قال الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز إن فكرة تنفيس الغضب الشعبي من القرارات الحكومية الأخيرة، وأبرزها رفع أسعار المنتجات البترولية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمعارضة الحكومة، واعتبار أن ذلك يخدم الأهداف الإستراتيجية للنظام، سقطت في 25 يناير 2011.
وأضاف في تصريح لـ"مصر العربية": نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك ارتكز على هذه الفكرة لأكثر من عقد، وكانت ذروة التعبير عن ذلك الارتكاز في التعبير عنها عبارته الشهيرة "خليهم يتسلوا"، (قالها مبارك عام 2010 تعليقا على البرلمان الموازي الذي شكلته المعارضة ردا على تزوير انتخابات البرلمان وقتها) ثم اتضح لنا جميعا أن وسائط التواصل الاجتماعي عملت على بلورة الإحساس العارم بالغضب وحشد المشاعر والاتجاهات وصولا إلى العمل كبنية اتصالية أساسية في تنظيم الاحتجاجات".
ورأى عبد العزيز أن تنفيس الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي "لا يخدم النظام الحاكم، بل يؤطر الشعور العام بالاحتجاج والغضب ويوجد الذرائع اللازمة لنقد القرارات وتفنيدها، وهذا لا يعني التحريض أبدا ضد مواقع التواصل، ولكنه يعني أن الأنظمة في حاجة لمعالجة أدائها على الأرض بموازاة جهودها لتحسين صورتها في الإعلام".
وحذر عبد العزيز من إغلاق "السوشيال ميديا" قائلا:"إذا حدث ذلك فإن الاحتجاجات ستنتقل إلى الميدان الطبيعي بشكل أسرع".
وتابع الخبير الإعلامي البارز:"نقول للنظام إن عليه معالجة أداءه، فهناك خطأ كبير وقع فيه صناع القرار، وهو التلازم بين مشكلتين كبيرتين؛ تيران وصنافير، ورفع الأسعار، وهذا التلازم، في تقديري، ضاعف الأثر الفادح للمشكلتين معا، ولم يخفف من أثرهما، ﻷنه، في التصور العام لدى قطاعات مؤثرة في الجمهور، يبدو أن النظام يفرط من جهة، بالنسبة لتيران وصنافير، ويتغول من جهة أخرى بالنسبة لرفع الأسعار التي جاءت بآثار سلبية على الطبقة الوسطى وفقراء الناس".
وواصل عبد العزيز :"ضاعف هذا التلازم من أثر الخطأ الأكبر، والخطأ الثاني أن النظام استخدم أدوات دعائية لتسويق أفكاره عبر منصات فقدت اعتبارها بسبب انغماسها في الموالاة المفرطة وغير المدروسة، وهذه المنصات تشمل الإعلام التقليدي واللجان الإلكترونية، وإلى جانب الانغماس في الموالاة، لاتوجد كوادر سياسية تتسم بالكفاءة والجرأة الكافية للخروج على الجمهور والمحاججة والدفع لإقناع الرأي العام، فاكتفى النظام ببث رسائله من خلال الإعلام دون إطار سياسي".
وردا على سؤال بشأن وجود وسائل معينة لتقصي حركة تفاعلات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، قال عبد العزيز:"هناك في مصر عدد كبير من أدوات تقصي أوضاع السوشيال ميديا وتفاعلاتها والأجهزة المصرية المعنية تعاقدت واشترت برامج عالمية ذات قدرة على تحليل المزاج العام وتقصي التفاعلات على السوشيال ميديا وكثير من صناع القرار في مصر لديهم القدرة على اختبار حالة السوشيال ميديا وتقصي أبعادها".
وعما إذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد أصبحت بديلا لممارسة العمل العام بديلا عن السياسة بعد تراجع نشاط الأحزاب، أجاب بالقول:"نعم، فالميدياكراتيا سمة من سمات التفاعل السياسي الجاري في مصر الآن، بمعنى الحكم والمعارضة من خلال وسائل الإعلام، فالنظام ليس لديه تنظيم سياسي واضح ويستخدم الوسائط الاتصالية الإعلامية، والمجتمع المدني تم تحجيمه، والعمل السياسي الميداني أصبح محظورا في ظل الطواريء، ما يجعل المعارضة تعبر عن نفسها بالإعلام".
وزاد الخبير الإعلامي :"الحالة المثلى لمصر هي الحكم بأدوات سياسية، وأن يستخدم الإعلام كوسيط، مع وجود معارضة تعارض بأدوات سياسية وتستخدم الإعلام كوسيط، هذا الأمر لا يحدث الآن بسبب التجريف السياسي، وبالتالي تصبح المعركة في الإعلام وعادة ما يكون هذا الأمر نذر أزمات كبيرة، لذلك فالعودة إلى السياسة هي الحل الوحيد من خلال تنظيم سياسي يعبر عن الحكم وتنظيمات سياسية تعبر عن المعارضة، وحوار وتفاعل سياسي بين الطرفين تحت مظلة الدستور، بدون ذلك تصبح المعركة في الميديا وبالتالي ننتظر الفواجع".
وعن طبيعة هذه الفواجع التي يتوقعها، اختتم عبد العزيز تصريحاته قائلا:"منها المفاجآت الصادمة التي لا تكون الأطراف المعنية مستوعبة لها وبالتالي يصبح إيقاع الشارع مجهولا ثم أسرع من إيقاع المؤسسات وهذا ما أعنيه بالفاجعة، فحينما يتسلم الشارع القياد ننتظر الفواجع".
كانت مواقع التواصل الاجتماعي، وأبرزها فيسبوك وتويتر، قد شهدت موجة عارمة من الاحتجاجات المكتوبة والمصورة، ردا على قرارات الحكومة الأخيرة برفع أسعار المنتجات البترولية وأبرزها البنزين وأسطوانات الغاز.