باﻷرقام| نسب التبادل التجاري بين إيران والخليج.. وخبراء: دعمها لقطر سلاح ذو حدين

التبدل التجاري بين ايران والخليج

بعد إعلان 7 دول قطع العلاقات مع قطر وفرض حصار بري وجوي وبحري، ظهرت إيران كبديل للدوحة في تلبية احتياجاتها التجارية باعتبارها المنفذ الوحيد من الجانب الشرقي.

 

إيران بدورها أعلنت عن دعمها ووقوفها بجانب قطر واستعدادها ﻹمدادها بالسلع والمواد الغذائية، وخاصة أن حجم العلاقات بينهما كانت جيدة وﻻ يوجد صراع بينهما كما كان الحال مع أغلب الدول الخليجية.

 

إيران والخليج

وبالرجوع إلى اﻹحصائيات الرسمية لحجم العلاقات التجارية بين إيران ودول الخليج، يتضح أنه لا يوجد من بين الدول الخليجية من يملك علاقات تجارية وثيقة مع إيران باستثناء الإمارات، ويرجع ذلك إلى أن هذه الدول تنظر إلى إيران باعتبارها خطرًا استراتيجيًا يهدد أمن المنطقة.

 

وتتربع السعودية على قمة الدول صاحبة التوتر السياسي المستمر مع إيران، إذ لم يتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 500 مليون دولار، قبل أن تعلن السعودية قطع علاقاتها الاقتصادية مع طهران تزامنًا مع قطع العلاقات الدبلوماسية.

 

معاناة مستمرة تظهرها دائما دولة البحرين، من المشروع الإيراني الطائفي بها، إﻻ أنها بحكم الجوار مع طهران فقد ارتبطت معها بعدد من العلاقات الاقتصادية البسيطة أيضًا، حيث وقع البلدان اتفاقًا يتعلق بمنع الازدواج الضريبي ودعم التبادل لتسهيل الاستثمار البحريني في إيران.

 

كما أن هناك أيضًا تعاونا مصرفيا بين البلدين من خلال إنشاء بنك المستقبل الإيراني عام 2004، والذي يتخذ لنفسه مقرًا بالمنامة، كمشروع مشترك لتوسيع نطاق الأعمال التجارية بين اقتصادات دول الخليج وإيران، إلا أنه واجه ضغوطًا سياسية متواصلة حتى أصبح الآن مهددًا بالإغلاق إثر قطع العلاقات بين البلدين، ورغم عدم وجود إحصاءات حديثة، إلا أن آخر إحصائية تشير إلى حجم التبادل التجاري وصل إلى 200 مليون دولار بين إيران والبحرين.

 

وتعد سلطنة عُمان من أبرز دول الخليج التي تقيم علاقات اقتصادية مع إيران، وخاصة قبل قرب الاتفاق النووي، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 877 مليون دولار، ويوجد في عمان 259 شركة إيرانية مسجلة لدى وزارته تمارس نشاطًا تجاريًّا في البلاد".

 

ووفقًا لأرقام الكتاب الإحصائي العماني لعام 2014 فإن أنشطة إعادة التصدير والصادرات غير النفطية العمانية لإيران بلغت حتى نهاية عام 2013 نحو 322.5 ألف دولار بزيادة 5.1% عن عام 2012، ووصلت الواردات السلعية لعمان من إيران في الفترة نفسها إلى قرابة 562 ألف دولار، بزيادة 4.9% عن العام الذي سبقه.

 

6 اتفاقيات غيرت مسار التعاون التجاري المتبادل بين الكويت وإيران على خطى قطر، وشهدت علاقاتها الاقتصادية مع إيران نموًا ملحوظًا عام 2015، في المجال الاقتصادي، كما تم توقيع اتفاقية بشأن التعاون في الشؤون الجمركية؛ لتسهيل إجراءات التبادل التجاري بين البلدين، ليصل حجم التبادل بين البلدين في 2014 إلى 150 مليون دولار سنويا.

