"مضايق تيران مياه إقليمة مصرية ولقد طبقنا عليها حقوق السيادة المصرية ولن تستطيع قوة مهما بلغت جبروتها أن تمس حقوق السيادة المصرية"، هكذا قال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في خطاب أمام مراسلي صحف العالم قبل 50 عاما.
ففي الوقت الذي بدأت فيه اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، اليوم الأحد، مناقشة اتفاقية "تيران وصنافير"، استدعى رافضي الاتفاقية ما نشرته الصحف في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن تبعية الجزيرتين، في مقارنة مع ما تداوله وسائل الإعلام حاليا.
ووقعت مصر مع السعودية، في 8 إبريل 2016، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، ومنحت المملكة حق السيادة على جزيرتي "تيران وصنافير" الواقعتين في البحر الأحمر، فيما صدر بحقها حكم قضائي نهائي وبات من المحكمة الإدارية العليا ببطلانها وتأكيد السيادة المصرية على الجزيرتين.
وفي ظل حالة الجدل المثارة حول تبعية الجزيرتين، ودفاع أحزاب وحركات سياسية وشخصيات عامة عن مصريتها ورفض مناقشة البرلمان لها في ظل حكم قضائي ببطلانها، اتجهت معظم الوسائل الإعلامية من صحف ومواقع إخبارية وقنوات فضائية إلى حسم تبعية "تيران وصنافير" بأنهما ملك للسعودية .
قبل نحو عامين أدلى الرئيس عبد الفتاح السيسي بتصريح، خلال إعلان تدشين محور تنمية قناة السويس 5 أغسطس 2016، قال فيه "الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كان محظوظ، لأنه كان بيتكلم والإعلام كان معاه".
وجاءت اتفاقية ترسيم الحدود لتمنح الرئيس السيسي حظا من وسائل الإعلام على غرار نظيره الراحل عبد الناصر، حيث تسير معظم وسائل الإعلام رفي ركب الرأي الرسمي الذي يؤكد سعودية "تيران وصنافير".
فاليوم أبرزت جريدة الدستور عنوانا تقول فيه "تيران وسنافر .. الجزيرتان اللتان احتلتهما مصر في العقبة"، فيما نقلت صحيفة الوطن عن مصادر "سعودية تيران وصنافير ثابتة منذ 6 عقود..ولم تسل نقطة دم واحدة من ي جندي مصري على الجزيرتين".
وحملت جريدة الأخبار عناوين مشابهة لما أوردته الدستور والوطن منها :"توقيع رئيس الوزراء على الاتفاقية دستوري ولم تسل نقطة دم واحدة على الجزيرتين".
وأمس الأول قال محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين، خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، إن نائب رئيس تحرير المساء مختار عبدالعال دخل في اعتصام وإضرابه عن الطعام بمقر الجريدة، لمنع نشر ملف أعده عن تيران وصنافير يتضمن آراء 6 نواب 4 يؤيدون الاتفاقية و2 يعارضونها، بحجة أن القضية حساسة وغير مسموح بنشر موضوعات عن مصرية الجزيرتين .
وفي المقابل راح رافضو الاتفاقية يستدعون صور للجرائد الصادرة في الحقب الماضية للتأكيد على مصرية الجزر، منها كاركاتير بأحد الصحف بعد نكسة 5 يونيو 1967، يتضمن صورة مكتوبة عليها "مستعد أموت على الجزيرة دي المهم أحفادنا يعمروها حتى لو بعد 40 سنة".
ونشر البعض صورة لعدد صادر لجريدة الأهرام في عام 1983 جاء فيه عنوانا يقول "الخطط التنفيذية لانسحاب اسرائيل من سيناء..رفع علم مصر على تيران وصنافير والالتزام بالخط الدولي للحدود على رفح".
وفي محاولة للرد على رافضي اتفاقية "تيران وصنافير" أصدر مركز دعم المعلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء على موقعه الإلكتروني، تقريرا بـ 39 سؤالا تجيب فيه على التحفظات والانتقادات التي يسوقها معارضو الاتفاقية.
من بين الأسئلة التي أجاب عنها المركز ما يتعلق بحديث عبد الناصر الذي قال فيه إن الجزيرتين تمتلكهما مصر منذ عام 1906، وأنهما يقعان داخل المياه الإقليمية المصرية، وأنه لا تستطيع أي قوة أن تمس السيادة المصرية، وأي مساس بهما سيعد عدوانا سيرد عليه بأقصى قوة"؟.
وأجاب عنه المركز بأن التركيز على فحوى حديث عبد الناصر حول جزيرتي تيران وصنافير نجد أنه كان موجه بصورة مباشرة وتحديدا إلى الجانب الإسرائيلي في مرحلة فيها حرب وغلق المضايق وتهديدات من الجانب الإسرائيلي.
وتابع المركز : "لقد كان يتحدث عن خليج العقبة بشكل عام ومضيق تيران بشكل خاص، وهو يملك السيطرة الفعلية على الجزر من قبل، بناء على الطلب الذي تقدمت به السعودية، وأنه كان يتحدث عن أنها أراضي مصرية لقطع الطريق امام محاولات الجانب الإسرائيلي بالتدخل".
ورأى المركز التابع لمجلس الوزراء أن استناد البعض لهذا الحديث الصادر عن عبد الناصر بمصرية الجزيرتين حجة تفتقر إلى الواقعية، فقد قال الرئيس الراحل إن مصر وسوريا دولة واحدة، وهو تصريح سياسي، كمان أن اتفاقية الأمم المتحدة لترسيم البحار تثبت ملكية السعودية للجزيرتين.
من جانبه علق النائب محمد بدراوي، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية، على تضارب الحقائق حول ملكية تيران وصنافير، قائلا :"عبد الناصر قال إنها مصرية والسادات تفاوض مع إسرائيل باعتبار أنهما مصريتان وحاليا يقولون سعودية..وبعد 20 عام سنقول لمن".
وأشار النائب، لـ "مصر العربية"، أنه لا توجد مستندات تثبت ملكية السعودية للجزيرتين، وحتى إذا كانت موجودة فهل مصر خاضت حروبا وسالت دماء جنودها وعقدت اتفاقية السلام مع إسرائيل من أجل تحرير أرض غير مصرية ؟.