نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ" (حكومية) مقطع فيديو مساء أمس الجمعة، أوردت فيه خرائط وأحاديث خبراء، قالت إنَّها تؤكِّد تبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية. وجاء نشر الفيديو قبل يومين فقط من مناقشة مرتقبة لمجلس النواب لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، والتي وُقِّعت في الثامن من أبريل من العام الماضي خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة، وأعلنت تبعية الجزيرتين إلى المملكة. وأورد فيديو الوكالة الرسمية ما قالت إنَّها "خرائط تؤكِّد تبعية الجزيرتين للسعودية، ومنها خريطة تعود لعام 1800 وكانت سيناء كلها تابعة للجزيرة العربية عدا الجزء الشمالي حتى غزة، والحدود الجنوبية مع السودان حتى حلايب شلاتين، وخريطة أخرى ترجع لعام 1900 توضح حدود مصر باللون الأحمر، وحدود الدولة العثمانية بالأصفر وتظهر جزيرتي تيران وصنافير باللون الأصفر، في إشارة منها إلى "سعوديتها". وأظهر الفيديو كذلك خريطة لعام 1947، تقول الوكالة الرسمية إنَّها نُشرت باسم خريطة الدول العربية ما عدا مصر، وتظهر فيها جزيرة تيران باللون الأبيض وهو نفس اللون المرسوم به أراضي الدول العربية الأخرى. ومستخدمةً وصف بـ"الحسم"، نشرت الوكالة خريطة تعود لعام 1955 وتقول فيها إنَّها تظهر الخط الفاصل بين حدود مصر والسعودية وأنَّ الجزيرتين تتبعان المملكة.
ولم يتسنَ لـ"مصر العربية" التأكُّد من صحة الخرائط التي أوردتها الوكالة الرسمية للدولة.
واسترشدت الوكالة بتصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي، قال فيها إنَّ توقيع مصر على الاتفاقية وإعلان تبعية الجزيرتين للسعودية استند إلى عمليات بحث من كل مؤسسات الدولة لعدة أشهر، وذلك من خلال الأرشيف السري لوزارة الخارجية والأرشيف السري لوزارة الدفاع وكذا أرشيف المخابرات العامة. وأشار السيسي - في حديثه الذي جاء في أحد اجتماعات الأسرة المصرية - إنَّ اللجان التي فحصت هوية الجزيرتين "متخصصة"، وعقدت 11 جلسة للتوصل إلى القول الفصل. وأوردت الوكالة تصريحات لمن وصفتهم بـ"الخبراء" للتأكيد على سعودية الجزيرتين، ومن هؤلاء محمد فايق مدير مكتب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي أشار إلى أنَّه لا يوجد نزاع بين مصر والسعودية، وأنَّ الوثائق تؤكِّد أنَّ الجزيرتين سعوديتين. الدكتور مصطفى الفقي سكرتير الرئيس المخلوع حسني مبارك للمعلومات قال إنَّ الجزيرتين خضعتا للحيازة المصرية لعدة عقود لأسباب سياسية، وأكَّد أنَّ الدفوع الخاصة بـ"سعودية الجزيرتين" واضحة. اللواء محمود بدير، الذي وصَّفته الوكالة الرسمية بأنَّه أول ضابط يدير الجزيرتين، قال إنَّ مصر استعارت الجزيرتين من السعودية، مؤكِّدًا أنَّه أول من رأى الجزيرتين. وغدًا الأحد، يبدأ فصل جديد من اتفاقية ترسيم الحدود، إذ تناقش اللجنة التشريعية بمجلس النواب الاتفاقية للمرة الأولى، وذلك بعد موافقة الحكومة عليها وإحالتها للبرلمان في 29 ديسمبر الماضي. وأثارت هذه الاتفاقية موجة غضب واسعة، ومنها المظاهرات التي شهدتها البلاد في 15، و25 أبريل من العام الماضي، عرفت باسم "مظاهرات الأرض"؛ احتجاجًا على قرار الحكومة المصرية في الشهر ذاته بـ"أحقية" السعودية في الجزيرتين بموجب اتفاقية لإعادة ترسيم الحدود. ودشَّن ناشطون حملات إلكترونية عديدة رفضًا لما يقولون إنَّه "تفريط في الأرض"، وهو ما ردَّ عليه السيسي - في حديثٍ له: "لم نفرط في حقٍ لنا.. وأعطينا الحق لأصحابه". ويرى معارضون أنَّ مناقشة البرلمان للاتفاقية هو انتهاك للقانون، ومرجعهم في ذلك الحكم القضائي الذي صدر ببطلان الاتفاقية. وفي حراكٍ معارضٍ، عقدت أحزاب التيار الديمقراطي اجتماعًا لمناقشة سبل التصدي لمناقشة الاتفاقية، حيث اتفقت على خوض معركة إسقاط الاتفاقية حتى النهاية وبكل السبل السلمية المتاحة، وتنظيم حملة شعبية للضغط على نواب البرلمان لرفض عرض الاتفاقية على البرلمان، وتدشين حملة مقاومة شعبية سليمة للدفاع عن الأرض تشمل اعتصامًا داخل مقرات الأحزاب في القاهرة والمحافظات، ودعوة المواطنين لتعليق علم مصر مكتوب عليه تيران وصنافير مصرية على الشرفات وتنظيم مظاهرة حاشدة لكل القوى الوطنية في ميدان التحرير للدفاع عن الجزيرتين، حسب محمد البسيوني، أمين عام حزب تيار الكرامة، في حديثه لـ"القدس العربي". بينما يدافع البرلمان عن حقه في مناقشة الاتفاقية، فقال عضو اللجنة التشريعية بالمجلس صلاح حسب الله أنَّ المجلس سيناقش الاتفاقية لأنَّ البرلمان هو صاحب الحق الوحيد في مناقشة أي اتفاقيات مهما كان المسمى وفقًا للدستور. وأضاف حسب الله، في تصريحات لـ"CNN بالعربية"، أنَّ مناقشة القضية في مجلس النواب لا تتضارب مع الأحكام الصادرة بالقضية، موضحًا أنَّ الحكم بين السلطات هو الدستور، والذى يعطى مجلس النواب الحق في مناقشة أي اتفاقيات توقعها الحكومة وفقًا للمادة 151 على حد قوله. وكانت محكمة القضاء الإداري، قد أصدرت يوم 21 يونيو من العام الماضي، حكمًا ببطلان الاتفاقية، ثم أصدرت المحكمة الإدارية العليا يوم 16 يناير الماضي، حكمًا برفض طعن الحكومة على حكم البطلان، إلا أن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، أصدرت حكما في 2 أبريل الماضي ببطلان حكم الإدارية العليا، وسريان الاتفاقية.