بعد استقالة أبو شقة من الوفد.. «بيت الأمة» في مرمى الأزمات

أبو شقة والبدوي - أرشيف

ربما احتاج مؤرخو تلك الفترة من عمر حزب الوفد العريق، لاختيار لقب آخر غير "بيت الأمة" الذي اعتاد أبناء الحزب على المباهاة به كلما ورد ذكره عند أي استحقاق انتخابي أو سياسي.

 

 

وقد يذهب بعض هؤلاء المؤرخين إلى أن الحزب الليبرالي الذي يرتبط اسمه في ذاكرة المصريين بكفاحهم لنيل الاستقلال وثورة 1919، إلى أن يطلقوا عليه "بيت الأزمات" مبررين اللقب الجديد بقائمة الأزمات التي ضربت الحزب مؤخرا، والتي ما إن تهدأ حينا حتى تعود في أحيان أخرى، تتفاوت حدتها، ويمتد أثرها في جنبات مبناه التاريخي ومساره الطويل تحت سماء السياسة المصرية وما تتلبد به من غيوم.

 

أحدث فصول أزمات أقدم الأحزاب المصرية حاليا، هي استقالة المستشار بهاء أبوشقة سكرتير الحزب ورئيس هيئته البرلمانية من كل المناصب بداخله، والتي فوجىء بها الجميع بما فيهم أعضاء الهيئة العليا للحزب كما عبروا في تعليقاتهم عليها.  

 

شواهد الأزمة

ورغم أن الهيئة العليا لـلوفد، أرجات البت في الاستقالة، باجتماعها أمس الأربعاء، إلا أن ثمة شواهد تؤكد وجود الخلاف بين أبو شقة وكثير من أعضاء الهيئتين العليا والبرلمانية.

أولى هذه الشواهد هي تبرؤ الحزب من مقترح تعديلات قانون الإسكان بفرض ضريبة إضافية على من يمتلك وحدة سكنية إضافية دون إشغال الذي قدمه أبوشقة للبرلمان.

 

حيث أعلن قيادات الحزب حينها أنهم فوجئوا بهذا المقترح ولم يعرض على الهيئة العليا، ووصل الأمر إلى تبني ياسر قورة، نائب رئيس الحزب جمع توقيعات نواب البرلمان لإسقاط هذا المقترح، الذي وصفه في تصريحات لـ" مصر العربية" وقتها، بأنه "مقترح سلبي للاقتصاد المصري ومخالف للدستور".

 

 

ومن ضمن مشاهد الخلافات بين أبوشقة وقيادات الحزب، مهاجمته لمقترح تعديل لائحة الأزهر بما يضمن تحديد مدة زمنية لتواجد شيخ الأزهر بحد أقصى 8 سنوات حيث قال حينها "الوفد يؤكد استقلالية شيخ الأزهر وعدم قابليته للعزل"، مطالبا بمزيد من الضمانات للأزهر والمشيخة تحقيقاً لرسالته السامية في نشر الدين والدعوة بمفهومها الصحيح في مصر والعالم.

كما جاء البيان المجهول الذي جرى إرساله للصحفيين من الإيميل الخاص بالحزب، عن اجتماع عاجل للهيئة العليا؛ لبحث إقالة المستشار بهاء أبو شقة من منصبه كرئيس للهيئة البرلمانية للحزب، كأحد شواهد الأزمة، وذلك رغم خرجت بعض قيادات الحزب لنفي علاقتهم بالبيان.

 

 

كما جاءت موافقة أبوشقة على تعديلات قانون تنظيم تعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية، وترويجه له، من أبرز شواهد ذلك الخلاف، حيث بدا إزاء تلك التعديلات معارضا لموقف الحزب الرافض لها، وهو ما تكرر في أزمة مناقشة اتفاقية تيران وصنافير، حيث تمسك الحزب بمصرية الجزيرتين وفق أحكام القضاء التي قضت بذلك.

 

 

كل هذه الشواهد خلقت حالة من الغضب والهجوم على أبوشقة داخل الوفد، بل إن بعض الأعضاء البارزين اتهموا أبو شقة بتأييد مواقف ائتلاف "دعم مصر" داخل البرلمان، بالمخالفة للالتزام الحزبي ومواقف الوفد.

أسباب الاستقالة

وكشفت مصادر داخل حزب الوفد، أن سبب استقالة بهاء أبو شقة هو الهجوم الذي تعرض له من داخل الحزب نتيجة لتعارض أغلب مواقفه داخل البرلمان مع رؤية الحزب.  

وأضافت المصادر لـ "مصر العربية"، أن أبوشقة تعرض للوم شديد من أعضاء بالهيئة العليا نتيجة موافقته على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية المعروفة إعلاميا بـ "تيران وصنافير"، في ظل تقدم الوفد بمستندات تثبت مصرية الجزيرتين.

 

 

وتابعت: "أصوات كثيرة داخل الحزب ترى ميل أبوشقة في مواقفه داخل البرلمان لائتلاف دعم مصر متجاوزا التزامه الحزبي".  

 

وأشارت إلى أن تصريحات أعضاء الهيئة العليا بمعاقبة كل من خالف توجه الحزب داخل مجلس النواب بشأن اتفاقية "تيران و صنافير" أغضبت أبوشقة ودفعته للتعجيل باستقالته من الحزب.

 

 

أبوشقة: الالتزام الوطني أهم من الحزبي كلام المصادر، أكده البيان الذي أصدره أبوشقة مساء أمس الأربعاء؛ لإيضاح أسباب استقالته التي أرجعها إلى ما وصفه بـ"تصرفات لم يشهدها من قبل البيت الوفدي في فترة عصيبة يمر بها الوطن”.

 

 

وقال عضو الهيئة العليا للوفد، إنه انطلاقا من مسؤوليته الوطنية وتاريخه الحزبي قرر التقدم باستقالته من الوفد، مشيرا إلى أن ما عاصره عبر حقب مختلفة مع زملائه كان محكوما دائما باعتبارين هما إعلاء المصلحة الوطنية كهدف أسمى فوق جميع الاعتبارات، والتمسك بمبادىء الوفد وتقاليده.  

 

وتابع: مبادىء الوفد كان دوما حصنا يحول بينه وبين التردي في صراعات تنحرف به عن مسيرته الناصعة وميثاقه النزيه في العمل السياسي الوطني، مشيرا إلى ان التزامه الوطني أهم وأقوى من الالتزام الحزبي ويكون الاختيار له حال وجود تعارض بينهما.

الهيئة العليا تؤجل موقفها

وعن نتائج اجتماع الهيئة العليا لحزب الوفد أمس الأربعاء قال ياسر قورة، نائب رئيس الحزب، إن  الإستقالة لم تكن مُدرجة على جدول الاجتماع؛ لأنها قُدمت لرئيس الحزب قبل انعقاد الاجتماع بساعات قليلة؛ لذلك كان قرار تأجيل البت فيها لما بعد اللعودة من أجازة عيد الفطر المبارك.

 

 

وأضاف قورة لـ"مصر العربية" أن رئيس الحزب حاول الاتصال بالمستشار أبوشقة، لكن وسائل الوصول له غير متاحة؛ لذلك كان تأجيل القرار بشأن الاستقالة لحين الجلوس معه ومناقشته فيها، مشيرا إلى أن هناك رغبة من الجميع في رفضها؛ لأن أبوشقةمن أعمدة الحزب التي لا يمكن الاستغناء عنها.

مقالات متعلقة