 

وفي مسار آخر، انتهجت العلاقات بين الإمارات وإيران طريقا آخر، حيث استحوذت الإمارات على 80% من التبادلات التجارية بين طهران ودول مجلس التعاون، كما تعد إيران رابع شريك تجاري للإمارات، حيث يوجد أكثر من عشرة آلاف شركة إيرانية وهو ما يجعل الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإيران.

 

وبحسب تصريحات وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري، فإن حجم التبادل التجاري بين بلاده وإيران بلغ 17 مليار دولار بنهاية عام 2014، فيما قُدّر حجم هذا التبادل التجاري بـ 15.7 مليار دولار في عام 2013 و 17.8 مليار دولار في عام 2012 و 23 مليار دولار في عام 2011 و 20 مليار دولار في عام 2010.

 

وفي الوقت الذي احتدم الصدام عالميا وتم اﻻتفاق على فرض العقوبات الدولية على إيران، كانت الإمارات، وإمارة دبي تحديدًا، بمثابة المنفذ الرئيسي للاقتصاد الإيراني، وللجزء الأكبر من الواردات التي يحتاج إليها.

 

اﻷزمة القطرية

وفي العام الماضي تميزت قطر بنشاط ملحوظ في حركتها الملاحية والجوية والبرية، حيث رصدت اﻹحصائيات استقبال مطار الدوحة أكثر من 37 مليون مسافر عام 2016 واستقبال معبر أبو أبو سمرة الحدودي بين قطر والسعودية أكثر من 326 ألف زائر خلال هذا العام، حيث يشهد المعبر يوميا مرور ما بين 600 إلى 800 شاحنة. وفي مقابل تلك الحركة شهدت قطر حصارًا متكاملاً فرضته الدول العربية والخليجية من جميع منافذها حتى تحولت من دولة حيوية إلى جزيرة معزولة ما عدا منفذ وحيد مع إيران شرقا، حتى وصفت بالدولة "الحبيسة" بعد قطع العلاقات معها.  

المَنفذ الوحيد

"مصائب قوم عند قوم فوائد" أصبحت تلك المقولة هى لسان حال دولة إيران التي أصبحت المنفذ الوحيد لدولة قطر، وباﻷخص ﻷن إيران بطبيعة الحال علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول المقاطعة لقطر متدهورة ولا يوجد لديها مخاوف في حالة تعاونها مع قطر والأخص السعودية.

رئيس نقابة مصدري المحاصيل الزراعية في إيران رضا نوراني، أعلن استعداد بلاده لتصدير مختلف المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية إلى قطر بعد قطع العديد من الدول العلاقات معها.

 

وقال نوراني إن إيران تستطيع تصدير هذه السلع إلى قطر من ثلاثة موانئ في جنوب البلاد هي بوشهر وبندر عباس وبندر لنكه.

 

وعلى أرض الواقع استقبلت قطر أول شحنة من المواد الغذائية إليها اليوم، لتأمين احتياجاتها من المواد الغذائية والمياه، وذلك بعد يومين من قرار قطع العلاقات مع الدوحة.

 

التعاون مع المنفذ الإيراني يعد متاحا لقطر وليس أمامها أي عوائق تذكر، خاصة في ظل توقيع اتفاقيات في وقت سابق بين الدوحة وطهران، تضمنت  تأسيس مجلس اقتصادي مشترك، فضلًا عن إقامة منطقة اقتصادية حرة منذ عام 2014.

 

وبحسب إحصائيات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين دولة قطر وإيران نحو 300 مليون دولار ، فيما بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي نحو 114,3 مليون دولار، بينما استوردت قطر 96,6 مليون دولار من المنتجات غير النفطية من إيران خلال العام ذاته، خلال العام 2013 الماضي.

