انتهت مباحثات وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون مع وزراء خارجية الدول الأربع المقاطعة لقطر ،السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في مدينة جدة السعودية، دون التوصل إلى حل للأزمة الحالية المستمرة منذ أكثر من شهر. وأعلنت وكالة الأنباء السعودية، أنه جرى في جدة "بحث الأزمة مع قطر بكل جوانبها"، في اجتماع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ووزير خارجية مصر سامح شكري، وخالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية البحرين، ووزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات أنور بن محمد قرقاش، ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء الكويتي محمد المبارك الصباح مع وزير الخارجية الأمريكي.
وتم خلال الاجتماع التشاور وتبادل وجهات النظر والتنسيق حيال آخر التطورات والمستجدات المتعلقة بقطع العلاقات مع قطر، والسبل الكفيلة بالقضاء على الإرهاب وكل من يدعمه ويموله. وأعرب وزراء الخارجية عن تقديرهم للمساعي المخلصة والجهود الدؤوبة التي يقوم بها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، من أجل أمن واستقرار المنطقة. كما أكدوا ضرورة استمرار التنسيق المشترك إزاء قضايا المنطقة وفي صدارتها الحرب ضد الإرهاب التي باتت ضرورة تستوجب بذل كل الجهود الممكنة للقضاء على هذه الظاهرة، التي تتفاقم مخاطرها وتتنوع أشكالها وصورها ما يفرض مواصلة العمل من أجل القضاء على مسبباتها وتجفيف منابع تمويلها.
وعقد تيلرسون اجتماعا منفصلا مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، لبحث التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.
وقالت وكالة "واس" السعودية ان بن سلمان أعرب أثناء استقبال تيلرسون عن سعادته بما اعتبره "تعاونا مستمرا بين البلدين" وتعهد بـ "العمل على تعزيزه وزيادته".
واعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري أن "التوصل إلى تسوية لهذه الأزمة يظل رهنا بتفاعل قطر الإيجابي مع هذه المطالَب (المقدمة للدوحة) وتوقفها عن دعم الاٍرهاب والجماعات الإرهابية".
وقال وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، إن "زيارة تيلرسون لن تحل الخلاف على الأرجح".
وأضاف أنها "ستهدئ التوترات لكنها ستؤجل فحسب المشكلة التي ستتفاقم في المستقبل".
وفي الدوحة، وقّع تيلرسون مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مذكرة تفاهم لتعزيز مكافحة تمويل الإرهاب.
ووصفت الدول العربية الأربع المقاطعة لقطر، توقيع اتفاق الدوحة وواشنطن لمكافحة تمويل الإرهاب بأنه "خطوة غير كافية"، مشددة على أنها ستراقب عن كثب مدى جدية السلطات القطرية في تنفيذ ذلك.
وقالت الدول الأربع في بيان مشترك، إن عقوباتها ستظل قائمة إلى أن تنفذ "الدوحة" كامل مطالبها، كما أنها ستراقب"«عن كثب مدى جدية السلطات القطرية في مكافحتها لكل أشكال تمويل الإرهاب ودعمه واحتضانه".
وعاد تيلرسون الأربعاء إلى الكويت، التي تلعب دور الوساطة دون الإدلاء بأية تصريحات حول نتائج المباحثات.
خميس الحسم
ومن المقرر أن يعود تيلرسون إلى قطر، اليوم الخميس، لمواصلة مباحثاته مع المسئولين القطريين وإطلاع أمير قطر، تميم بن حمد، على وجهات النظر التي جرى تبادلها في الاجتماع الوزاري بجدة.
ويبدو أن الخميس سيكون حاسماً في الأزمة القطرية، إما أن يعلن الوزير الأمريكي عقب لقائه مع الأمير القطري، حل الأزمة، وتقرّيب وجهات النظر، أو تنفتح الأزمة دولياً
وكانت فرنسا قد دخلت على خط الأزمة باعتبارها وسيطاً أوروبياً، إذ يجري وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، جولة خليجية يومي السبت والأحد، للدعوة إلى تهدئة سريعة "لهذه الأزمة غير المسبوقة بين قطر وجيرانها".
وتشمل الجولة قطر، والسعودية، والكويت، والإمارات. ويعد الوزير الفرنسي هو الرابع من الغرب الذي يزور المنطقة لمحاولة التهدئة، بعد زيارات وزراء خارجية ألمانيا، وبريطانيا، وأمريكا.
طريق مفتوح
واعتبر كريستوفر ديفيدسون، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة درم البريطانية ان إصرار قطر على رفض مطالب الدول المقاطعة ، باعتبار أن المقاطعون "استخفوا بقدرة قطر في مواجهة الأزمة، وقدرتها على جر لاعبين إقليميين كبار بينهم إيران وتركيا إلى الخلاف سريعاً".
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن كريستوفر، قوله، إن هذا الأمر يمنع أي تحركات ميدانية يمكن أن تقدم عليها الدول المقاطعة، ويرسخ إستراتيجية اقتصادية على المدى البعيد تقوم على دفع الاقتصاد القطري للنزيف في وقت تشهد الإمارة حملة اعمار ضخمة تحضيرا لاستضافة مونديال 2022.
ويرى محللون غربيون، أن الأزمة قد تطول، ما دفع "الدوحة" للاتجاه إلى إيران وتركيا بحثاً عن بديل مؤقت.
وحذرت وزارة الخارجية الأمريكية في وقت سابق، من أن الخلاف قد يطول، وربما يستمر لأشهر.
ويقول كريستيان أولريشسن، الخبير في شؤون الخليج في معهد بيكر الأميركي: "أعتقد أن الأزمة تسير في طريق مفتوح"، واتفق معه المحلل السياسي في كلية كينغز في لندن أندرياس كريغ: "من الصعب توقع نهاية الخلاف في المستقبل القريب، إذ لن يكون هناك رفع للعقوبات قريبا، ولا أستطيع أن أرى ذلك يتحقق"، وفق تصريحاته لوكالة الأنباء الألمانية. وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد أكدوا استمرار العقوبات على قطر حتى تلبي مطالبهم الـ 13، التي تشمل إغلاق شبكة الجزيرة الإخبارية وتقليص العلاقات مع إيران وإغلاق القاعدة العسكرية التركية في الدوحة.
وتقدم وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، بشكوى رسمية لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، يوم الأربعاء، اتهم فيها قناة الجزيرة بدعم الإرهاب والطائفية ومعاداة السامية.
و تنفي الجزيرة هذه المزاعم وتقول إنها تفسح المجال لمختلف وجهات النظر، كما تلقى الشبكة تأييدا ملحوظا من مختلف المنظمات والهيئات الإعلامية في العالم.