كحجر ألقي في مياه راكدة ، جاءت مصر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن والمغرب بمقاطعة قطر بدعوى دعمها للإرهاب، والإضرار بالأمن القومي العربي، ليطرح العديد من التسؤلات في الشارع العربي .
"لماذا تأخر الموقف المصري تجاه قطر 3 سنوات، وهل كانت القاهرة تابعة لدول الخليج في قرارها؟ كان ذلك أبرز التساؤلات التي أثيرت عقب قرار المقاطعة الدبلوماسية مع الدوحة.
متخصصون ودبلوماسيون نفوا في تصريحات لـ"مصر العربية" أن تكون القاهرة قد أملي عليها قرارها من قبل دول مجلس التعاون الخليجي ( السعودية - الإمارات - البحرين) التي أقدمت على خطوة المقاطعة، مستدلين على ذلك بسحب قطر لسفيرها من مصر بعد مواقف الأخيرة الرافضة لها خلال الفترة الماضية.
وتوترت العلاقات بين القاهرة والدوحة ووصلت لحد إعلان ذلك في مواقف رسمية منذ الثالث من يوليو 2013 بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وإيواء قطر لعدد قيادات جماعة الإخوان المسلمين .
من جانبه يقول الدكتور جهاد عودة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلوان، إن مصر لم تتأخر في قرارها بشأن قطر، مشيرا إلى أن العلاقات متوترة منذ الثالث من يوليو 2013 وشهدت استقطابات حادة.
ويضيف لـ"مصر العربية" أن الخطوة نفسها لم تتخذها مصر في السابق بسبب وجود وساطة خليجية كانت تحول دون ذلك.
وأوضح أن القرار تزامن مع القرارات الخليجية بعدما شعرت الأخيرة بخطورة التحركات القطرية عليها، مشيرا إلى أن هناك معلومات تؤكد تورط المخابرات القطرية في دعم بعض المجموعات المتطرفة في ليبيا وسورية.
ولفت إلى أن المشكلة في تطلعات قطر التي لا تتناسب مع حجمها الجغرافي، وهو ما ترفضه السعودية، وذلك راجع لكثرة الموارد الموجودة بالدوحة، لاسيما عائدات البترول والغاز.
واتفق معه السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، في أن الموقف المصري ليس فيه تبعية لدول الخليج، إلا أنه يؤكد أن هناك ضعف عام حل بالسياسة الخارجية المصرية مؤخرا.
ويقول لـ"مصر العربية" إن المواقف العربية تجاه قطر نتاج لقمة الرياض التي عقدت أبريل الماضي، أو ما سمي بالقمة الإسلامية الأمريكية، وهي بداية لما يمكن تسميته بتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد.
وأضاف أن المخطط الذي يقصده بدأت إرهاصاته بإثارة نزعات طائفية، وخلق خلافات بين الدول في المنطقة العربية، متوقعا أن تتطور الأمور خلال الفترة المقبلة ليس فقط على المستوى القطرى، ولكنها ستمتد لبلدان أخرى.
وشبه مرزوق ما سيحدث ببعض البلدان العربية نتيجة تطبيق هذه السياسات مع ما حدث بعد توقيع اتفاقية سيكس بيكو في العام 1916، وتغيرت بموجبها حدود المنطقة، أو حتى ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية بأوروبا بأن نشأت دول جديدة واختفت أخرى وتداخلت حدود بعض الدول.
واعتبر مرزوق أن ما يحدث حاليا بالمنطقة العربية هو مقدمات لتغيير سيحدث قريبا، ربما تنتهى فيه بعض العائلات الحاكمة في منطقة الخليج.
واختلف معه الدبلوماسي السابق جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، في أن الخلاف القطري العربي لن يستمر طويلا، متوقعا ألا تتأثر الدوحة بشكل كبير بعد قرارات المقاطعة الدبلوماسية إلا عن طريق النقل البري، مشيرا إلى أن غالبية الاستثمارات القطرية في دول غير عربية.
وقال إن قطر باقية ولن تضيع بسبب قطع العلاقات معها، ﻷنها ترتبط بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن الموقف المصري من قطر لم يتغير فطوال الوقت كان متوترا وسبق وأن قللت مصر تمثيلها الدبلوماسي مع تركيا وقطر في2013.
وتابع أن الدوحة ارتكبت أخطاء كبيرة وتمادت حتى وصلت الإساءة للمجموعة الخليجية، واصفا الإجراءات التي اتخذت ضدها بالقوية والجريئة.
وتابع أن الدوحة ستسعي خلال الفترة المقبلة لحل أزاماتها مع جيرانها العرب وستتخطى أزماتها.
وفي فبراير 2015 استدعت قطر سفيرها لدى مصر للتشاور على خلفية تصريحات لمندوب مصر في الجامعة العربية اتهم فيه دولة قطر بدعم "الإرهاب".
لكن الإجراءات الأخيرة تجاه الدوحة تعتبر هي الأعنف في تاريخ العلاقات الخليجية، كما تعد أكثر صرامة من إجراءات أخرى اتخذت خلال شقاق دام ثمانية أشهر في عام 2014 عندما سحبت السعودية والبحرين والإمارات سفراءها من الدوحة، وقررت القاهرة تخفيض تمثيلها الدبلوماسي واستدعاء سفيرها من الدوحة، على خلفية اتهامات لقطر بدعم وإيواء قيادات جماعة الإخوان المسلمين والتدخل في الشئون المصرية، لكن الأجواء لم تغلق آنذاك ولم يتم طرد القطريين.
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية بالأمس في بيان لها أن سياسة قطر "تهدد الأمن القومي العربي وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية وفق مخطط مدروس يستهدف وحدة الأمة العربية ومصالحها.”