إذا كنت تريد أن تفهم لماذا يكره العديد من قادة العالم العربي فضائية "الجزيرة"، وبخاصة برنامج "الشريعة والحياة"، صحيفة "واشنطن بوست" اﻷمريكية سعت للإجابة على هذا السؤال في تقرير نشرته اليوم السبت.
وقالت: لسنوات، كانت تبث الشبكة اﻹعلامية الأكثر شعبية في العالم العربي برنامجا يطرح فيه المشاهدين أسئلة على "يوسف القرضاوي" رجل دين مصري والزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين. وأضافت، الناس يسألون في كل اﻷشياء، هل يحق التدخين خلال شهر رمضان؟ هل يجب على الفلسطينية ارتداء الحجاب خلال تنفيذ تفجير انتحاري؟
قبل قناة الجزيرة، كانت مثل هذه اﻷسئلة غير عادية في العالم العربي، حيث يتم التحكم في وسائل الإعلام بقوة، ولكن الشبكة المملوكة لقطر لديها حرية صحفية وطموحات استطاعت من خلالها التطرق إلى "بعض المحرمات"، كما تقدم مجموعة واسعة من الآراء أكثر من معظم وسائل الإعلام العربية.
هذه الصفات جعلتها من أكثر الشبكات شعبية في الشرق الأوسط، وجذبت أيضا الكثير من الأعداء، ويرفض الحكام في السعودية ومصر شعبية هذه الفضائية، واستعدادها لتبني آراء المعارضة، فهم لا يحبون نبرتها الإسلامية، وغاضبون ﻷن القناة تنتقدهم.
لسنوات، دعوا الفضائية للتطور، أو عدم التطرق لقضاياهم، وأغلقت السعودية ومصر والأردن مكاتب الجزيرة في بلدانهم، كما حظرت السعودية بث القناة في الفنادق، والآن تتورط قطر في حرب دبلوماسية مع مجموعة من الدول العربية، وإغلاق "الجزيرة" أحد المطالب الرئيسية.
وأوضحت الصحيفة، هناك حوالي 350 مليون عربي في الشرق الأوسط، وفي وقت مبكر من 1950 و 1960، حاولت بعض المحطات الإذاعية الوصول إلى كل هولاء، فعلى سبيل المثال، قامت مصر بنشر إذاعة صوت العرب لنشر أفكار الرئيس المصري عبد الناصر العربي.
وفي التسعينيات، بدأت العائلة المالكة بالسعودية شراء الصحف العربية، كما قاموا بتطوير محطة فضائية لمخاطبة هذا الجمهور.
ويخشى قادة المنطقة من شيئا آخر أيضا، وهو فقدان قبضتهم على المعلومات التي أصبحت متاحة للعامة، كما أوضح "شبلي تلحمي" الذي كتب كتابا عن وسائل الإعلام العربية:" هذا الإحساس المتزامن بالتهديد على الأرجح ما ألهم أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ﻹنشاء قناة الجزيرة في عام 1996، ومنذ ذلك الحين أغدق المليارات على الشبكة.
وتعرض أمير قطر حمد بن خليفة قبل عام واحد فقط، لانتقادات شديدة من الصحف التي تديرها السعودية، وأعربوا عن أملهم في أن تقدم القناة وجهة نظر مختلفة.
ولكن لكي تحافظ القناة على جماهيرها، شرعت في بث برامج تجذب الأشخاص، كما أوضح تلحمي:" تعرض المشاهدون للبرمجة، وشمل ذلك لقطات حية من سفك الدماء في المواجهات الإسرائيلية مع الفلسطينيين".
وكسرت المحطة حواجز هامة أخرى أيضا، وأرسلت الصحفيين إلى الكنيست الإسرائيلي وبثت المناقشات على الهواء مباشرة. وخلال حرب عام 2008 في غزة، كان لدى الجزيرة المزيد من المراسلين على الأرض أكثر من أي شخص آخر، وكانت المحطة الوحيدة ذات التغطية الحية.
وكتب تلحمي أيضا :"عرض وجهات نظر متعددة، بما في ذلك وجهات النظر الإسرائيلية يعود إلى التسعينيات، عندما تجرأ عدد قليل من المحطات العربية الأخرى على ذلك، وكذلك بثت أشرطة بن لادن، ووجهات النظر الإيرانية، واستضافة أو غطت الخطب والمؤتمرات الصحفية للمسؤولين الأمريكيين - بينهم وزير الدفاع آنذاك "دونالد رامسفيلد" والقادة العسكريون الأمريكيون والمتحدثون باسم البيت الأبيض ومسئولون من البيت الأبيض ووزارة الخارجية خلال حرب العراق.
وكانت هذه التغطيات نقاط بيع رئيسية، وبحلول عام 2001، أصبحت المحطة التلفزيونية العربية الأكثر مشاهدة للأخبار، وبحلول عام 2006، كان أكثر من 75 % من العرب يعتبرونها الشبكة المفضلة لديهم أو مصدر الأخبار المفضل.
أوضحت الصحيفة، إلا أن نجاح الشبكة جعلها هدفا للنقد، سواء من الخارج أو من الداخل، بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، أتهم الأميركيون القناة بإثارة الغضب والخوف من السياسة الخارجية الأمريكية، في عام 2012، اتخذت الصين إجراءات ضد الجزيرة الإنجليزية.
وحصلت الجزيرة العربية على شهرة كبيرة لدعمها جماعة الإخوان المسلمين، وكتب "هيو مايلز" مؤلف كتاب "تأثير الجزيرة"، شبكة "فوكس نيوز"، قائلا لصحيفة "تلجراف" البريطانية:" الجزيرة عربية حزبية جدا وتدعم الإسلاميين".
وأعتقد أن هذا موقف يمكن الدفاع عنه لأن هناك الكثير من الإسلاميين، وهو رأي شعبي في أجزاء كثيرة من العالم، إلا أنها غير مقبولة من دول عربية أخرى تعتبرها تحريضا و تهديدا لكنها تقدم منظورا آخر ".
وقال "سيمون هندرسون" مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن:" تعتبر الجزيرة مثيرة، وإسلامية، وعربية، لكنها تعكس اهتمامات سياسة الدوحة بأكثر من طريقة.. العديد من الحكومات العربية تفضل أن تختفي الجزيرة".
وأثارت المشاكل الدبلوماسية مخاوف بعض الصحفيين في الفضائية من أن هذا قد يحدث، وبينما أصدرت المحطة بيانا جاء فيه إن دعوات إغلاقها "ليس إلا محاولة لإسكات حرية التعبير في المنطقة"، فإن موظفيها يشعرون بالقلق من أن قطر قد توافق على إعادة هيكلة الأمور حتى تكون الشبكة أقل حرية، بعض الصحفيين الأجانب من أماكن مثل مصر أو سوريا يشعرون بالقلق من إمكانية إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.
وقال "جايلز تريندل" رئيس تحرير الجزيرة:" قد تكون هناك أمور تجري على مستويات دبلوماسية وسياسية أعلى.. لكن من جانب الجزيرة فأنني أقول فقط أننا واثقون من أننا هنا للبقاء.. ونحن ملتزمون بمواصلة عملنا والاستمرار في صحافتنا".
الرابط اﻷصلي