«تيران وصنافير مصريتان»، صدح بها بعض أهل الفن الذين نحّوا السينما والدراما جانبا لبعض الوقت، ليرددوا تلك المقولة بكل حزم وكأنهم في أروقة السياسة والشؤون الخارجية منذ زمنٍ بعيد. الفنانون الذين قرروا الخوض في معركةٍ اختلطت فيها الأوراق وتأزمت في سياقها الأقوال، لم يشغلهم الموْسم الدرامي الرمضاني الجاري عن الحديث، لم تخطفهم التزامات التصوير في أعمالٍ درامية أو سينمائية مقبلة عن المشهد، لم يسرقهم وقتهم في ليال رمضان التي تسابق الزمن عن تلك القضية، ولكنهم حضروا بقوة في صفوف مَن أعلنوا رفضهم لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية. تفاصيلُ الرواية قديمة، لكنها أصبحت تلفظ آخر أنفاسها في فصولها الأخيرة، فمجلس النواب ــ مؤخرًا ــ أقر الاتفاقية بعد جدلٍ كبير أثير حولها منذ العام المنصرم حتى اليوم، لا زالت آثارها عالقة في أذهان الناس وفي نوافذ الإعلام، فالأمر خطير إلى حدٍ ما، إذ هو يتعلق بالأرض كما يُردد الفنانون. لا حول ولا قوة إلا بالله شريهان «الفنانة» تخلت عن ثوب الفن لبعض الوقت لتكتب وتستنكر، وتستعين بالله قائلة: «حسبي وحسب جميع المصريين في حقنا هو الله ولا حول لنا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم». أضافت «شريهان» من خلال النافذة التي لجأت إليها لتعبّر عن رأيها، حسابها على موقع التدوين المصغر «تويتر»، تقول: «14 يونيو ٢٠١٧ تاريخ لن يؤيده ولن يعترف به الكثير من المصريين ومنهم أنا». وتُذيَل تغريدتيها بـ«تيران وصنافر مصرية بالتاريخ والدم والانتماء وبحكم القضاء المصري». مش مصدق فنانٌ آخر لم يستطع أن يعزل نفسه عن الحدث، أو أن الحدث نفسه كان يستدعي الحضور، ليخرج «عمرو واكد» باحثًا عن الوطن وعن القانون وعن الدستور منتظرًا الإجابة التي لم تأتِ بعد. «عمرو» يُبدي تعجبه مما يحدث، حيث أقدم على ذلك عبر حسابه الرسمي عبر موقع التدوين المصغر «تويتر»، ليدوّن مستنكرًا: «أنا لغاية دلوقتي مش مصدق ومش مستوعب ازاي يحصل كده؟ هو احنا بقينا كده عادي يعني؟ فين القانون؟ فين الدستور؟ فين الوطن؟». تلك الأسئلة التي طرحها «واكد»، ألمح لإجاباتها المطرب «محمود العسيلي»، بطريقة غير مباشرة وغير مقصودة أيضا، لأن العسيلي كتب «أظن واضح جدًا من المناظر اللي شايفنها». إجابة غير مباشرة، يتلوها سؤال مباشر من الفنان ذاته على حسابه الرسمي عبر موقع التدوين المصغر «تويتر»: «ليه ربنا مش راضي يرضى عن البلد دي؟». ثم يأتي «الهاشتاج» المُقِر بمصرية الجزيرتين مصاحبا لهجوم حاد، فيُغرد: «مصرية ياشوية حرامية». النكسة الثانية «خيانةٌ ما بعدها خيانة» هكذا يرى الفنان «حمزة نمرة»، لكن هذا الوصف جاء قبل إقرار البرلمان النهائي، أما بعد الإقرار غيّر «نمرة» مصطلح التنديد إلى «نكسة» وفق ما قال واستنكر. الفنان كتب في تغريدته الأولى مطالبا بتصويت النواب نداءً بالاسم على الاتفاقية مغردًا: «والله العظيم خيانة ما بعدها خيانة التصويت نداءً بالاسم عشان يلحق بهم وبأسمائهم العار للأبد». «حمزة» بعد الإقرار النهائي كان أكثر حزمًا من «حمزة» قبله، إذ دوّن: «النكسة الثانية 14 يونيو 2017 باعوا الأرض، الخونة»، متفاعلًا مع الهاشتاج المنتشر: «تيران وصنافير مصرية». الهاشتاج الخاص بالأزمة المُثارة كان كافيًا للفنان الشاب، أمير عيد، للزج بنفسه في ساحة المعارضين لـ«سعودة» الجزيرتين، في أثناء مناقشة البرلمان للاتفاقية المتعلقة بهما. «أمير» خرج وكتب على حسابه الرسمي عبر موقع التدوين المصغر: «تيران وصنافير مصرية»، والتزم طريق الصمت عقبها لأنه لم يعلّق ثانية على حسابه حتى بعد إقرار البرلمان النهائي. هل يُحب الربُّ مصر؟ يرثي فنانٌ آخر حال الوطن ــ حسبما يرى ــ وكرامة مَن عليه، متسائلا عن حقيقة محبة الله لمصر، لم يجد عباس أبو الحسن سوى الكلمات التالية للتعبير عن «الهزيمة» حسب وصفه. «أبو الحسن» كتب على حسابه الشخصي عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «ثُرنا مرتين لنحفظ كرامتنا على الأرض، فضاعت كرامتنا والآن تلحق بها الأرض، هل يحب الرب مصر، هل أرانا نصرا، وكيف ذلك وقد كُتبت علينا الهزيمة تلو الهزيمة وكأنها فرض؟». انتظار كلمة المحكمة الدستورية أما الفنان «نبيل الحلفاوي» فقد ذهب إلى سيناريو ما بعد إقرار البرلمان للاتفاقية، مشددًا على ضرورة انتظار كلمة المحكمة الدستورية. يقول الحلفاوي في تغريدة على حسابه الرسمي على «تويتر» لفت في مقدمتها إلى أنه اضطر إلى كسر قاعدة عدم التواصل أثناء عرض العمل الفني، مضيفًا: «دستوريًا، حتى إن وافق البرلمان، يجب انتظار كلمة المحكمة الدستورية».
جاءت تعليقات الفنانين سالفة الذكر ردًا على إقرار البرلمان، أمس الأربعاء، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، المعروفة إعلاميًا باتفاقية «تيران وصنافير»، والتي يتم بمقتضاها نقل تبعية الجزيرتين إلى السعودية.
وكان علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، أعلن خلال جلسته العامة، موافقته على الاتفاقية، حيث جرى التصويت برفع الأيدي من قبل الأعضاء.
ويُشار إلى أن كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، أعلن أمس أن اللجنة وافقت على الاتفاقية وأحالتها للجلسة العامة للتصويت عليها.