"في علم الأزمات الدولية، يستخدم طرفٌ كل ما ملكت يداه ضد طرفٍ آخر لتقليم أظافره، لكنَّ إحدى الوسائل المستخدمة قد تنقلب عليه".. ربما يتجلى هذا الطرْح في الأزمة الخليجية، التي تتصاعد وتيرتها، ببوصلة مجهولة توجهها، وذلك فيما يتعلق بـ"قائمة الـ13"، التي وصل حد انتقادها إلى كونها تخدم الدوحة أكثر مما تضغط عليها. الأزمة الخليجية التي بدأت في الخامس من يونيو الماضي، حينما قطعت دول خليجية ثلاث "السعودية والإمارات والبحرين" ومعها مصر العلاقات مع قطر، وهي أزمةٌ هبَّت فجرًا والناس نيام، لتستفيق المنطقة ذاك الصباح على وضعٍ معقد في شرق أوسط متداخل. في إحدى ليالي تلك الأزمة، قدَّمت "رباعية المقاطعة" عبر الوسيط (الكويت)، قائمةً تضم 13 طلبًا وأمهلت قطر عشرة أيام "نهايتها اليوم" للرد عليها، لكنَّ الدوحة رفضتها في أيامها الأخيرة. مع انتهاء مهلة الأيام العشرة التي وضعتها "رباعية المقاطعة"، فرضت تساؤلات نفسها على مستقبل الأزمة بأمديها القريب والبعيد، فضلًا عن تساؤلات عما تستند إليها قطر في رفضها لقائمة المطالب.
الحدود السعودية القطرية
المطالب الـ13.. ما حوته القائمة
المطالب الـ13 نصَّت على أولًا إعلان قطر رسميًّا تخفيض العلاقات مع إيران وإغلاق الملحقيات الدبلوماسية ومغادرة العناصر التابعة والمرتبطة بالحرس الثوري الأراضي القطرية واقتصار العلاقات مع طهران على التعاون التجاري بما لا يخل بالعقوبات الأمريكية والدولية المفروضة عليها وبما لا يخل بأمن مجلس التعاون الخليجي وقطع فوري لأي تعاون عسكري أو استخباراتي، وثانيًّا غلق قطر القاعدة العسكرية التركية الجاري إنشاؤها ووقف التعاون العسكري مع أنقرة داخل الأراضي القطرية، وثالثًا إعلان قطر قطع العلاقات مع التنظيمات المتطرفة والطائفية والأيدلوجية وعلى رأسها جماعة الإخوان وتنظيم الدولة "داعش" والقاعدة وفتح الشام - جبهة النصرة سابقًا - وحزب الله اللبناني ووضعهم على قوائم الإرهاب والالتزام بحظر الكيانات التي تحظرها الدول العربية. ورد في المطالب أيضًا إيقاف كافة أشكال الدعم للتنظيمات المتطرفة المعلنة في الدول الأربعة والمدرجة على لائحة الإرهاب في أمريكا والعالم، وخامسًا تسليم قطر العناصر المطلوبة في الدول الأربعة وكذا العناصر الإرهابية المدرجة في اللوائح الأمريكية والدولية والتحفظ على أموالهم والتعهد بعدم إيواء أي عناصر في المستقبل، وسادسًا إغلاق قناة الجزيرة والقنوات التابعة لها، وسابعًا وقف التدخُّل في الشؤون الداخلية للدول الأربعة سياستها الخارجية ومنع تجنيس أي مواطن يحمل جنسيات هذه الدول أو التواصل مع أطراف معارضة الأنظمة وتسليم كافة ملفات التواصل مع هذه العناصر. وجاء فيها أيضًا تعويض الدول الأربعة عن الضحايا والخسائر الناتجة عن التدخلات القطرية على أن تحدد آلية التعويض خلال التوقيع مع قطر على هذا الاتفاق، وتاسعًا التزام قطر بالانسجام مع محيطها العربي سياسيًّا وعسكريًّا وتفعيل اتفاق الرياض الموقع عام 2013 والاتفاق التكميلي الموقع عام 2014، وتاسعًا التزام قطر بالانسجام مع محيطها العربي على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية وتفعيل اتفاق الرياض، وعاشرًا التزام قطر بتقديم كافة قواعد البيانات المتعلقة بدعم المعارضين وإيضاح كافة أنواع الدعم المقدم لهم، وإغلاق كافة المواقع والقنوات التي تدعمها قطر ومنها "عربي 21، والعربي الجديد، ورصد، ومكملين، والشرق، وميدل إيست أي". وفرضت الدول الأربع على قطر أن توافق على كافة هذه المطالب خلال عشرة أيام من تقديمها، وكذلك أنَّ الاتفاق سيتضمَّن أهدافًا واضحة وآلية واضحة وأن يتم إعداد تقرير متابعة دورية مرة كل شهر خلال السنة الأولى، ومرة كل ثلاثة أشهر خلال السنة الثانية، ومرة كل ستة أشهر خلال السنة الثالثة.
