طاعة اليهود في بعض الأمر.. أبرز أمارات النفاق

صورة نادرة للمسجد الأقصى

في آيتين من سورة محمد يبين المولى عز وجل أمارة من أمارات النفاق، هي في تقديري أبرزها وأشدها خطرا على المسلمين.

ففريق من الناس يعيشون وسط المسلمين على أنهم مسلمون، لكنهم يوالون أعداء الإسلام على حساب المسلمين، فقد حكم الله تعالى على هؤلاء بأنهم "ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى".

قال تعالى "إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم".

في الآية تشبيه لمن رجع إلى الكفر بعد الإيمان بحال من سار ليصل إلى مكان ثم ارتد في طريقه فلم يصل إلى غايته، ولما كان الارتداد هو السير إلى الجهة التي في الخلف قيل ارتدوا على الأدبار، أي إلى جهة الأدبار.

"الذين ارتدوا على أدبارهم":

يجوز أن يكون مرادا به قوم من أهل النفاق كانوا قد آمنوا حقا ثم رجعوا إلى الكفر لأنهم كانوا ضعفاء الإيمان قليلي الاطمئنان، وهو تعبير عن تصميمهم على الكفر بعد مشاركتهم المسلمين في أحوالهم في مجالس النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة معهم وسماع القرآن والمواعظ، ثم رجعوا بعد ذلك إلى أقوال الكفر وأعماله إذا خلوا إلى شياطينهم.

ويكون الارتداد على الأدبار مجازا عن الرجوع من طريق الإيمان إلى الكفر.

ويجوز أن يكون المراد به قوما من المنافقين لم يقاتلوا مع المسلمين بعد أن علموا أن القتال حق، وهذا قول ابن عباس والضحاك والسدي، وعليه فلعل المراد: الجماعة الذين تخاذلوا يوم أحد مع عبد الله بن أبي ابن سلول.

وفي هذه الحال يكون الارتداد على الأدبار حقيقة لا مجازا لأنهم رجعوا عن موقع القتال بعد أن نزلوا به فرجعوا إلى المدينة وكانت المدينة خلفهم.

"الشيطان سول لهم وأملى لهم":

التسويل: تسهيل الأمر الذي يستشعر منه صعوبة أو ضرر وتزيين ما ليس بحسن.

والإملاء: المد والتمديد في الزمان، ويطلق على الإبقاء على الشيء كثيرا، أي أراهم أن الارتداد حسن دائما.

"ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم أسرارهم"

بيان لسبب وصفهم بالردة وهو موافقتهم أهل الشرك والكفر في بعض الأمور وموالاتهم من دون المؤمنين.

والله تعالى بهذا جعل موالاة الكافرين على المسلمين علما على النفاق.

فمهما ادعى المرء من الإسلام ومهما تسمى بأسماء المسلمين، ثم تعاون مع أعداء المسلمين على طائفة من المسلمين ولو على فرد واحد فهو منافق ارتد على دبره بعد هدى.

فما بال بعضٍ في وسط المسلمين يهادنون اليهود الكافرين الغاصبين المحاربين ويعادون فريقا من المؤمنين يجاهدون في سبيل ربهم ودينهم ووطنهم.

والذين كرهوا ما نزل الله هم الذين كرهوا القرآن وكفروا به، وهم:

إما المشركون من أهل مكة وقد كانت لهم صلة بأهل يثرب فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واصلوا المنافقين منهم ليتطلعوا أحوال المسلمين، ويستعينوا بهم على تخذيل المسلمين، وقد كان لهم ذلك يوم أحد حين رجع ابن سلول بثلث الجيش.

وإما اليهود من قريظة والنضير، فقد حكى الله عنهم في قوله "ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا...".

وأيا ما كان فقد قال المنافقون ما قالوا للمشركين أو لليهود سرا فأطلع الله عليه نبيه صلى الله عليه وسلم ولذلك قال تعالى "والله يعلم إسرارهم".  

مقالات متعلقة