قال البروفيسور بول ستيفنز محلل شؤون الطاقة بمعهد تشاتام هاوس الذي يقع مقره بلندن إن "مشكلة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تتمثل في عدم إمكانية التنبؤ بتصرفاته".
جاء ذلك ضمن تصريحات أوردتها صحيفة نيويورك تايمز في تقرير بعنوان السعودية تعيد كتابة خط التوريث حيث بات نجل الملك ذو الـ 31 عاما وليا للعهد".
وإلى النص الكامل
مرسوم الملك سلمان يمكّن بشكل متزايد الأمير الشاب في وقت تعاني فيه المملكة من تراجع أسعار النفط، وخصومة مع إيران وصراعات في أرجاء الشرق الأوسط.
قرار الإطاحة بولي العهد محمد بن نايف، 57 عاما، يأتي بينما يشعر بعض أعضاء الأسرة الملكية بالغضب من صعود الأمير الشاب الذي صعد فجأة من الظل بعد تولي والده، 81 عاما، عرش المملكة في يناير 2015.
ومنذ ذلك الحين، استأثر محمد بن سلمان بسلطات هائلة في المملكة الثرية، التي تمثل حليفا مهما للولايات المتحدة، ويشغل كذلك منصب وزير الدفاع، ويشرف على شركة النفط الحكومية، بالإضافة إلى توليه مسؤولية إجراء تعديلات داخل الاقتصاد السعودي.
أنصار محمد بن سلمان يمتدحونه ويصفونه بصاحب العمل الدؤوب، ويمتدحون رؤيته لمستقبل المملكة بأنها تبعث على الأمل، لا سيما لقطاع الشباب.
لكن منتقدي ولي العهد الجديد ينعتونه بالمتعطش للسلطة وقليل التجربة.
الأمر الملكي يضع نهاية لمشوار الأمير محمد بن نايف الذي خدم كوزير للداخلية، وكان يحظى باحترام واسع النطاق من السعوديين والحلفاء الأجانب جراء دوره في تفكيك شبكات القاعدة داخل المملكة.
مراسيم الملك سلمان الأربعاء أطاحت بالأمير محمد من ولاية العهد ومنصب وزير الداخلية كذلك.
السعودية إحدى ممالك العالم القليلة الباقية، حيث يمتلك الملك كافة القرارات الرئيسية، وهو ما استغله سلمان في تمكين نجله.
الصعود السريع للأمير الشاب دفع العديد من المراقبين السعوديين إلى توقع رغبة سلمان في أن يجعل نجله الملك المقبل.
وسرعان ما تقلد محمد بن سلمان أدوارا بارزة في التعامل مع بعض أهم ملفات المملكة.
وأثناء شغله منصب نائبا لولي العهد، كان محمد بن سلمان رأس الحربة في تطوير برنامج رؤية السعودية 2013 الذي يستهدف تقليص اعتماد المملكة على النفط وتنويع موارد الاقتصاد والتحرر من بعض القيود الاجتماعية والإسلامية الصارمة.
وبصفته وزيرا للدفاع، كان محمد بن سلمان المسؤول الرئيسي عن قرار التدخل العسكري في اليمن، حيث تقود المملكة تحالفا عربيا يستهدف إقصاء المتمردين الحوثيين من العاصمة واستعادة الحكومة.
وحققت تلك الحملة تقدما محدودا رغم مرور أكثر من عامين على الحرب، كما اتهمت جماعات حقوقية السعوديين بقصف المدنيين، وتدمير اقتصاد أفقر الدول العربية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية من خلال فرض حصار جوي وبحري.
ويتخذ محمد بن سلمان موقفا صارما من إيران، حيث قال في مقابلة تلفزيونية الشهر الماضي إن الحوار مع السلطة الشيعية مستحيل متهما طهران بمحاولة السيطرة على العالم الإسلامي.
وأضاف: “نحن هدف رئيسي للنظام الإيراني"، واتهم طهران بالسعي للهيمنة على الأماكن المقدسة بالسعودية.
واستطرد: “لن ننتظر حتى انتقال المعركة داخل المملكة السعودية".
وتتخذ السعودية وإيران مواقف مختلفة في الصراعات بالبحرين وسوريا واليمن، وتسعى كل قوة لتقليص تأثير الأخرى في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط.
وتراجعت أسعار النفط الأربعاء، ليبلغ سعر البرميل حوالي 45.50 دولارا.
