الرئيس اﻷمريكي دونالد ترامب جلس مع أمير قطر في الرياض، ثم يوم الاثنين الماضي أعلنت السعودية والبحرين مصر واﻹمارات وبعض الدول الصغيرة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، مؤكدة أنّها تدعم الإرهابيين في المنطقة.
صحيفة "صنداي مورنينغ هيرالد" الأسترالية سعت لتسليط الضوء على أسباب هذه الخلاف الذي وصفته بأنّه "خطير"، من خلال طرح أسئلة والإجابة عليها.
أليس قطر والسعودية في نفس الجانب؟
الدولتان نظام الحكم ملكي ولديهما وفرة في البترول، وكلاهما لهما علاقات قوية مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى وكلاهما يحكمها سلالات عربية، من المسلمين السُّنة المحافظين. وعندما أعلنت السعودية عن قيامها بعملية عسكرية عام 2015 في اليمن، كانت قطر واحدة من 33 حليفًا آسيويين وأفارقة شكلوا "التحالف".
إذًا لماذا الانقسام المفاجئ؟
لا يوجد شيء مفاجئ، قطر دائمًا لديها أفكارها الخاصة حول مستقبل الشرق الأوسط، وتلك الأفكار أزعجت السعوديين وأحيانًا تخالفها.
والرياض ودولتان خليجيتان أخريان -البحرين والإمارات - جمّدوا العلاقات الدبلوماسية مع قطر في مارس 2014، ولكن هذا الانقسام يختلف من حيث الحجم، ويشمل إغلاق الحدود، ووقف التجارة ورحيل المواطنين، كما أفادت التقارير بأنّه سيتم منع القطريين من المرور عبر المطارات في الدول المجاورة.
وهناك 3 حوادث أثارت التصعيد الأخير:
أولهما: أول زيارة خارجية للرئيس اﻷمريكي الجديد دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض، والتي أصدر خلالها تأييدًا قويًا للقيادة السعودية، وأوضح أن خصوم واشنطن الرئيسيين فى المنطقة هم الإرهاب والمنافس الإقليمي الرئيسي للسعودية، إيران.
ثانيًا: ما نشر على موقع وكالة الأنباء القطرية من حديث نُسِب ﻷمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي انتقد فيه خطط عزل إيران، وتوقعه بعدم استمرار ترامب في الحكم فترة طويلة - ثم قيل إن الوكالة تم قرصنتها.
ثالثا: اﻷموال التي دفعتها قطر في أبريل الماضي كفدية - بقيمة مليار دولار أمريكي - لضمان الإفراج عن مواطنين قطريين، على حد قول أفراد العائلة المالكة، من العراق.
وأفادت التقارير أن من استفاد بهذه اﻷموال هي إيران ووکلاؤھا من الملیشیات الشیعیة في العراق.
ما الاتهامات التي توجهها السعودية لقطر؟
"دعم الإرهاب" وهذه تهمة خطيرة جدًا لأمة دعيت لحضور زيارة ترامب، وتقاتل إلى جانب السعوديين في اليمن ومن المقرّر أن تستضيف كأس العالم 2022.
هل هذا حقيقي؟
كما يعلم أولئك الذين تابعوا الحرب السورية، فإنّ نظام الأسد يعتبر كل المعارضة "إرهابيين"، والنظام المصري يحظر جماعة الإخوان المسلمين على أساس أنها جماعة إرهابية تحاول تدمير الأمة. وتستخدم الدول العربية المحيطة خطابا مماثلا عند التعامل مع المعارضة والعنف بجميع أنواعه، وبذلك أصبحت تهمة "الإرهاب" واسعة النطاق حتى في وسائل الإعلام مثل شبكة "الجزيرة" القطرية.
وتؤيد قطر بالتأكيد جماعات المعارضة في العالم العربي التي يرغب السعوديون في اختفائها، كما دعمت الميليشيات المقاتلة في سوريا التي لها مواقف إسلامية متطرفة، لكن الدليل على دعم قطر لنوع الإرهاب الذي هز المدن الغربية في الأسابيع الأخيرة "قليل جدًا".
أسباب تفاقم الخلاف؟
تعود الخلافات إلى "الربيع العربي" عامي 2011 و 2012، حيث كان يعتقد السعوديون منذ البداية أنّه يجب دعم الأنظمة التونسية والمصرية والبحرين، ويتم سحق المعارضة، كما أعربوا عن اعتقادهم بأنّ إيران يجب أن تكون معزولة وبنفس الطريقة التي عززتها الولايات المتحدة لعقود من الزمن مع كوبا وكوريا الشمالية.
على العكس من ذلك، بدأ القطريون يعتقدون أن مفتاح بقاء الدول الخليجية هو محاولة العثور على حليف سياسي داخل الاحتجاجات الجماهيرية وإبرام اتفاق معهم للتحوط ضد الديمقراطيين واليساريين وغيرهم، بمن فيهم الجهاديون. ومن المنظور القطري، سيكون أفضل الحلفاء أحزاب تمثل الإسلام السياسي، مثل الإخوان المسلمين في مصر وحماس في فلسطين، وحزب العدالة والتنمية في تركيا.
ما هي الخطوة القادمة؟
من المؤكد أن السعوديين يأملون في أن تسعى قطر لكبح الجزيرة، لكنهم يريدون أيضًا أن تقبل الدوحة قيادة الرياض والموافقة على مواقف السعودية بشأن ليبيا وسوريا ومصر والصراع الإسرائيلي الفلسطيني (حيث تفضل السلطة الفلسطينية تحت قيادة محمود عباس عن منافسيها حماس)، وقبل كل شيء لاتخاذ خط أكثر صعوبة نحو إيران.
كما تريد من قطر التوقف عن استخدام دورها كوسيط لرفع صورتها السياسية فوق السعودية، كما هو الحال في لبنان وأفغانستان.
وتأمل قطر أن يكون للمجتمع الدولي مصلحة في نزع فتيل هذا النزاع، وأن يكون قادرًا على إيجاد وسيلة لاستعادة العلاقات دون أن يفقد ماء وجهه.
وسيحاول الشيخ تميم التأكيد للولايات المتحدة على أنها تعتمد على قطر كقاعدة إقليمية حاسمة، حيث يتمركز 11 ألف جندي أمريكي على الأراضي القطرية.
حل اﻷزمة سوف يعتمد على وجهة نظر ترامب حول إعادة تشكيل الشرق الأوسط.
الرابط اﻷصلي