بحلول الإثنين، العاشر من رمضان 1438، الخامس من يونيو 2017، يستقبل المصريون ذكرى نصر وهزيمة في يوم واحد، في واقعة يندر أن تتكرر في دفتر التاريخ.
أما النصر، فستحين ذكراه الرابعة والأربعين لعبور أكتوبر المجيد، الذي وافق العاشر من رمضان 1393 هجرية، وأما الهزيمة فتتمثل في الذكرى الخمسين لنكسة الخامس من يونيو عام 1967 من الميلاد.
يومان خالدان في ذاكرة المصريين، الأول اتشحت فيه البلاد بثياب الحداد على شهداء سقطوا في حرب لم يتمكنوا من خوضها، وأرض سلبها العدو الإسرائيلي مستفيدا من أخطاء وخطايا مكنته من ضرب الطيران المصري وهو رابض بالمهابط المختلفة في المطارات المدني منها والعسكري.
اليوم الثاني، جاء نقيضا لليوم الأول، الجيش الذي أهين بالهزيمة، استعاد هيبته بالنصر، وأسقط أسطورة "الجيش الذي لا يقهر" التي روجها الإعلام الإسرائيلي عن جنوده، كفكف دموع الذين فقدوا ذويهم في أرض النكسة، واستعاد الأرض السليبة، وأعاد للمصريين كرامة كانت قد استبيحت في ميدان الحرب قبل سبع سنوات من تاريخ العبور.
وبحلول المناسبتين في توقيت واحد، تستدعي الذاكرة المصرية تاريخا من الانكسار والانتصار، تجلى في العديد من الأعمال الأدبية والفنية، ورصدته كتابات المؤرخين والساسة في قائمة يطول ذكرها، وتتطاول قوائم عناوينها في المكتبة العربية يوما بعد آخر.
ومن بين قائمة طويلة من الأعمال التي خلدت ذكرى نكسة يونيو، تبرز أغنية عدى النهار من كلمات عبد الرحمن الأبنودي وغناء عبد الحليم حافظ.
ومن نبرة شجن لا تخطئها أذن في صوت عبد الحليم حافظ، وهو يغني لـ"الليل الحزين أو النجوم الدبلانين"، إلى نبرة ابتهاج وفرح وزهو بالنصر، انطلقت من حناجر كثير من المطربين الذين تغنوا بنصر أكتوبر، وكان العندليب أبرزهم، وخاصة في الأغنية التي أطلقها عام 1974 من كلمات الشاعر محمد حمزة وتلحين بليغ حمدي.
غير أن المزاوجة بين الانكسار والانتصار، والحزن والفرح، والسقوط والصعود، لا يبدو موقفا رسميا، كما زاوجت الأيام بين المناسبتين تلقائيا، فبينما تناولت كتابات عديدة الأمر من زوايا عدة لم تهمل النصر أو الهزيمة، إلا أن الرواية الرسمية لوقائع الأيام ما تزال متمسكة بوجه واحد، فيما يبدو، من قصص التاريخ.
فاليوم، الموافق الرابع من يونيو، بعث رئيس مجلس النواب برقيتي تهنئة لكل من رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، بمناسبة نصر العاشر من رمضان، من دون أن يمر من قريب أو من بعيد، على ذكرى النكسة، وما تقدمه لقراء التاريخ من دروس، أو لساسة الشعوب من وصايا مجربة.
10 رمضان و5 يونيو.. تاريخان لا ينمحيان من ذاكرة المصريين والعرب، لكن أن يأتيا معا، فهذا ما يفرض التساؤل: بالنصر بالهزيمة عادت الأيام؟