في تقريرها بشأن اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية المعروفة إعلاميا بــ"تيران وصنافير" الذي قدمته لمجلس النواب، أكدت الحكومة المصرية أن الجزيرتين لم تشهدا استشهاد أي جندي مصري، مشيرا إلى أن الادعاء بأن الجنود المصريين استشهدوا دفاعا واستبسالا حفاظا على الجزيرتين، ليس له أساس من الصحة.
وأشارت في تقريرها إلى أنه لم تسل نقطة دماء واحدة على الجزيرتين؛ لأنها لم تكن ضمن أي معارك عسكرية لا حديثا ولا قديما؛ لأنها بعيدة كل البعد عن ساحات القتال، موضحة أن معلوماتها استقتها من أساتذة القانون الدولي د.أحمد فوزي، د.أحمد الشقيري.
من جانبه، انتقد أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية الدكتور خالد فهمي ما جاء في تقرير الحكومة، حيث أوضح أن تقرير مجلس الوزراء ملىء بالمغالطات، متسائلا عن علاقة القانون الدولي بتاريخ تواجد القوات المصرية على جزيرتي" تيران وصنافير".
وأكد أنه في هذه الحالات يُرجع لما كتبه القادة العسكريون المصريون الذين تواجدوا بالفعل على هاتين الجزيرتين ودافعوا عنهما، معطيا مثالا باللواء عبد المنعم خليل، قائد الجيش الثاني أثناء حرب أكتوبر المجيدة، والذي كان قائدا لقوات المظلات أثناء حرب يونيو ١٩٦٧.
وسرد فهمي ما ذكره اللواء عبدالمنعم خليل في الصفحة رقم 79 من مذكراته "حروب مصر المعاصرة”، بأنه اُستدعى للقيادة العامة للقوات المسلحة مساء يوم ١٩ مايو ١٩٦٧ وتقابل مع الفريق أنور القاضي، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، واللواء بهي الدين نوفل نائبه، والفريق أول محمد فوزي، رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة، وكلفوه جميعا بتأمين شرم الشيخ وبإغلاق المضيق أمام الملاحة الإسرائيلية.
وفي نفس الكتاب بالصفحتين رقم 81 و 82 أكد اللواء عبدالمنعم خليل، صدور أوامر شخصية له من المشير عامر باستطلاع جزيرة تيران ووضع دورية بها للإنذار والمراقبة، واستطلع الجزيرة واختار أماكن الاستطلاع والمراقبة، وتم تعيين دورية ثابتة بقيادة ضابط ونُقلت بالهليكوبتر، مشيرا إلى أن الفصيلة المكلفة بحماية "تيران" وقعت في الأسر وسيقت لشرم الشيخ.
كما استشهد أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية، بتحقيق صحفي نشرته الصحافية مني سليم بموقع مدد، واستعانت فيه بشهادة أحد أفراد الفصيلة التي أُسرت أثناء حمايتها للجزيرة، والتي جاء بها "حسب شهادة من استمعنا لهم فإن اشتباكا تم بين الفصيلة، التي لا يزداد عددها عن ٣٢ جندي وضابط ملازم، وقوة عسكرية إسرائيلية واسعة كانت تستهدف كافة قوات سلاح المظلات المصرية الذي تم رصدها عبر طيارات استطلاع بأيام سابقة. ولم يكن ليمر الإسرائيليون إلا عبر تلك الجزيرة، لم يكن ليمروا إلا عبورًا على جسد أفراد تلك الفصيلة، وهو ما حدث ووقع اشتباك استمر لساعة كاملة، ساعة كانت كفيلة بخلق مدي زمني مناسب لسلاح المظلات المصري الموجود في شرم الشيخ للانسحاب، ودفعت الثمن بالمقابل عن قناعة بحتمية القتال والمواجهة هذه الفصيلة التي تم إغراق زورقها الأخير. استشهد ثلاث من الجنود وتم سحب البقية ومعهم قائدهم الضابط الشاب إلى شرم الشيخ".
وتابع فهمي، في مقال نشره على موقعه الرسمي:"أفهم أن تكون للتخلي عن مصرية تيران وصنافير للسعودية اعتبارات اقتصادية ومصالح عائلية، وأفهم أن يحاول النظام الضغط بكل ما لديه من قوة على الصحافيين، ونواب البرلمان، والوزراء للتسليم بسعودية الجزيرتين، وأفهم أن تكون هيئة البحوث العسكرية قد جانبها الصواب ولهثت وراء خبير في طب الأعماق لكي ترى العلم المصري مرفوعا بجانب أعلام دول الحلفاء في احتفال تلك الدول بذكرى الحرب العالمية الأولى، تلك الحرب التي لم يكن للجيش المصري فيها ناقة ولا جمل، ولكن ما لا أفهمه بالمرة أن ينشر مجلس الوزراء كتيبا ينكر فيه أن الجيش المصري دافع بالفعل عن تيران وصنافير، وأن جنودا أسروا، وأرواحا أزهقت".