وعلى المدى الطويل، قد تساهم السلطات المتزايدة للأمير محمد بن سلمان داخل أكبر دولة مصدرة للبترول في العالم في إحداث تأثيرات بعيدة المدى.
وتركت الأسرة الملكية السعودية إلى حد كبير عمليات صناعة الطاقة إلى مجموعة من التكنوقراط، بيد أن الأمير محمد بن سلمان اضطلاع بأدوار أكثر مباشرة.
وبشكل خاص، وجهت إليه انتقادات بعد تقارير عن عرض عام لبيع حصة في أرامكو التي طالما دعمت الاقتصاد السعودي وأفرزت ثروات هائلة على مدى سنوات.
وعلاوة على ذلك، أعلن محمد بن سلمان قرارات أخرى تتعلق بسياسة إنتاج النفط تبدو في بعض الأحيان تستهدف التقليص المتنامي للمزيد من مسؤولي الطاقة.
بول ستيفن، محلل شؤون الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط بمعهد تشاتام هاوس قال: “المشكلة إنه لا يمكن التنبؤ بتوقعاته، وليس واضحا بعد على من يعتمد في تلقي النصائح".
ترقية محمد بن سلمان تتزامن مع وقت حرج لصناعة النفط السعودي.
قرار تخفيض إنتاج البترول الذي اتخذته منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الذي لعبت فيه السعودية دورا كبيرا فشل حتى الآن في رفع الأسعار مما ترك المملكة وغيرها من كبار منتجي النقط أمام خيارات قليلة.
مصدرو النفط الرئيسيون قد يقلصون الإنتاج بشكل أكبر، أول تعود السعودية لسياسة عام 2014 عبر السماح للأسعار بالهبوط، مما يجبر المنتجين الصغار على الخروج من السوق، وبالتالي تستحوذ على حصة مبيعات أكبر.
وأثناء صعوده للسلطة، سعى الأمير محمد بن سلمان للحصول على إرشادات ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.
بن زايد وبن سلمان عملا معا مؤخرا في تناغم لعزل قطر، متهمين إياها بدعم الإرهاب، ما تنفيه الدولة الصغيرة.
ويسعى سلمان إلى إنشاء بروفايل عام فريد لشخصه من خلال عقد مقابلات مع وسائل الإعلام الغربية، وإجراء جولات إلى الصين وروسيا والولايات المتحدة حيث التقى مع الرئيس دونالد ترامب في مارس الماضي.
السعوديون الذين يعملون معه يشيدون بمحمد بن سلمان لاهتمامه بتفاصيل الأمور وعدم الخوف من اتخاذ مخاطر وكسر التقاليد، وهي صفة نادرة في المملكة الحذرة تاريخيا.
بيد أن خطوات والده لتمكينه من السلطة تشابكت مع فروع أخرى بالعائلة وجدوا أنفسهم مهمشين لصالح أمير شاب لم يكن لديه أي تجارب عسكرية جديرة بالاعتبار أو بيزنس ملموس قبل 2015.
وفي وقت سابق، جرى تعيين الأمير خالد بن سلمان، أحد أبناء الملك سفيرا للمملكة لدى الولايات المتحدة.
وسائل الإعلام السعودية صورت القرارات الأخيرة باعتبارها تعديلات تتعلق بالنظام، قائلة إن 31 من إجمالي 34 عضوا بمجلس البيعة السعودي وافقوا عليها، مع عرض لقطات للأمير محمد بن نايف مبايعا ولي العهد الجديد.
وعين الملك سلمان الأمير غير المعروف عبد العزيز بن سعود بن نايف في منصب وزير الداخلية.
وذبلت صورة محمد بن نايف مع النمو المتزايد لابن عمه الشاب.
وقاد بن نايف حملة ضد القاعدة في المملكة السعودية منذ 10 أعوام، وامتلك علاقات وطيدة مع المسؤولين الأمريكيين والغربيين بشكل عام.
وفي 2009، أصيب الأمير بعد تفجير انتحاري نفذه مسلح جاء إلى قصره بحجة تسليم نفسه.
وقال أشخاص قابلوه مؤخرا إن تأثير الإصابة ما زالت مستمرة، لكن ليس واضحا بعد إذا ما كانت لعبت دورا في قرار إعفائه من منصبه.
رابط النص الأصلي