أكد خبراء اقتصاديون، إيجابية قرار البنك المركزي المصري بإلغاء التعليمات الصادرة بشأن الحد الأقصى المقرر للتحويل للخارج بواقع 100 ألف دولار أو ما يعادلها للعميل الواحد مرة واحدة خلال العام، والصادرة منذ 2011 عقب ثورة 25 يناير.
وأوضح الخبراء أن نتائج القرار ستكون إيجابية للمستثمرين والشركات الأجنبية نتيجة حرية الحركة فى نقل وتحويل الأموال إلى الخارج، فضلا عن العودة مرة أخرى إلى آليات الاقتصاد الحر الحقيقية كما أنه مكمل لقانون الاستثمار الجديد ويزيل العقبات أمام تدفق الاستثمارات الخارجية.
وكان البنك المركزي المصري اتخذ قرارا عقب اندلاع ثورة 25 يناير 2011، بوضع حد أقصى لتحويل النقد الأجنبي للخارج بواقع 100 ألف دولار أمريكي أو ما يعادلها للعميل الواحد مرة واحدة خلال العام، وطبق القرار على الأفراد الطبيعيين المصريين والشركات باستثناء التحويلات الخاصة بالعمليات التجارية المتعلقة بالاستيراد، ومستحقات الأجانب الناتجة عن استثماراتهم في مصر، وتحويلات الشركات الأجنبية العاملة في مصر.
انتهاء مشاكل الاقتصاد طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، قال إن قرار إلغاء القيود على تحويلات النقد الأجنبي إلى الخارج يسري اعتبارا من الأربعاء "أمس" وأصبح بإمكان المستثمرين تحويل أرباحهم إلى الخارج دون قيود.
وأضاف عامر، أن هذا الإجراء يعد بمثابة إعلان بانتهاء مشكلات الاقتصاد المصري ويؤكد على قوة الموقف النقدي لمصر ويعكس ثقة كبيرة من قيادات البنك المركزي في السياسات التي ينفذها.
وأشار عامر إلى أنه لا مخاوف على الاحتياطي النقدي من هذا القرار، حيث تجاوز الاحتياطي مستوى 31 مليار دولار لأول مرة منذ أكثر من 7 سنوات، مشيرا إلى أن الخوف لا يبني اقتصاد ويجب اتخاذ قرارات جريئة للإصلاح.
وأوضح محافظ البنك المركزي، أن القرار يأتي استكمالاً للإجراءات المتخذة من قبل البنك المركزي المصري في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي التي بدأ تنفيذها العام الماضي، ومن شأنه تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، معتبرا أن رفع هذه القيود سيسهم في جذب المزيد من تدفقات الاستثمارات الأجنبية ومدخرات المصريين في الخارج لإمكانية إعادة تحويلها للخارج دون أية قيود.
نتائج إيجابية وفى هذا الصدد قال الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادى، إن إلغاء القيود على تحويلات النقد الأجنبي إلى الخارج قرار سليم وإيجابي وكان يجب اتخاذه منذ فترة كبيرة لأن النظام الملغى كان استثنائيا ولا يجب استمراره.
وأضاف الدمرداش، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أنه لم يكن هناك مبررات لوجود النظام الملغى لأنه كان يخنق المستثمرين، مشيرا إلى أن إيجابية القرار تتمثل فى حرية الشركات والمستثمرين الأجانب حاليا فى تحويل الأرباح إلى الخارج بعدما كان هناك قيود بـ100 ألف دولار فقط.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أننا بهذا القرار عدنا مرة أخرى لآليات الاقتصاد الحر الحقيقية فهو قرار مكمل لقانون الاستثمار الجديد ويزيل العقبات أمام تدفق الاستثمارات الخارجية لأن الكل كان يتسائل كيف سيحول أمواله وأرباحه إلى الخارج فى الشركة الأم قائلا "الموضوع ده كان شكوى أساسية للمستثمرين".
التنفيذ أهم وقال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادى، إن القرار هام جدا ولكن الأهم هو كيفية تنفيذه وهل فعلا قابل للتنفيذ أم لا، لأن البنك المركزى دائما ما يصدر قرارات ولا يتم تنفيذها.