الدوحة قطر ترد.. كيف رفضت؟وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قال أمس السبت، إنَّ بلاده ترفض قائمة المطالب، وصرَّح للصحفيين في روما بأنَّ مجموعة المطالب "وُضعت لكي ترفض"، لافتًا إلى أنَّ الإنذار الذي وجهته هذه الدول للدوحة لا يستهدف مكافحة الإرهاب وإنما يتعلق بتقويض سيادة قطر. الدوحة اعتبرت أيضًا أنَّ قائمة المطالب تنافي المنطق وغير متوازنة وغير قابلة للتنفيذ، لكنَّها أكَّدت استعدادها لمناقشة "قضايا مشروعة" لإنهاء الأزمة، غير أنَّها أعادت التأكيد أنَّ قائمة المطالب تضمَّنت مطالب يستحيل تنفيذها كونها غير واقعية. وزير الخارجية القطري قال أيضًا: "لا يمكننا قطع العلاقات مع ما تسمى الدولة الإسلامية والقاعدة وجماعة حزب الله الشيعية اللبنانية لعدم وجود مثل تلك العلاقات.. ولا نستطيع طرد أي عضو في الحرس الثوري الإيراني لأنَّه لا وجود لهم داخل قطر". وبعد مباحثات مع نظيره الأمريكي ريكس تيرلسون الثلاثاء الماضي، أكَّد وزير الخارجية القطري "استعداد بلاده للتفاوض مع دول المقاطعة إذا كانت لديها رغبة حقيقية في الحوار وأدلة تدعم مطالبها". الوزير أشار إلى إنَّ "المطالب يجب أن تكون واقعيةً وقابلةً للتنفيذ وما عدا ذلك مرفوض"، معتبرًا أنَّ "ما تمَّ تقديمه من دول المقاطعة مجرد ادعاءات غير مثبتة بأدلة وليست مطالب". تصريحات الوزير القطري لم تأتِ فقط ردًا على المطالب الـ13، لكنَّها أيضًا جاءت ردًا على تصريحات وزير الخارجية السعودي الذي أكَّد أنَّه لا تفاوض مع قطر في قائمة المطالب.
وزير الخارجية القطري
ربما جاء من الدوحة ردٌ آخرٌ ولكن من وراء ستار، فأجرى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني اتصالًا هاتفيًّا مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، بعد يومين فقط من تسلم بلاده قائمة المطالب.
في الاتصال، أبدت الدوحة استعدادها لتطوير العلاقات مع طهران، وذلك خلافًا لما تطالب به "رباعية المقاطعة" التي فرضت على قطر حصارًا بريًّا وجويًّا وبحريًّا.
تميم أعرب عن تقديره لدعم إيران حكومةً وشعبًا لقطر، مشيرًا إلى أنَّ العلاقات بين البلدين كانت دومًا متنامية ومتينة، وأبدى استعداده لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات، والتعاون من أجل حل قضايا العالم الإسلامي، الذي أشار إلى أنَّه يمر حاليًّا بظروف عسيرة، وأنَّ حل مشكلاته بحاجة إلى تغليب الحكمة والحوار.
