الخليج يقاطع تميم.. ماذا تفعل قطر؟

أمير قطر وملك السعودية

 

قطر تسعى لإسقاط المملكتين وتدعم التظاهرات ضدنا، فالدويلة الصغيرة تآمرت علينا ويجب احتلالها، آن الأوان لتأديبها..

لم يتوقع أحد أن تلك الاتهامات والتي جاءت غالبيتها على لسان مواطنين سعوديين وإماراتيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ستنتهي بأحداث أكثر دراماتيكية لقادة بعض الدول الخليجية ضد قطر، فثلاث دول شركاء في التعاون الخليجي هي السعودية والبحرين والإمارات، بالإضافة إلى اليمن ومصر وجزر المالديف، قطعوا علاقاتهم الدبلوماسية مع قطر بسبب اتهامها بتدخلها في الشؤون الداخلية ودعم الإرهاب. بحسب بيانات رسمية سعودية وإماراتية.

 

الخلاف القطري السعودي الإماراتي اشتد مؤخرًا عقب بث تصريحات منسوبة لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الشهر الماضي قال فيها إنّه من غير الحكمة معاداة إيران ورفض تصعيد الخلاف معها، تزامنًا مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية، وهو ما نفته الخارجية القطرية.

 

وبعد أيام من الجدل والتراشق الإعلامي بين قطر والخليج، أعلن كل من المملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين، ودولة الإمارات، واليمن ومصر، الاثنين، وبشكل متزامن، قطع العلاقات مع دولة قطر، وسحب البعثات الدبلوماسية، وإغلاق المنافذ الحدودية، وذلك بحسب بيان نشرته وكالات الأنباء السعودية والبحرينية والإماراتية الرسمية.

وجاء في نص البيان السعودي: قرّرت المملكة "قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع دولة قطر، كما قررت إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية، والبدء بالإجراءات القانونية الفورية للتفاهم مع الدول الشقيقة والصديقة والشركات الدولية لتطبيق ذات الإجراء بأسرع وقت ممكن لكافة وسائل النقل من وإلى دولة قطر".

 

قطع العلاقات  

كما جاء في نص البيان البحريني: إن "مملكة البحرين تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر؛ حفاظاً على أمنها الوطني، وسحب البعثة الدبلوماسية البحرينية من الدوحة، وإمهال جميع أفراد البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد، مع استكمال تطبيق الإجراءات اللازمة. كما تعلن غلق الأجواء أمام حركة الطيران، وإقفال الموانئ والمياه الإقليمية أمام الملاحة من وإلى قطر خلال 24 ساعة من إعلان البيان".

 

بدورها أصدرت الإمارات ومصر بيانًا اتخذت فيه نفس الإجراءات فيما يتعلق بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإغلاق المنافذ.

 

الدولة الخليجية المغضوب عليها خليجيًا "قطر" باتت أمام خيارات صعبة الآن، فماذا ستفعل لمواجهة القطيعة الخليجية العربية؟ وهل من تنازلات ستقدمها لإنهاء الخلاف مع السعودية والإمارات ومصر؟

 

 

مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية قال إن ردّ الفعل القطري لا زال مبهمًا، ويصعب التكهّن بما ستؤول إليه نتائج القطيعة الدبلوماسية القطرية الخليجية.

 

أحضان إيران  

وتساءل المتخصص في الشأن العربي: هل انفرط عقد الخليج بعزلة قطر وحصارها؟، وهل تتجه قطر طواعية لإيران لإحداث مكايدة سياسية؟ وما مصير آلاف المواطنين المصريين والليبيين وغيرهم من المتواجدين في قطر؟ وماذا عن موقف الكويت وعمان؟.. قائلا: "أعتقد أن الوضع في الخليج سيحمل الكثير من المفاجآت، ربما لا يتوقعها أحد.

 

وتابع لـ مصر العربية: "ما حدث اليوم بين الخليج وقطر ليس مشابها بما حدث من قبل عام 2012 في واقعة سحب السفراء، فاليوم الواقعة أكبر وقد تنتهي بنهاية أنظمة حكم.

 

السياسية التونسية عائدة بن عمر قالت: "بالرغم من أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلي السعودية انتهت بكثير من الفوائد السياسية و الاقتصادية على بلاده وكذلك على إسرائيل، إلا أنها دقت مسمارا جديدا في نعش وحدة الدول الخليجية و العربية وأشارت بكل وضوح على ملامح الخطة "الصهيوأمريكية" لتشكيل خريطة الشرق الأوسط الجديد الذي سيقسم الدول العربية إلي محورين:

محور الناتو العربي المكلف بالتصدي للمد الإيراني الشيعي والمنسجم تمامًا مع الصديق الجديد، "الدولة العبرية"، و المحور الثاني: المناصر لحريات الشعوب و الداعم للثورات العربية و الذي تتوجه له زورا و بهتانا بمنطق أمريكي عربي تهمة دعم الإرهاب و تمويله.

 

وأضافت لـ"مصر العربية": لعل ختام زيارة ترامب إلى إسرائيل أكّدت بشكل ملفت للانتباه أن القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي شكلت بالرياض كانت اعترافًا جديدًا بالكيان الصهيوني و عربون صداقة لمرحلة جديدة معه تتسم بالوفاق التام والسلام الدافئ و هذا ما دفع بالحكومة الإسرائيلية بأن تعقد و لأول مرة في تاريخها بمناسبة ذكرى احتلال القدس اجتماعها الدوري تحت حائط البراق مؤكدة أن القدس ستظل عاصمة أبدية لإسرائيل دون اعتبار لمشاعر المسلمين و الفلسطينيين على حد سواء.

