ترغب السعودية في إغلاق شبكة الجزيرة القطرية، لكن منتقدين يرون أنهم يرغبون ببساطة في إسكات صوت معارض.
مجلة ذا ويك البريطانية الأسبوعية أوردت تقريرا في هذا الشأن طرح التساؤل التالي "الجزيرة.. منبر لحرية التعبير أم صوت للمتطرفين؟
وإلى النص الكامل
منح قادة الخليج قطر مهلة جديدة للاستجابة لقائمة المطالب مقابل حل الأزمة الدبلوماسية في الشرق الأوسط، لكنهم وجدوا أنفسهم "تحت خط النار" لدعوتهم لغلق الجزيرة والقنوات التابعة لها.
ائتلاف من الدول بقيادة السعودية يتهم الدوحة بإيواء جماعات يعتبرونها منظمات إرهابية، ومنحها منصة للتعبير عن آرائهم في الشبكة الإخبارية التي تمولها قطر.
وكانت قائمة مؤلفة من 13 شرطا قد سُلمت إلى قطر كإنذار نهائي ينبغي الالتزام بها مقابل رفع العقوبات المفروضة في وقت سابق.
غلق الجزيرة كان من بين أكثر القضايا التي أثارت نقاشا في الإعلام.
هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" قالت: “دول الخليج ومصر طالما اتهمت الجزيرة بتوفير منصة للحركات الإسلامية وتشجيع الانشقاقات".
وبالمقابل، رأت صحيفة الجارديان أن التهديدات بغلق الجزيرة تمثل انتهاكا لحرية التعبير.
وأضافت: “قبل بدء ظهور الجزيرة كانت الأخبار التلفزيونية العربية مجرد هراء ديكتاتوري".
لكن السؤال، هل تمثل القناة الإخبارية تهديدا، وهل ستتعرض للإغلاق؟
ماض متقلب
أنشئت شبكة الجزيرة عام 1996، لكن بزوغها العالمي بدأ مع بثها رسائل فيديو مصورة لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.
ومنذ ذلك الحين، لم تشهد شبكة الجزيرة لحظة سلام.
وفي 2002، سحبت السعودية سفيرها لدى قطر بعد أن بثت الجزيرة تغطية ناقدة للعائلة المالكة، واستمر القرار حتى 2007.
وشهدت فترة حرب العراق زيادة ملحوظة في التوترات بين "الجزيرة" والحكومة الأمريكية خلال فترة إدارة جورج بوش الابن.
وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد وصف تغطيتها للضحايا المدنيين أثناء معركة الفلوجة بأنها "هراء مشين"، وفقا لما نقلته شبكة سي إن إن آنذاك.
الاستقلال السياسي للشبكة كان محل نقاش متزايد عام 2010، عندما تدخل مدير الأخبار بالشبكة لإجبار الجزيرة الإنجليزية على إبراز خطاب أمير قطر أمام الأمم المتحدة في مناقشة حول سوريا.
وقالت الجارديان إن ذلك التدخل كان "مر المذاق" بالنسبة للعاملين، لا سيما أن الشبكة تصر أنها تعمل على نحو مستقل بعيدا عن القيادة القطرية.
وفي أعقاب الربيع العربي، شوهدت الجزيرة في مصر على أنها منصة للإخوان المسلمين وصعودهم إلى السلطة في المنطقة، بحسب نيويورك تايمز.
وفي 2014، سجنت السلطات المصرية ثلاثة من صحفيي الجزيرة 10 سنوات بتهمة التعاون مع "منظمة إرهابية" في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وكتبت رويترز: “صورة الجزيرة كمدافعة عن مهضومي الحقوق تغيرت على مدار الربيع العربي".
وتابعت: “تغطيتها جذبت اتهامات من بعض المشاهدين مفادها أن الشبكة تدعم الإخوان المسلمين أكثر من الجماعات المعارضة الأخرى التي تعمل لإسقاط الحكام المستبدين في تونس ومصر وليبيا".
لكن رامي خوري، من الجامعة الأمريكية ببيروت علق قائلا: “تغطية الجزيرة للربيع العربي كانت شديدة العمق وواسعة النطاق ومستمرة وساعدت على تحفيز إحساس بين عامة الشعب في أنحاء العالم العربي بمشاركتهم مظالمهم، وإمكانية فعل شيء ما حيالها".