"ردٌ بقبلة" أيضًا صدر عن الأمير تميم فُسِّر ربما على أنَّه رفضٌ من بلاده للمطالب الـ13 وتمسُّكٌ بموافقها في الأزمة، فعبد الله بن حمد العذبة رئيس تحرير صحيفة "العرب" القطرية نشر عبر صفحته على "تويتر"، شريطًا مصورًا يجمع أمير قطر وبالداعية يوسف القرضاوي الذي أدرجته دول المقاطعة بقائمة الإرهابيين الـ59.
اللقاء جرى داخل قصر الوجبة في الدوحة بمناسبة عيد الفطر، وقد تبادل الرجلان حديثا وديا وهما يتصافحان بحرارة بعد أن قبّل الأمير عمامة الشيخ.
قابلت دول المقاطعة، كل تلك الردود القطرية، بتأكيدها خطورة "الأخيرة" على الأمن الإقليمي بل والدولي أيضًا، فنشرت قبل أيام عبر حسابها على "تويتر" انفوجرافيك بعنوان "قطر بين إيران ومحيطها الطبيعي،" ذكرت فيه أنَّ "وجود قطر في ذات الخانة مع النظام الإيراني دليل على ممارستها لسياسية تضر بالمنطقة والعالم".
وأضافت أنَّ "إيران هي رأس حربة الإرهاب عالميًّا وتعمل على نشر الفوضى وزعزعة أمن واستقرار المنطقة"، مؤكِّدةً أنَّ المملكة لم تعتبر قطر دولة عدوة بل تعاملت مع سياساتها العدائية التي استهدفت الأمن الوطني"، حسب قولها.
الخارجية السعودية جدَّدت موقفها بأنَّ "قرار قطع العلاقات مع قطر جاء نتيجة سياساتها العدائية ولدورها في دعم وتمويل الإرهاب والتطرف"، وأوضحت أنَّ "توقف قطر عن دعم الإرهاب من شأنه أن يحافظ على بقائها جزءًا من محيطها الطبيعي".
التصعيد.. شعار ما بعد المهلة
مع انتهاء مهلة الأيام العشرة التي وضعتها "رباعية المقاطعة"، فرضت تساؤلات نفسها على مستقبل الأزمة بأمديها القريب والبعيد، وهنا بات الحديث عن إجراءات تصعيدية يتم اتخاذها ضد الدوحة، منها مثلًا تجميد عضويتها بمجلس التعاون الخليجي وكذا جماعة الدول العربية، فضلًا عن تضييق الخناق وتشديد الحصار المفروض عليها. أحدَّ الإجراءات التي دار الحديث بشأنها أيضًا مؤخرًا هو التصعيد العسكري، لكن تباينت التوقعات بشأنه، ما بين مستبعدٍ لهذا الطرْح بداعي عوامل إقليمية ودولية، وبينٍ مؤيدٍ له ومدعى ذلك مبدأ "اطرق الحديد وهو ساخن"، بمعنى أنَّه في ظل الأزمة وهي عز أوجها فيمكن التصعيد بكل السبل حتى بدون النظر إلى العواقب.
أساسٌ تستند عليه قطر.. ماذا هو؟وإن كانت الأحاديث تدور عن مستقبل الأزمة بعد انتهاء "مهلة العشرة" والإجراءات التي ستتخذها "رباعية المقاطعة"، إلا أنَّ تساؤلات تُثار عن "الأساس" الذي ترتكن عليه الدوحة إزاء ثباتها المطبق عليها رغم الحصار المفروض عليها، الذي يقرب أن يبلغ شهرًا. يرى محللون أنَّ عوامل عدة استندت عليها الدوحة في ثباتها على موقفها، لعل منها الوجود العسكري التركي والأمريكي في قطر، وهو ما يجعل أي تدخُّل عواقبه وخيمة، إضافةً إلى أنَّ العديد من الأطراف الدولية تنظر إلى قائمة المطالب بأنَّها "غير منطقية ويصعب تنفيذها" أو أنَّها محاولةٌ من دول المقاطعة لفرض الوصاية على الدوحة أكثر من كونها محاولةً لمكافحة الإرهاب، وحفظ الأمن القومي الخليجي. وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قال إنَّ بعض المطالب التي قدمتها الدول العربية الأربع المحاصِرة لقطر مقابل رفع الحصار سيكون "من الصعب تلبيتها"، لكنَّه أكَّد أنَّ "هناك نقاطًا مهمة توفِّر أساسًا لحوار مستمر، يقود إلى حل للأزمة". وزير الخارجية الألماني سيجمار جابرييل صرَّح أيضًا بأنَّ المطالب الموجهة من الدول المقاطعة لقطر "مستفزة جدًا"، وأشار إلى أنَّه سيكون من الصعب على قطر الاستجابة لكل الطلبات المقدمة