 

هجوم خليجي  

وتابعت: "أشارات العديد من التحاليل السياسية إلى أن القصف السياسي والإعلامي السعودي و الإماراتي و المصري الأخير ضد قطر هو بداية الغيث في عملية الانتقال إلى الفعل الحاسم في زعزعة الأمن القطري وعزلها عن محيطها الخليجي، لمعاقباتها على مساندة الحركات الشعبية في الوطن العربي، و رفضها الاعتراف ببعض أنظمة الحكم العربية الجديدة، وأيضًا لإيوائها للإسلاميين الفارين من دولهم.

 

وأكدت أن أغلب الدول الخليجية على خلاف مع دولة قطر لأن تلك الدول رأت في الثورات العربية ما يمس من استقرارها الأمني، كما أن الإدارة الأمريكية هي اليوم من تحدد العدو الذي يجب محاربته و هي من تقدر الموازنات العسكرية المطلوبة من كل دولة استعدادًا لحرب قادمة، و هي من تصحح شرعية وجود كل قائد عربي على رأس السلطة..

و هي أيضا من تعطي الضوء الأخضر و الأحمر لكل تحرك عربي و قد جاءت الإشارة  الخضراء لتلك الدول، ليبدؤوا قصفهم الإعلامي على دولة قطر و تركيا تمهيدا لإخراجهما من المعادلة السياسية القاضية بإيجاد الحلول المناسبة لأمهات القضايا العربية على غرار القضية الفلسطينية و السورية و اليمنية.

 

وأضافت: "لم يكتفوا بهذا، بل حرضوا الإدارة الأمريكية على تسليح الأكراد في تركيا حتى لا يكون لها موطئ قدم على الساحة السورية و تظل تعاني أزماتها مع الإرهاب الكردي..

 

كل هذه الخطوات المحمومة التي أقدمت عليها تلك الدول بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية تهدف لتحقيق صفقة القرن التي يحلم بها ترامب، الكلام لا يزال على لسان بن عمر، والذي أكدت أن الصفقة (القرن) ستمر بعد أن تقوم إسرائيل بهجمة شرسة على قطاع غزة و الضفة الغربية، فهذا هو المخطط الجديد الذي من أجله وقع اختراق وكالة الأنباء القطرية قنا لتبدأ الهجمة على دولة قطر كراعي للإرهاب و من أجله أبعدت تركيا عن المنظومة العربية الإسلامية.

 

خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات

 

من جهتها، أعربت وزارة الخارجية القطرية في بيان لها عن بالغ أسفها واستغرابها الشديد لقرار كل من السعودية والإمارات والبحرين إغلاق حدودها ومجالها الجوي وقطع علاقاتها الدبلوماسية. بحسب وصفها.

 

وقالت الوزارة إن هذه الإجراءات "غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة"، مضيفة  أن دولة قطر تعرضت لحملة تحريض تقوم على افتراءات وصلت حد الفبركة الكاملة، "مما يدل على نوايا مبيتة للإضرار بالدولة".

 

وأشار البيان الذي أوردته وكالة الأنباء القطرية الرسمية صباح اليوم الاثنين، إلى أن دولة قطر "عضو فاعل في مجلس التعاون الخليجي وملتزمة بميثاقه، وتحترم سيادة الدول الأخرى ولا تتدخل في شؤونها الداخلية كما تقوم بواجباتها في محاربة الإرهاب والتطرف".

 

تصعيد متواصل  

وأكدت وزارة الخارجية القطرية أنه "من الواضح أن الحملة الإعلامية فشلت في إقناع الرأي العام في المنطقة وفي دول الخليج بشكل خاص، وهذا ما يفسر التصعيد المتواصل".

 

وذكر البيان أن "اختلاق أسباب لاتخاذ إجراءات ضد دولة شقيقة في مجلس التعاون لهو دليل ساطع على عدم وجود مبررات شرعية لهذه الإجراءات التي اتخذت بالتنسيق مع مصر والهدف منها واضح وهو فرض الوصاية على الدولة". بحسب وصف البيان.

 

وأضاف أن "هذا بحد ذاته انتهاك لسيادتها كدولة وهو أمر مرفوض قطعيا". وأشار البيان إلى أن الادعاءات التي وردت في بيانات قطع العلاقات التي أصدرتها الدول الثلاث "تمثل سعيا مكشوفا يؤكد التخطيط المسبق للحملات الإعلامية التي تضمنت الكثير من الافتراءات".

 

الولايات المتحدة الأمريكية أحد من تشار إليهم أصابع الاتهام بالوقيعة بين قطر والخليج، دعت على لسان وزير خارجيتها ريكس تيلرسون، الدول الخليجية إلى الحفاظ على وحدتها، والعمل على تسوية الخلافات بينها بعد قطع ثلاث دول منها ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر.

 

في السياق، أعلن عدد من الكتاب والمشاهير القطريين رفضهم للقطيعة الخليجية لبلادهم، فقال الكاتب الصحفي القطري، محمد فهد القحطاني: "وقوف قطر مع حماس أفضل من وقوف غيرها مع الصهاينة، وعلاقة قطر مع إيران شبيهة بعلاقة الكويت ومسقط معها، فأين الخلل؟".

 

وعلّق على القرارات: "السعودية والإمارات والبحرين تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر خوفاً على عروشها وليس خوفاً على شعوبها".

 

 

مقالات متعلقة