«صفحات من الشورى».. صورة لواقع التنمية في عمان خلال 30 عامًا

غلاف كتاب "صفحات من الشورى"

"كتابة التاريخ، من أهم مجالات الكتابة في تراثنا العربي، لكنها تراجعت كثيرًا في عصرنا الراهن، والتاريخ كما هو معروف ليس فقط التاريخ السياسي للدول، لكن كل منحى من مناحي الحياة يمكن أن يؤرّخ له، وهذا ما نفتقده كثيرا في عالمنا العربي"…

 

من هذا المنطلق، فرد الباحث والكاتب العُماني "سعود الحارثي" سطور كتابه الجديد "صفحات من الشورى.. ذكريات ثلاثة عقود" الصادر مؤخرًا عن الآن ناشرون وموزعون، في عمّان، للتأريخ لشتى مناحي الحياة. ويغوص الكاتب سعود الحارثي، في هذا البحر الزاخر من تجربة الشورى الحديثة في عُمان، ليحلل ويوثق وينقد الأحداث. ويتحدث المؤلف عن كتابه، ويقول:" إن هذا الكتاب ليس بحثا أو دراسة متخصصة تسعى إلى قراءة وتقييم مسيرة الشورى وصلاحياتها وأدائها وإنجازاتها خلال مرحلة من المراحل التاريخية، وإنما يتضمن ذكريات متناثرة ومتباعدة وغير مرتبة زمنيا أو موضوعيا؛ عن أحداث ومواقف ومحطات وشخصيات عايشتها خلال تلك الفترة وأثرت بشكل أو آخر في حياته العملية أو في دور المؤسسة وما تركته من انطباعات ورؤى شخصية ومبادرات فكرية للإصلاح، قد تسهم في القراءة المتعمقة لماضي مسيرة الشورى وربما للإسهام في رسم صورة مستقبلها".

 

يقدم الكتاب قراءة وتحليل من داخل مجلس الشورى، ويستعرض دور عدد من الشخصيات التي أثرت في مراحل تطور ممارسة الشورى بشكلها المؤسسي الحديث في السلطنة، أو التي أثرت من خلال موقعها في الحكومة على هذه الممارسة سلبا أو إيجابا، سواء أكانت هذه الشخصيات من أعضاء المجلس وموظفيه أم من أعضاء الحكومة، ولأنه يقدّم صورة لواقع التنمية بمختلف مجالاتها في السلطنة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. واعتمد الكاتب في كتابه على الكثير من المستندات والوثائق، متمثلة في محاضر اجتماعات المجلس واللجان، الدراسات والتقارير التي ينجزها المجلس، الرسائل الرسمية والتعميمات الإدارية، مما يجعل هذه القراءة مستندة إلى الدليل والبرهان والتوثيق، وليست مجرد ذكريات فحسب. وعن الكتاب، يقول الخبير القانوني السابق بمجلس الشورى "إبراهيم محمد": "ما سطّره "سعود" واجتهد فيه كان نتاج المثابرة الوثيقة والصبر والتعب المضني؛ على جمع المواد الرسمية منها والانطباعية، وتتبع رصد الأحداث بمصداقية متجردة لتخرج في هذا الثوب القشيب، وتصبح منهلاً للباحثين وأصحاب الدراسات العليا من أبناء هذا الجيل في عُمان والأجيال القادمة". وأشار إلى أن كتاب "صفحات في الشورى" ستساعد الباحثين في التوصل إلى النتائج التي ينشدونها لتُبنى عليها مخرجات أعمالهم عن تجربة الشورى في عُمان بصورة مطمئنة تحوي الإنجازات والإخفاقات على أسس موضوعية و حقائق بينة، إرساءً لمبدأ التدوين والتوثيق لجزئية هامة من تاريخ عُمان ستذكرها له الأجيال القادمة". وفي مقدمة الكتاب، رصد راشد بن حمد الغافري؛ الأمين العام المساعـد للجلسات والدعم البرلماني تطور نظام الشورى تاريخيًا في عُمان، كما قدّم شهادته عن المؤلف والكتاب، قائلًا: "الكاتب أصيل في رسالته، عميق في توثيقه لأفكاره، عذب في أسلوبه السردي للأحداث والوقائع مع قوة حجته، ومنطقه في الطرح الذي لا أجده يبعد كثيراً في منهجه التأصيلي الذي يسير عليه كثير من المؤرخين السياسيين الكبار في توثيقهم للأحداث والمواقف وقدرتهم على تذكرها. وتابع: "اتسم الكاتب بالمهارة العالية في عرضه للأحداث، والمواقف، وتأطيره لموضوعاتها، وإيقاعاتها الزمنية". وأضاف:" إقدام الكاتب وتجاسره وعلو منطقه وقدرته على الاقناع والدفاع عن رؤيته ومواقفه في كثير من الأمور السياسية والاقتصادية والقضايا المجتمعية وعلى المستويين المحلي والخارجي، وكذلك صلابة موقف الكاتب ورباطة جأشه. ويرى أن الكتاب في حقيقته إسهام وإثراء حقيقي للمكتبة العُمانية، سوف ينهل من معينه الباحثون، والمتخصصون بالقدر الذي يجد فيه بقية القراء ضالتهم، وفصوله الجامعة الشاملة لكثير من محطات مسيرة الشورى ومراحل تطورها. ومن جهته، أوضح كمال الدين قرشي عمر، الخبير الاقتصادي السابق بمجلس الشورى، أن الكتاب يتفرد في الجوانب والزوايا التي ركز عليها، والتي تمحورت في ذكريات التجربة الشخصية للكاتب إبان حياته العملية التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً بمؤسسة الشورى بمرحلتيها (الاستشارية و الشورية).

 

ويشير إلى أن الأهمية القصوى لهذا الكتاب تكمن في كشفه، وربما لأول مرة بهذا التفصيل، للدور (المؤثر) لمجلس الشورى فيما يعرف بأحداث عام 2011م، ووقفته واصطفافه الى جانب المطالب الأساسية التي طالب بها المعتصمون أمام بوابة المجلس وغيرها من المواقع، ووجدت استجابة من لدن سلطان البلاد. كما يقدّم الكتاب تحليلًا للتطور القانوني للتشريعات ذات العلاقة بعمل المجلس، والتطور والتدرج في منح الصلاحيات الرقابية والتشريعية، ومدى تجاوب المجلس وممارسته لهذه الصلاحيات. وسعود بن علي بن عبدالله الحارثي، عمل نائباً للأمين العام المساعد للجلسات والدعم البرلماني الأسبق بمجلس الشورى العُماني، له مقال أسبوعي بصفحة الرأي بجريدة الوطن العُماني، وجريدة لوسيل القطرية، وقد نُشر له ما يقارب الألف مقال في مجالات عديدة. صدر للكاتب سعود الحارثي، عدد من المؤلفات، منها:"من زنجبار إلى دار السلام"، "الشورى عقود من الذكريات الجميلة"، "مقالات في الثقافة والفكر"، "أرض عُمان مشاهدات وخلاصات"، و"الشورى والتطلعات المجتمعية".

مقالات متعلقة