لها. وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون دعا لـ"بحث مطالبات واقعية ومدروسة بعناية لتخفيف التوتر بالخليج، وشدَّد على أنَّ "استعادة وحدة الخليج تتحقق فقط حينما يجري بحث المطالب بواقعية"، قائلًا: "من الضروري رفع الحظر والقيود التي تؤثر على حياة الناس". الأمم المتحدة انتقدت مطالبة دول المقاطعة بإغلاق قناة "الجزيرة"، ووصفت ذلك بـ"الهجوم غير المقبول على الحق في حرية التعبير والرأي". ولم يستبعد محللون كثيرون أنَّ الانتقادات الدولية لما حوته قائمة المطالب تجعل دول المقاطعة مضطرةً للتعامل بـ"مرونة أكثر" مع الأزمة وبالتالي تتغير اللهجة الموجِّهة إلى قطر ولو قليلًا، على اعتبار أنَّ التصعيد الهائل ضد الدوحة وما تسميه "الأخيرة" الحصار الذي تتعرض له برًا وبحرًا وجوًا قد يمنحها دعمًا أكثر.
وزيرا خارجيتي قطر والولايات المتحدة "مطالب جذبت التعاطف"
الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية قال إنَّ دخول دول إقليمية على الخط في الأزمة الخليجية صعَّب الأمر على دول المقاطعة. وأضاف - لـ"مصر العربية" - أنَّ المطالب الـ13 ليست لها علاقة بالإرهاب، مستدلًا بمطلب غلق قناة "الجزيرة" وكذا تقليل حجم التبادل الدبلوماسي مع إيران. وأشار إلى أنَّ هذه المطالب أخذت شكلًا من أشكال فرض الوصاية أو الإملاءات، مشيرًا إلى تصريح علي العرجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني حين قال إنَّ السعودية ليست بهذا الثقل لتفرض مثل هذه الإملاءات، وأنَّه من المستحيل تنفيذ هذه المطالب. المطالب الـ13 منحت قطر - كما يقول غباشي - تعاطفًا دوليًّا، ومن ذلك شخصيات مؤثرة في الإدارة الأمريكية وألمانيا وفرنسا، فضلًا عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوترتيش الذي يميل إلى قطر أكثر من المعسكر الآخر، حسب رأيه. وصف غباشي هذه المطالب بـ"المبالغ فيها"، غير أنَّه أعرب عن أنَّ الخوف ليس من الاستجابة لها أو رفضها بقدر ما يرتبط الأمر بأن تضطر قطر للذهاب طوعًا أو كرهًا لما أسماها "أحضان إيران وتركيا". ارتماء قطر في "الأحضان التركية الإيرانية" يرى غباشي أنَّ تُحدث جرحًا وشرخًا عميقًا ليس فقط في مجلس التعاون الخليجي ولكن في سائر الأمن القومي العربي. ميزان القوى في الأزمة يقول غباشي إنَّه بالنظر إليه من ناحية المال والعتاد فينصب في صالح "رباعية المقاطعة"، بينما صمود قطر ورفضها لهذه المطالب والحصول على تعاطف دولي في هذا الشأن يقوي من موقفها. المطالبة بغلق قناة "الجزيرة" نال الكثير من الانتقادات من قِبل عدة أطراف، وهنا أشار غباشي إلى أنَّه ليس له علاقة بالإرهاب باعتبارها قلمًا حرًا ومرآة حرةً، مؤكِّدًا أنَّه من الوارد أن توجد انتقادات لتعاطي القناة مع بعض قضايا المنطقة لكنَّ غلق القناة في حد ذاتها منح الدوحة تعاطفًا إقليميًّا ودوليًّا على نطاق واسع. بعد انتهاء مهلة الأيام العشرة ورفض قطر للمطالب، استبعد غباشي أن تلجأ دول المقاطعة إلى التصعيد العسكري، لا سيَّما أيضًا بعد تعزيز القاعدة العسكرية التركية الموجودة في قطر والدفع بقوات إضافية إلى قاعدة العديد الأمريكية. الإجراءات التصعيدية التي يمكن أن تلجأ إليها دول المقاطعة يرى غباشي أنَّها تتمثل في طرد قطر من مجلس التعاون، واصفًا هذا الطرح بـ"الجنون". وفي هذا الإطار، طرح غباشي تساؤلًا عن موقف الكويت وسلطنة عمان "تقفان على الحياد" من هذا التطور، مشدِّدًا على أنَّ القضية لا تقتصر فقط قطر والإمارات والسعودية والبحرين بقدر ما ترتبط بكل دول مجلس التعاون.
