قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن الولايات المتحدة ستحاول بهدوء تخفيف التوتر بين السعودية وقطر، وإنه لا يمكن عزل الدوحة في ضوء أهميتها بالنسبة للمصالح العسكرية والدبلوماسية الأمريكية.
وأضافوا أمس الاثنين أن مسؤولي الإدارة الأمريكية شعروا بالصدمة لقرار السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر في خطوة منسقة مع مصر والبحرين والإمارات، بحسب وكالة رويترز.
واتهمت السعودية عند إعلانها قطع العلاقات قطر بتقديم الدعم لإيران غريمة الرياض على السيادة في المنطقة وكذلك دعم جماعات إسلامية "متشددة".
ولواشنطن أسباب عديدة تجعلها ترغب في الدعوة للعلاقات الجيدة في المنطقة.
وتستضيف قطر أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط وهي قاعدة العديد التي تنطلق منها ضربات تقودها الولايات المتحدة وتستهدف تنظيم داعش في سوريا والعراق.
وجعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هزيمة داعش أولوية لفترته الرئاسية.
وقال مسؤول أمريكي لرويترز، إن استعداد قطر للترحيب بجماعات، مثل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تصنفها واشنطن على أنها تنظيم إرهابي وحركة طالبان التي تقاتل القوات الأمريكية في أفغانستان منذ أكثر من 15 عاما، يسمح بالاتصالات بمثل هذه الجماعات عند الحاجة.
وقال المسؤول الأمريكي -طلب عدم نشر اسمه-: "هناك منفعة ما. يجب أن يكون هناك مكان يمكننا لقاء طالبان فيه. وينبغي أن يكون هناك مكان تذهب إليه حماس ويمكن عزلها فيه والحديث إليها".
وقال المسؤولون الحاليون والسابقون إنه لا يمكنهم تحديد السبب الذي ربما دفع الدول الأربع لاتخاذ قرار قطع العلاقات. واتخذ اليمن وحكومة طبرق وجزر المالديف قرارا مماثلا في وقت لاحق.
وأضافوا أن السعوديين ربما تشجعوا بالدفعة القوية التي تلقوها من ترامب أثناء زيارته للرياض في مايو أيار وحديثه بلهجة صارمة ضد إيران.
وقال مسؤول أمريكي سابق: "أظن أنهم تشجعوا بما قاله ترامب أثناء زيارته.. وشعروا بأنهم تلقوا شكلا من الدعم. لا أعلم إن كانوا بحاجة للمزيد من الضوء الأخضر مقارنة بما سبق أن حصلوا عليه في العلن".
وأبلغ مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية رويترز بأن الولايات المتحدة لم تتلق مؤشرا من السعوديين ولا الإماراتيين على أن هذا التحرك على وشك الحدوث. وقال البيت الأبيض أمس الاثنين إنه ملتزم بالعمل لنزع فتيل التوترات في الخليج.
كان ترامب ناشد الزعماء العرب والمسلمين في الرياض "طرد الإرهابيين" كما أشار إلى إيران بوصفها مصدرا رئيسيا لتمويل ودعم الجماعات المتشددة.
* السعي للمصالحة
وأكد مسؤولون أمريكيون في وكالات متعددة على رغبتهم في الدعوة للمصالحة بين المجموعة التي تتزعمها السعودية وقطر التي يبلغ عدد سكانها 2.5 مليون نسمة وتملك مخزونات كبيرة من الغاز الطبيعي.
وقال المسؤول الكبير بإدارة ترامب طالبا عدم نشر اسمه "لا نريد أن نرى شكلا من أشكال الشقاق الدائم وأظن أننا لن نرى هذا" مضيفا أن الولايات المتحدة سترسل مبعوثا إذا اجتمعت دول مجلس التعاون الخليجي لمناقشة الخلاف مع قطر.
ويضم المجلس ست دول عربية هي السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان.
وقال المسؤول الكبير: "هناك إقرار بأن بعض السلوكيات القطرية تثير القلق ليس فقط لدى جيرانها الخليجيين ولكن لدى الولايات المتحدة أيضا".
وقالت مارسيل وهبة وهي سفيرة أمريكية سابقة في الإمارات ورئيسة معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن الولايات المتحدة لها نفوذ لكنها ستستخدمه بحكمة.
وأضافت: "الولايات المتحدة ستتحرك ولكن كيف ستفعل ذلك؟ أعتقد أنه سيكون تحركا هادئا للغاية ووراء الكواليس. لا أظن كثيرا أننا سنجلس على الهامش وندع الأزمة تتفاقم".
ويعود دعم قطر للإسلاميين إلى قرار اتخذه والد أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني بإنهاء انصياع تقليدي للسعودية وإبرام أكبر عدد ممكن من التحالفات، بحسب رويترز.
وقدمت قطر نفسها منذ سنوات في صورة وسيط ولاعب في النزاعات الكثيرة بالمنطقة.
لكن مصر والدول الخليجية العربية تندد بدعم قطر للإسلاميين خاصة جماعة الإخوان المسلمين التي تناصبها هذه الدول العداء.
وقال مسؤول أمريكي آخر "نتواصل مع كل شركائنا... لإيجاد سبيل لإعادة بعض الوحدة في مجلس التعاون الخليجي دعما للأمن الإقليمي" مضيفا أن من المهم "مواصلة قتال الإرهاب والفكر المتشدد".
وكانت السعودية ومصر والإمارات والبحرين، أعلنت فجر أمس قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، واتهمتها بـ"دعم الإرهاب" في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات. ونفت قطر الاتهامات، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني. ولم تقطع الكويت وسلطنة عمان علاقاتهما مع الدوحة، الأمر الذي يرجح قيامهما بدور وساطة لرأب الصدع في البيت الخليجي.