قال خبراء محليون إن باكستان تلتزم سياسة الحياد والرصانة الدبلوماسية في التعاطي مع الأزمة، التي عصفت بالعلاقات بين قطر وجيرانها؛ السعودية والإمارات والبحرين، الذين اتهموا الدوحة بـ"دعم الإرهاب"، بعد أيام من مشاركة الأخيرة، إلى جانبهم، في مؤتمر "إسلامي- أمريكي" لمكافحته. وتتبنى الدولة المسلمة النووية الوحيدة هذا الموقف نظرًا لحساسية القضية، رغم قلقها من تصعيد التوتر في الشرق الأوسط، حسب ما ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، نفيس زكريا. وأكد المسؤول في بيان "عدم وجود نية لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر في الوقت الحالي". ويرى الخبراء أنه "من المنتظر استمرار حياد باكستان في سياسته تجاه هذه الأزمة، إلا أن تفاقم الأزمة المحتمل وتحولها إلى صراع إقليمي قد يحول دون حفاظ إسلام أباد على موقفها". ومنذ الاثنين الماضي، أعلنت 8 دول قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وهي السعودية ومصر والإمارات والبحرين واليمن وموريتانيا وجزر القمر والمالديف، واتهمتها بـ"دعم الإرهاب"، في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات، بينما لم تقطع الدولتان الخليجيتان الكويت وسلطنة عمان علاقاتهما مع الدوحة. ونفت قطر الاتهامات التي وجهتها لها تلك الدول، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني. السعودية وقطر شريكان اقتصاديان واستراتيجيان هامان لباكستان وقال الجنرال الباكستاني المتقاعد، طلعت مسعود إن "الموقف الباكستاني حساس للغاية، مقارنة مع أي دولة إسلامية أخرى بسبب طبيعة علاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية العميقة مع قطر والسعودية بآن واحد". بحسب الأناضول. وأضاف "مسعود" بصفته محلل مختص بالشؤون الأمنية والدفاعية أن "الدولتين هما شريكان اقتصاديان واستراتيجيان هامان لباكستان". وتابع قائلًا "حال ازدادت الأزمة سوءً وتحولت إلى صراع إقليمي في إطار سيناريوهات مظلمة، سيكون من الصعب للغاية الحفاظ على حيادنا". وفي عام 2015، تمكنت باكستان من مقاومة الضغوط الدولية للتدخل في الصراع اليمني، وذلك بعد تصويت برلماني منع البلاد من الانضمام للحرب التي تقودها السعودية رغم طلب الرياض ذلك. الدور التركي وفي أعقاب الأزمة القطرية، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إيجاد حل قبل نهاية شهر رمضان المبارك وحلول عيد الفطر. من جانبه، أعرب المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن عن حزن أنقرة لقرار بعض أعضاء مجلس التعاون الخليجي قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وفرض بعض العقوبات عليها. وأكّد قالن أنّ الرئيس التركي بدأ اتصالاته الدبلوماسية للتوسط من أجل حل الخلاف القائم بين قطر وبعض الدول العربية. كما أقر البرلمان التركي قانون يسمح بنشر جنود أتراك في قاعدة الريان العسكرية التركية في قطر، ووافق الرئيس التركي على القانون، لتبدأ تركيا خطوات فعلية في نشر قواتها هناك، والتي تقدر بـ 5 آلاف عنصر بحسب تقديرات. بالإضافة إلى فتح خط إمداد من تركيا إلى قطر بإرسال باخرة محملة بمنتجات تركية لتعويض النقص الحاصل في قطر بعد قطع الصادرات السعودية والإماراتية عنها. ولم يختلف رد الفعل الإيراني، حيث دعت الحكومة الإيرانية قطر ودول الخليج المجاورة إلى استئناف الحوار لتسوية الخلافات بينهم. وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في تغريدة أن "دول الجوار دائمة والجغرافيا لا يمكن تغييرها، الإكراه لم يكن أبدًا الحل. الحوار ضروري وخصوصا أَثْناء شهر رمضان الفضيل". وعن الموقف التركي، لفت المحلل "مسعود" أن "الخطوة الحكيمة التي اتخذتها تركيا لإرسال قوات إلى قطر، قللت من فرص تحويل الأزمة إلى نزاع مسلح". وأشار إلى أن "الرياض منغمسة بالصراع اليمني، وليست مستعدة لفتح جبهة جديدة مع تركيا وطهران". ويرى الخبير أن التواجد الأمريكي في قطر، بما في ذلك أهم قاعدة جوية للقيادة المركزية الأمريكية، يحول دون قيام الرياض بأي عمل عسكري ضد الدوحة. وفي السياق ذاته، قال إكرام سهغال، محلل أمني ودفاعي، في تصريح للأناضول، إن "دعم تركيا لقطر زاد من تعقيد القضية بالنسبة لباكستان". وأوضح سهغال، رئيس تحرير مجلة الدفاع الباكستانية الشهيرة، مقرها كراتشي، أن "موقف تركيا الداعم لقطر، جعل منها أحد أطراف الأزمة إلى جانب السعودية والإمارات وقطر، وبالتالي فإن سياسة الحياد، هي الأمثل في ظل الظروف الراهنة". كما أشار إلى قرار اتخذه البرلمان الباكستاني مؤخرًا يحث الدول المعنية فى الأزمة على حل خلافاتها من خلال الحوار. وحث القرار الحكومة الباكستانية على التوسط في الأزمة، التي قد تكون كارثية بالنسبة للأمن والاستقرار الإقليميين. باكستان ستواصل استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر وأعلنت الحكومة الباكستانية، أنها ستواصل استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر، بموجب اتفاق تم توقيعه العام الماضي، وسط استمرار الأزمة الخليجية بين الدوحة ودول عربية أخرى. ونقلت صحيفة "تريبيون" المحلية عن وزير النفط والموارد الطبيعية، الباكستاني شهيد خاكان عباسي، قوله، "إن بلاده ستستمر في استيراد الوقود من شركة (قطر غاز) المنتجة للغاز الطبيعي المسال، لتلبية احتياجاتها من الطاقة". وفي إشارة إلى الاتفاق الذي وقع بين الدوحة وإسلام أباد العام الماضي، قال عباسي للصحيفة "إنها صفقة تجارية، وستواصل باكستان استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر". ويتيح الاتفاق الذي وقع في فبراير 2016، لباكستان استيراد ما لا يقل عن 35 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال خلال 15 عامًا، بحسب الصحيفة ذاتها. وحول تأثير الأزمة الخليجية على الصفقة، قال عباسي "على حد علمنا، ليست هناك عقوبات على قطر، ولا مجال لإلغاء أو تأجيل عملية استيراد الغاز منها". وتستورد باكستان حاليًا نحو 600 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز الطبيعي المسال من (قطر غاز). ومن المتوقع أن تتضاعف الواردات خلال 5 إلى 6 أشهر المقبلة عندما يبدأ تشغيل محطة استيراد الغاز الطبيعي المسال الثانية في باكستان. - العلاقات الباكستانية الخليجية شهدت العلاقات الباكستانية الخليجية تطوراً متنامياً منذ سبعينيات القرن العشرين، حيث تدفقت العمالة الباكستانية على الخليج، وتوجهت الاستثمارات الخليجية إلى باكستان. وتعد باكستان صاحبة ثاني أكبر كتلة ديموغرافية في العالم الإسلامي، وهي ذات ثروة زراعية كبيرة، وبنية صناعية واسعة، ويد عاملة مدربة، فضلاً عن كونها سوقاً كبيراً على المستوى الآسيوي عامة. بالمقابل، تحتاج باكستان لدول الخليج، كونها مصدر أساسي للطاقة النفطية، ومستثمر إقليمي رئيسي، وسوق للسلع والأيدي العاملة، ومصدر محتمل للتسهيلات المالية. وفي السنة المالية الحالية، صدرت باكستان بضائع بقيمة 42.6 مليون دولار إلى قطر، واستوردت سلع وخدمات بقيمة 864 مليون دولار من الدوحة. وتتصدر السعودية، التي تستضيف وحدها 1.9 مليون نسمة من باكستان، قائمة بلدان العالم المرسلة للتحويلات النقدية إلى باكستان، بأكثر من 4.5 مليار دولار أمريكي سنويا، تليها الإمارات العربية المتحدة بأكثر من 3.47 مليار دولار أمريكي، حسب البنك الحكومي الباكستاني.