وأضاف النحاس، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن القيود التى ألغاها البنك المركزى فى هذا القرار نفسها لم تكن تتطبق حيث كان هناك إجراءات تعقيدة كثيرة تواجه أصحاب الأموال عند تحويلهم للأرباح أو الأموال للخارج وكانت البنوك تضع شروطا تعجيزية أما العملاء فضلا عن تصريحات طارق عامر محافظ البنك المركزى غالبا ما تكون للاستهلاك المحلى ولا يتم تطبيقها على أرض الواقع وكان أشهرها أن سعر الدولار سيكون بـ4 جنيهات.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أنه رغم ذلك إلا أن القرار جرئ ونتائجه ستكون إيجابية ويعطى رسالة للخارج بأن الاقتصاد المصري على الطريق الصحيح والإصلاح الاقتصادى مازال مستمرا، مؤكدا أن القرار ينهى مشكلة السياسات النقدية وليس مشكلات الاقتصاد المصري كما يدعى محافظ البنك المركزي لأن السياسات النقدية جزء من الاقتصاد.
وأشار إلى أن القرار يزيل الخوف فى الخارج من حرية حركة الأرباح والأموال من وإلى مصر كما أنه يشجع الاستثمارات الخارجية ورسالة طمأنة للشركات.
نتائج على البورصة
وقال رئيس البورصة الدكتور محمد عمران، إن إدارة البورصة تدرس بالتعاون الهيئة العامة للرقابة المالية، إعادة النظر في بعض الإجراءات المتخذة بشأن تنظيم عمليات بيع وشراء شهادات الإيداع الدولية للشركات المصرية المتداولة بالبورصات الأجنبية.
وأضاف الدكتور محمد عمران، أنه في ضوء القرار الذى اتخذه البنك المركزي المصري بإلغاء القيود على التحويلات بالنقد الأجنبي للخارج، فإنه يترتب على ذلك ضرورة إعادة النظر في القرارات التى أتخذت فى هذا الشأن من قبل البورصة عامي 2012 و2015، والتى كان هدفها منع عمليات تهريب الأموال خارج البلاد والتى كانت تتم عن طريق تحويل الأسهم إلى شهادات إيداع دولية بالبورصات الأجنبية.
وأضاف عمران أنه سيتم إعادة النظر في آلية تحويل حصيلة قيمة عمليات بيع شهادات الإيداع الدولية فى البورصات الخارجية إلى البنوك التى تخضع لإشراف البنك المركزي لتعود إلى طبيعتها ويتم تحصيلها في الأسواق التى تتم فيها عمليات البيع.
وكانت البورصة المصرية أصدرت قرارين منفصلين بين عامي 2012 و2015 بإلزام المتعاملين على شهادات الإيداع بتقديم طلبات التحويل (من /إلى) شهادات الإيداع الأجنبية للبورصة من خلال الشركات والجهات الأعضاء بالبورصة، على أن يلتزم بنك الإيداع ووكيله وأعضاء البورصة ، بمراعاة قواعد التعامل بالنقد الأجنبي الصادرة من البنك المركزي فى هذا الخصوص.
وتضمن القرار - وقتها - أنه في حالة قيام عملاء مصريين بالتحويل إلى شهادات إيداع ثم بيعها خارج مصر يلتزم أمين الحفظ المحلي بتحويل عوائد بيع تلك الشهادات لحساب العميل بأحد البنوك الخاضعة لإشراف البنك المركزي المصري وتتاح تلك القيمة بحساب العميل بذات عملة الإصدار للورقة المالية المحلية الصادر مقابلها تلك الشهادات، وفي جميع الأحوال تتم جميع تعاملات العملاء المصريين سواء بالبيع أو الشراء أو التحويلات من وإلي شهادات الإيداع من خلال أعضاء البورصة.
وفي حالة التحويل إلى شهادات إيداع تم بيعيها خارج مصر يلتزم أمين الحفظ المحلي بتحويل عوائد بيع تلك الشهادات لحساب العميل بأحد البنوك الخاضعة لإشراف البنك المركزي وتتاح تلك القيمة بحساب العميل بذات عملة الاصدار للورقة المالية المحلية الصادر مقابلها تلك الشهادات ولا يجوز لعضو البورصة التنازل عن تلك الشهادات لأمين حفظ من غير أعضاء البورصة.
انعكاس إيجابى على البورصة وقال محمد فتحي، رئيس مجلس إدارة شركة "ماسترز" لتداول الأوراق المالية، إن إلغاء القيود التي كانت مفروضة على تحويلات النقد الأجنبي للخارج، سينعكس إيجابيًا على أداء البورصة المصرية، ويجعلها أكثر جاذبية أمام المستثمرين العرب والأجانب، الذين عانوا خلال الفترات الماضية من صعوبات تحويل أرباحهم للخارج.
