاقية، والضغط عليهم من خلال جمع توقيعات من المواطنين بدوائرهم لرفض تمرير الاتفاقية بالمجلس.
تحركات المعارضة في حملتها التي تشبه "حملة تمرد" التي تسببت في عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، بعدما جمعت ملايين الاستمارات الرافضة لحكم الإخوان ، تتزامن مع تأكيدات رسمية على سعودية الجزيرتين بالمخالفة لحكم القضاء.
وفي 16 يونيو الماضي رفضت المحكمة الإدارية العليا طعن الحكومة على حكم القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية والتي وقعت في أبريل 2016.
ويعلق الدكتور أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي الأسبق، والقيادى بتحالف التيار الديمقراطي على تحركات قوى المعارضة بأنها مشروعة وهدفها تنبيه النواب لخطورة الخطوة التي يقدمون عليها، بمناقشة مثل هذه الاتفاقية.
ويقول لـ"مصر العربية" إنه سيوقع على هذه الاستمارة، مؤكدا أن تمرير البرلمان للاتفاقية مخالف لنصوص الدستور والقانون التي تبدو واضحة تماما ولا تحمل تفسيراتها أي لبس.
وأضاف أنه لا يعرف كيف سيسمح النواب ﻷنفسهم بمناقشة مثل هذه الاتفاقية رغم صدور حكم نهائي بات ببطلانها، مشيرا إلى أنها لا تدخل ضمن الاتفاقات الدولية التي يجب عرضها لاستفتاء شعبي، لأنها تتضمن التنازل عن جزء من الأراضي المصرية، وهذا مخالف للفقرة الثالثة من نص المادة 151 من الدستور.
ولفت إلى أن هناك تصريحات لبرلمانيين تشير إلى احتمالية مناقشة الاتفاقية قبل اجازة عيد الفطر وهو ما يحتم على القوى السياسية زيادة الضغط والتواصل مع البرلمانيين للحيلولة دون تمرير هذه الاتفاقية.
وتماشيا مع ما سبق وصلت عدد من الاستمارات الرافضة للاتفاقية لمكتب النائب هيثم الحريري، عضو تكتل (25-30) البرلماني، والذي تطالبه بالتصويت برفض الاتفاقية.
وعلى إثرها أصدر الحريري تعهدًا لأهالي دائرته الانتخابية محرم بك بمحافظة الإسكندرية، برفض اتفاقية تيران وصنافير.
وقال في نص التعهد: "إنه وفاءً لشهداء الوطن الذين جادوا بأرواحهم الطاهرة دفاعا عن كرامة وشرف هذه الأمة وعن مجمل ترابها الوطني المقدس، والتزاما باليمين الدستورية التي تعهدت فيها بالحفاظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه، عاهدت الشعب المصري العظيم بأن أكون صوتهم داخل مجلس النواب، وأن أدافع عن كل أراضي الوطن ومصالحه العليا وأمنه القومي".
وأضاف الحرير "أتعهد والتزم بشكل قاطع ونهائي التصويت برفض اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية لتضمنها التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير".
وبدروه قال معصوم مرزوق القيادي بحزب تيار الكرامة، وعضو لجنة الدفاع عن الأرض الرافضة للتنازل عن تيران وصنافير، إن حملتهم مستمرة في عملها ضد الاتفاقية وسيتخذوا كافة الإجراءات القانونية والشعبية لمنع تمريرها.
.
وأضاف لـ”مصر العربية” أنه إذا تجرأ البرلمان رغم كل التحذيرات الحالية، وخالف الحكم القضائي الذي يقول بأنه لا توجد اتفاقية أصلا وأنها هي والعدم سواء فإن ذلك يعد فسادا كبير.
وأوضح أنه بموجب المادة 151 من الدستور الذي أقسم نواب البرلمان على احترامه فإن الاتفاقية باطلة ولا يجوز تمريرها، إضافة إلى تعارضها مع نص المادة 77 من قانون العقوبات والتي تنص على أن كل من يساعد في التنازل عن جزء من الأراضي المصرية يعاقب بالإعدام.
ولفت إلى أن مناقشة نواب البرلمان لهذه الاتفاقية يضعهم تحت طائلة هذه المادة، حتى لو وجدوا من يحميهم في الوقت الحالي، فسيحاكم كل من يتسبب في ضياع الأرض المصرية ولو بعد حين.
وأكد أنهم مستمرون في كافة الفعاليات المناهضة لهذه الاتفاقية ومتمسكون بقوة القانون، مشيرا إلى أن السلطة تتسلح بقوة أخرى تعليها فوق كلمة القانون، وهو ما يفقدها شرعيتها بحد قوله.
وتابع أن كل من تسلحوا بقوة فرض الأمر الواقع انتهوا بطريقة مخزية.
وفي الاتجاه الآخر وصف اللواء محمد أبو هميلة، عضو ائتلاف الأغلبية البرلماني "دعم مصر"، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، الحملات التي تنفذها بعض الكيانات السياسية بأنها " مضيعة للوقت" والهدف منها هو المزايدة ولفت الانتباه ليس أكثر بحد تعبيره .
وقال لـ"مصر العربية" إن قضية الجزيرتان فيها لغط كبير، والأمر حاليا بات في مجلس النواب، وربما تناقشه اللجنة التشريعية خلال أيام، مؤكدا أنه سيحضر هذه المناقشات بصفته رئيسا لهيئة برلمانية.
وأضاف أن الأمر ليس كما يصوره البعض بأن النواب سيمررون الاتفاقية دون النظر في تفاصيلها، مؤكدا أن الحكم فيها سيكون تاريخيا وأنهم سيتعاملون مع الأمر بتجرد وحيادية وسينظرون في كافة الوثائق والمعلومات المتوفرة حول القضية.
وتابع أنه بعد حكم المحكمة الإدارية العليا بات الأمر صعب فالبرلمان سينظر قضية قال القضاء كلمته فيها، وبالتالي الأمر يزداد صعوبة عن باقي القرارات والاتفاقيات التي تعرض على المجلس.
وأكد أنهم لن يلتزموا بوجهة نظر الحكومة في هذه القضية، ولا حتى وجهة نظر القضاء، ﻷن نظر الاتفاقات والمعاهدات التي تبرمها الحكومة من اختصاص البرلمان وليس القضاء.
ولفت إلى أن سيتجردون من أي ضغوط يمكن أن تؤثر على قرارهم الذي تحدده المبادئ الوطنية والضمير الوطني مشيرا إلى ذلك موقف معظم النواب بالبرلمان.
وأشار إلى أن البرلمان به من الكوادر والكفاءات من يستطيعون التميز من خلال البحث والاطلاع ما إذا كانت الجزر مصرية أم سعودية.