ماذا يقول منتقدو الجزيرة؟
بعد ساعات من قطع السعودية كافة العلاقات الدبلوماسية مع قطر في يونيو الماضي، أغلقت مكتب الجزيرة في الرياض وألغت رخصتها.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية: “فإن القرار يأتي في أعقاب ترويج الجزيرة لمخططات جماعات إرهابية، ودعمها لميليشيات الحوثيين في اليمن، ومحاولة شق الصفوف داخل السعودية والإضرار بسيادتها"، وفقا للعربية.
وأعقب ذلك إصرار السعوديين على ضرورة إغلاق شبكة الجزيرة بما في ذلك مقرها الأساسي في قطر.
وبالرغم من أن الخطاب السعودي ضد الشبكة أدهش الكثيرين، فإن الخطوة ربما كانت منتظرة منذ وقت طويل.
وتصف الجزيرة نفسها باعتبارها معقلا لـ "حرية التعبير" في منطقة تعج بالرقابة الإعلامية وسيطرة الدولة المبالغ فيها، ولكن في سعيها المزعوم للاستقلال التحريري، أحدثت إزعاجا على مدى الطريق"، بحسب سي إن إن.
وأردفت سي إن إن: “لقد خلق ذلك أعداء من الرياض إلى القاهرة جراء انتقادها للحكومات العربية وتغطيتها للرئيس المصري المخلوع محمد مرسي، العديد من الحكومات العربية قد تفضل ببساطة اختفاء الجزيرة".
لماذا الآن؟
لم تواجه الجزيرة من قبل تهديدا بإغلاقها، بالرغم من سنوات الانتقادات، وسط اتهامات مفادها أن حكومات دول الخليج تستغل الحملة المشددة ضد قطر كذريعة لإغلاق الشبكة.
هيو مايلز كتب في صحيفة الجارديان إن الجزيرة حوصرت في نيران هذا الصراع الدبلوماسي لأنها "رمز قوي لقطر والمظهر الأكثر وضوحا لصناعة القرار في تلك الدولة حتى رغم إصرار الشبكة الإخبارية على استقلالها عن الدوحة".
ماذا سيكون رد الفعل؟
لم تعلق الجزيرة بشكل علني على طلب الدول المتحالفة، لكن الجزيرة نشرت خطابا مفتوحا ينتقد الدعوة إلى إغلاقها.
وقال الخطاب: “بالنسبة لهؤلاء الذين يطالبون بإغلاق الجزيرة، وكبح حق الناس في التعبير، لدينا مطالب أيضا. نطالب أن يكون الصحفيون قادرين على أداء وظيفتهم بحرية بمنأى عن أي تخويف أو تهديد، نطالب باحترام تنوع الأفكار والآراء".
"مؤشر الرقابة"، تلك المنظمة التي تعمل على إرساء حرية التعبير غردت قائلة: “مطلب الدول العربية بإغلاق الجزيرة يستهدف تقليص حرية الإعلام في منطقة الخليج، لا ينبغي أن تكون حرية الصحافة وسيلة مقايضة".
القرار المنتظر بشأن الجزيرة ليس واضحا، هناك مخاوف من إمكانية أن تدرس قطر غلق الجزيرة لتخفيف أضرار العقوبات السعودية الأشد قسوة.
ونقلت سي إن إن عن سلطان القاسمي، المحلل الإقليمي البارز قوله: “من المحتمل أن تكون الإشارة الأولى لحسن النية من أمير قطر هي إغلاقه الجزيرة بالكامل، وقد يحدث ذلك خلال شهور إن لم يكن أسابيع".
مايكل ستيفنز، الباحث بمعهد "رويال يونايتد سرفيسيس" الذي يقع مقره بلندن قال إنه إذا لم تغلق الجزيرة، ربما تكون هناك بنود جادة حول القضايا التي يمكنها تغطيتها".
كافة العيون الآن تتجه صوب الدوحة لإصدار بيان رسمي.
ولكن مهما كان البيان، فقد وجه ستيفنز تحذيرا صارخا لقراء نيويورك تايمز بشأن مستقبل قطر والجزيرة قائلا: “أشعر بالقلق الشديد من عدم وجود أي سبيل للتهدئة".
رابط النص الأصلي