 

قطر والخليج

ويمثل التبادل التجاري بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى نحو 12 %  من إجمالي حجم التبادل التجاري لقطر مع دول العالم، و84 % من حجم التبادل التجاري لقطر مع الدول العربية.

 

وسجل التبادل التجاري لقطر مع دول الخليج 37.9 مليار ريال قطري، أي ما يقارب 10.5 مليار دولار أمريكي عام 2016، وذلك بحسب بيانات وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية.

 

واستوردت قطر عام 2016 ما قيمته 19 مليار ريال قطري من البضائع الخليجية، لا سيما من السعودية والإمارات التي شكلت صادراتها إلى قطر 83 %  من واردات قطر الخليجية، يضاف إليها 6 %  من البحرين، لتشكل صادرات الدول الثلاث إلى قطر 89 %  من إجمالي واردات قطر من الدول الخليجية.

 

وتعتبر أهم واردات قطر من دول الخليج البضائع المصنعة للمستهلك النهائي، التي تشكل 27 %  من إجمالي واردات قطر من دول الخليج، يليها "الأغذية والحيوانات الحية" وتمثل قيمة وارداتها نحو 16 في المئة من الإجمالي تستورد دولة قطر ما نسبته 15 في المئة من المواد الغذائية من السعودية، و11 في المئة من الإمارات.

 

قطر وطريقين

 

الدكتور حسن وجيه، أستاذ التفاوض الدولي، قال إن وقف التبادل التجاري بين قطر والدول العربية والخليجية ليس له أى تأثير كبير مرتقب، مرجعا السبب إلى أن الحجم التجاري واﻻقتصادي للتعاون الخارجي لقطر يعد قليل وبنسب صغيرة للغاية.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن قطر أصبحت اﻵن أمام طريقين، إما أن تفتح نفوذها بجانب إيران ويبدأ التعاون بينهما في الجانب اﻻستيرادي، وبذلك يبدأ الجانبان في توقيع اتفاقيات وبروتوكوﻻت تعاون اقتصادية، وإما أن ترجع عن موقفها وتعقد مصالحتها مع الدول العربية وتعيد العلاقات معهم مرة أخرى بعد تطبيق شروط المصالحة، ومن بعدها تعود العلاقات اﻻقتصادية إلى نصابها مرة أخرى.

 

ولفت "وجيه" إلى أن حجم التعاون اﻻقتصادي بين إيران ودول الخليج من المقرر أن يشهد تأثرا كبيرا في غضون اﻷيام المقبلة، موضحا أن إيران لديها خلافات واضحة ليست جديدة ولكن اﻷمر يشهدا تطورا جديدا بعد مساندتها لقطر.

 

وأشار "وجيه" إلى أن المعادلة الحالية التي من المرتقب أن تسير عليها قطر ودول الخليج خلال اﻷيام المقبلة أنه كلما قل التعاون مع قطر كلما لجأت إلى إيران ومن بعدها تركيا لتحقيق مصالحها.

 

المستفيدون

الخبير الاقتصادي، الدكتور مصطفى بدرة، رأى أن إيران وضعت نفسها موضع المدافع عن قطر، وبذلك فمن المنتظر أن تبدأ الدول العربية توقفها عن التعاون والتبادل التجاري مع إيران تدريجيا.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن المستفيد اﻷول واﻷخير من تلك اﻷزمة الحالية من الجانب اﻻقتصادي تركيا وإيران، ومن الجانب السياسي أمريكا وإسرائيل، مشيرا إلى أن اﻷزمات الحالية تعد بوادر فقط لقرار قطع العلاقات مع قطر.

 

ولفت "بدرة" إلى أن هناك تعاونا مشتركا بين دول الخليج وإيران منذ زمن طويل، إﻻ أن هذا التعاون مكفول بعد التدخل السياسي والعسكري في الشأن الداخلي للدول المتعاونة مثل اﻹمارات، أما في حالة التدخل في شأنها ففي الحال يتم قطع التعاون، كما فعلت السعودية.

مقالات متعلقة