وأضاف فتحي، في تصريحات صحفية، أن قرار البنك المركزي بإلغاء القيود على تحويلات النقد الأجنبي، يُعد بمثابة إعلان رسمي بانتهاء مشكلات الاقتصاد المصري، في ظل الإجراءات الإصلاحية التي تتخذها الحكومة، والبنك المركزي، منذ قرار تحرير سعر الصرف، في الثالث من نوفمبر الماضي، والذي كان له أكبر الأثر على الأداء الاقتصادي والنمو.
وأوضح أن أزمة دخول وخروج أموال المستثمرين الأجانب، كانت أكبر عائق أمام المستثمر الأجنبي، والتي كانت تجعله يتردد قبل التفكير في الدخول إلى السوق المصرية، والاستثمار فيها، ولكن وبعد قرار البنك المركزي بإلغاء القيود على التحويلات، فإنه من المتوقع أن تشهد البورصة المصرية صعودًا قويًا، وتدفقات استثمارية أجنبية ضخمة، تنعكس إيجابيًا على أداء مؤشراتها.
وأكد فتحى، أن مثل هذه القرارات من شأنها أن تزيد الثقة في الاقتصاد المصري، الذي يشهد قرارات إصلاحية جرئية وغير مسبوقة خلال الأشهر الأخيرة، حيث يأتي ذلك تزامنا مع تجاوز الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي حاجز الـ 30 مليار دولار ليسجل نحو 31.1 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ ثورة يناير 2011، ويأتي أيضا بعد قيام مصر بسداد التزامات تجاه العالم الخارجي في 2017 بأكثر من 4 مليارات دولار.
وقال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن القرار يشير إلى التزام البنك المركزي بما وعد به لدى اتخاذه قرار تحرير سعر الصرف في نوفمبر الماضي، من إزالة كل القيود المفروضة على التحويلات النقدية إلى الخارج.
وأضاف أن القرار يشير أيضا إلي أن الوضع الاقتصادي في مصر على الطريق الصحيح، علاوةً على أن القرار يبعث على مزيد من الطمأنينة لدى المستثمرين الأجانب بشأن مناخ الاستثمار في مصر، في ظل ارتفاع الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة.
وأعلن البنك المركزي المصري، أن صافي احتياطي النقد الأجنبي ارتفع بنحو 2.5 مليار دولار بنهاية شهر مايو الماضي، لتمثل أكبر زيادة منذ نوفمبر 2016.
وأوضح البنك المركزي عبر موقعه الإلكتروني، أن صافي الاحتياطات الدولية بلغ 31.126 مليار دولار بنهاية شهر مايو، مقابل نحو 28.641 مليار دولار بنهاية شهر أبريل الماضي، ليسجل أعلى مستوى في أكثر من 6 سنوات.
وسجل الاحتياطي من النقد الأجنبي بذلك أعلى مستوى منذ فبراير 2011 الذي بلغ خلاله نحو 33.3 مليار دولار.
وكانت احتياطات النقد الأجنبي للبلاد 36 مليار دولار قبل ثورة يناير.
وتلقت مصر ثلاثة مليارات دولار حصيلة بيع سندات دولية بينما سددت الحكومة 750 مليون دولار من مستحقات شركات النفط الأجنبية في وقت سابق من مايو الماضي متعهدة بسداد رقم مماثل في وقت لاحق من الشهر الحالي.
حرية تحويل الأموال
وعلق الدكتور نائل الشافعى الخبير الاقتصادى على القرار بقوله "سعر الفائدة العالي على الجنيه يجذب المستثمرين الأجانب لشراء سندات مصرية، ولكنهم كانوا يتخوفون من إمكانية استعادة استثماراتهم وأرباحها بالعملة الصعبة".
وأضاف على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، "لو أودعت 100 دولار في بنك أمريكي، فستحصل على فائدة 2%، بينما لو حوّلت المبلغ إلى مصر واشتريت بهم سند خزانة بالجنيه المصري بفائدة 18%، وفي نهاية العام حوّلت المبلغ الأصلي زائد الفوائد إلى دولارات فسيكون 118 دولار، بدلا من 102 دولار لو كنت قد أودعتهم ببنك أمريكي".
وتابع "المهم هنا هو حرية التحويل إلى ومن مصر.. المواطن البسيط هو من يدفع تلك الفائدة عبر تضخم ينهش في قوت أولاده.. توقيت القرار، مع إقرار التفريط في تيران وصنافير، هو إذعان لطلبات صندوق النقد".
لمتابعة أخبار الاقتصاد اضغط هنا