أمير قطر تميم بن حمد الانقلاب.. هل الطرْح وارد؟
السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق قال إنَّ قطر استندت لما أسماها "عدم مشروعية" المطالب الـ13، ما جعل موقفها أمام العالم تظهر في موقف الضحية، ما يكسبها قوةً. وأضاف - لـ"مصر العربية": "دول المقاطعة طالبت قطر بغلق قناة الجزيرة في وقتٍ يدعو فيه العالم لمزيدٍ من انفتاح الإعلام وحرية الرأي، وهذا ما يعطي مصداقية للموقف القطري بغض النظر عن كون الجزيرة جيدة أم سيئة". وتابع: "فرض الحصار برًا وبحرًا وجوًا بدون أن تكون هناك حرب شنَّتها قطر على هذه الدول يثير العديد من التساؤلات لدى المجتمع الدولي، وهذا أيضًا يعطي الدوحة قوةً في الموقف من الناحية الأخلاقية والقانونية". مرزوق أشار أيضًا إلى أنَّ قطر لديها أكبر قاعدتين عسكريتين في المنطقة "السيلية والعديد"، ما اعتبره سببًا لعدم استطاعة دول المقاطعة على شن عملية عسكرية ضد قطر، ما أعطاها قوةً أيضًا في موقف. التحالف مع تركيا ووجود قوات لها في الدوحة سببٌ وضعه السفير السابق أيضًا لتصميم واستقرار قطر على موقفها وعدم قبولها بالمطالب الـ13. ورأى أنَّ الأزمة تكمن في المبالغة بهذه المطالب، معتبرًا إذا ما كانت دول المقاطعة قد وضعت شروطًا أقل مما وضعته لكان بالإمكان تنفيذها، متابعًا:"إذا ما وُضعت شروط تعجيزية يعني ذلك كأنَّك تطلب من الدولة التي تقدم لها هذه الشروط أن ترفض". بعد رفض الدوحة وانتهاء مهلة الأيام العشرة، استبعد مرزوق أن تلجأ دول المقاطعة إلى التصعيد العسكري ضد قطر، مشيرًا إلى أنَّه أقصى ما يمكن حدوثه هو "انقلاب" على إدارة تميم بن حمد. عن طرْح الانقلاب، يقول السفير السابق: "الانقلاب فكرة واردة، لا سيَّما أنَّ العروش في منطقة الخليج كلها عبارة عن تربيطات أسرية وعائلية، وربما يتم عن طريق أجهزة المخابرات ترتيب انقلاب أبيض داخل القصر القطري، وقد يكون ذلك بمثابة ترضية للأطراف التي قدَّمت المطالب لقطر". وأضاف: "هذا الانقلاب قد تتداخل فيه دول الخليج لتحقيق مصالحها أو من خلال الأسرة الحاكمة". هذا الطرْح إن تحقَّق، يرى مرزوق أنَّ "الجميع سيرتاح"، لا سيَّما الشعب القطري لرفع الحصار على اعتبار أنَّ الانقلاب سيراعي السياسات العربية المتعمدة، لافتًا إلى أنَّ أي نظام جديد قد يقلِّم أظافر "الجزيرة" إن لم يقم بإغلاقها من الأساس. ومضى يقول: "هذا الانقلاب سيكون بمثابة إنجاز للأنظمة الخليجية التقليدية القائمة حاليًّا، وسيكون انتصارًا لهم".