"ستسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى نزع فتيل التوترات بين المملكة العربية السعودية وقطر من منطلق أن البلد الخليجي الصغير الغني بالغاز الطبيعي يمثل أهمية قصوى للجيش الأمريكي، ناهيك عن المصالح الدبلوماسية بين البلدين التي ستتأثر سلبا حال فُرضت على الدوحة عزلة من جيرانها في الخليج".
هكذا استهلت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا سلطت فيه الضوء على الخطوة غير المسبوقة التي اتخذتها ثلاثة بلدان خليجية- السعودية والإمارات والبحرين- ومعها مصر واليمن بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر على خلفية اتهام الأخيرة بدعم الأنشطة الإرهابية وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
وشعر المسؤولون الأمريكيون بصدمة بالغة من القرار السعودي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر في خطوة منسقة مع مصر والبحرين والإمارات.
وفي معرض إعلانها عن حيثيات القرار، اتهمت الرياض الدوحة بتقديم الدعم لإيران الشيعية – الخصم الرئيسي للمملكة العربية السعودية في المنطقة، وأيضا للجماعات المسلحة.
وأوضح تقرير الصحيفة أن واشنطن لديها أسباب عديدة تدفعها لبذل أقصى الجهود من أجل نزع فتيل التوترات في المنطقة، مشيرا إلى أن قطر تستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط "العديد"، والتي تنطلق منها الهجمات الجوية التي تشنها واشنطن على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي استولى على مناطق في العراق وسوريا، علما بأن الرئيس الأمريكي قد وضع هزيمة التنظيم الإرهابي على رأس أولوياته خلال فترته الرئاسية.
وعلاوة على ذلك، فإن استعداد القطريين للترحيب بمنظمات وحركات مثل "حماس" الفلسطينية التي تصفها واشنطن بـ "الإرهابية"، و"طالبان" التي تخوض ضدها القوات الأمريكية حربا ضروسا في أفغانستان منذ أكثر من 15 عاما، يتيح التواصل مع مثل تلك الجماعات عند الحاجة.
وتحدث مسؤول أمريكي رفض الكشف عن هويته لـ "إندبندنت" بقوله:" ثمة منفعة أكيدة،" مضيفا:" سيكون أمامنا فرصة لمقابلة طالبان."
وأكد مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إنهم لم يتمكنوا من الوقوف على الأسباب التي دفعت البلدان الخليجية الثلاث لقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وهي الخطوة التي اتخذتها أيضا كل من اليمن والحكومة الليبية المتمركزة شرقي البلاد وجزر المالديف.
وقال المسؤولون إن السعوديين ربما يكون قد شعروا بالقوة التي منحهم إياها دونالد ترامب خلال حضوره القمة الإسلامية العربية الأمريكية التي استضافتها الرياض في مايو الماضي، وبدأوا في تبني موقف أكثر تشددا تجاه طهران.
وتابعوا:" ظننا أنهم (السعوديون) شعروا بالجرأة بسبب تصريحات ترامب.. إنهم شعروا أنهم حصلوا على نوع من الدعم والتأييد."
وفي الرياض، وجه ترامب نداء عاطفيا للعرب وقادة الدول الإسلامية بمحاربة الإرهابيين، في حين وصف إيران بأنها مصدرا رئيسيا لتمويل ودعم الجماعات المسلحة.
وكان البيت الأبيض قد ذكر في بيان أمس الإثنين أنه ملتزم بالعمل لتهدئة التوترات في الخليج. وأعرب مسؤولون أمريكيون عن رغبتهم في المصالحة بين السعودية وقطر، الدولة البالغ تعداد سكانها 2.5 مليون نسمة وأكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم.
وتتهم الدول الخمسة- السعودية والإمارات ومصر والبحرين واليمن - الدوحة بدعم الجماعات المسلحة في الخليج، لتشتعل بذلك فتيل أزمة دبلوماسية هي الأكثر خطورة في منطقة الخليج منذ سنوات طويلة.
وقالت الدول الخمس إنها تخطط لغلق كافة موانئها الجوية والبحرية والبرية مع قطر، وطرد الدبلوماسيين القطريين من أراضيها، كما أعلنت الرياض استبعاد قطر من التحالف العسكري الذي تقود الرياض في اليمن
من جهتها، أعربت زارة الخارجية القطرية عن الأسف لقرار السعودية ومصر والإمارات والبحرين قطع العلاقات الدبلوماسية معها. وقالت الوزارة "الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة".
وقالت وزارة الخارجية القطرية إن هذه القرارات تهدف الى "وضع قطر تحت الوصاية، وانها تعد انتهاكا لسيادة الدولة القطرية."
وتأتي تلك التطورات في ظل تصاعد التوتر بين دول الخليج عقب بث تصريحات منسوبة لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الشهر الماضي قال فيها إنه من غير الحكمة معاداة إيران ورفض تصعيد الخلاف معها.
ورغم أن وكالة الأنباء القطرية أصدرت بيانا في وقت لاحق نفت فيه صحة التصريحات وقالت إن موقعها الإلكتروني تعرض للقرصنة، إلا وسائل الإعلام السعودية والإماراتية شنت هجوما حادا على قطر.
يأتي ذلك رغم أن الرئيس الأمريكي دونالد تر امب كتب عدة تغريدات عبر حسابه على تويتر اليوم الثلاثاء أشار فيها إلى اتهامات لقطر بتمويل الجماعات المتطرفة.